السياسي – قال الصحفي البريطاني المعروف ديفيد هيرست إن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بات يفقد مزيدا من الأوراق بعد وقف إطلاق النار في لبنان.
وفند هيرست في مقاله في موقع “ميدل إيست آي” انهيار أو انكسار حزب الله بالرغم من كل الضربات التي تلقاها.
وأكد أن “إسرائيل” لم تستطع نزع سلاح حزب الله، أو إيجاد منطقة عازلة في جنوب لبنان.
وقال إنه “بدلاً من إيجاد منطقة عازلة، أمضت القوات الإسرائيلية الغازية شهرين وهي موحلة على الحدود، غير قادرة على الاختراق أو على احتلال مواقع تزيد عن أربعة كيلومترات داخل لبنان”.
وأكد هيرست أن القرءاة الخاطئة للشرق الأوسط وأن إيران باتت مكشوفة تغري نتنياهو لتحويل انتباه ترامب نحو الحاجة إلى مهاجمة إيران، وذلك جريا على عادته في الهروب من المشاكل.
وفيما يلي نصل المقال مترجما:
عندما قتل أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، باستخدام عشر قنابل خارقة للاستحكامات ألقيت على طابق محصن على عمق ستين قدماً تحت الأرض، خرج الناس إلى الشوارع في إسرائيل يحتفلون.
انبعثت من إحدى المباني السكنية في تل أبيب أغنية تقول كلماتها: “يا نصر الله، سوف نقضي عليك، إن شاء الرب، وسوف نعيدك إلى الرب مع حزب الله بأسره”.
وجاء إعلان المنقذ للسابحين على النحو التالي: “بكل سرور وابتهاج وإشادة، نعلن رسمياً أن الفأر حسن نصر الله تم اغتياله بالأمس. يعيش شعب إسرائيل”. وانسجاماً مع ما ساد من انطباع في ذلك الوقت، خرجت مجلة “ذي سبيكتاتور” لتعلن: “نصر الله مات وحزب الله انكسر”.
فقط بعد شهرين، غدا المزاج في إسرائيل مختلفاً جداً. قبل أحد عشر يوماً فحسب، قال وزير الدفاع إسرائيل كاتز إن الهدف كان نزع سلاح حزب الله وإيجاد منطقة عازلة في جنوب لبنان.
لم يتمكن الجيش من تحقيق أي من الهدفين، والإسرائيليون يعلمون ذلك.
لدى سؤالهم في استفتاء أجري بعد أربعة عشر شهراً من القتال “من الذي انتصر”، قال 20 بالمائة من الإسرائيليين المستطلعة آراؤهم إنهم يعتقدون أن إسرائيل هي التي انتصرت، بينما قال 19 بالمائة إن حزب الله هو الذي انتصر. وقال 50 بالمائة من الناس إن القتال سوف ينتهي بدون أن يحقق أي من الفريقين فيه نصراً واضحاً، بينما قال 11 بالمائة إنهم لا يعلمون.
لقد أطلق على العملية التي قتل فيها نصر الله اسم “النظام الجديد”. وتكريساً لسردية النصر، تهيمن اليوم أسطورة مفادها أن حزب الله تحطم وتضاءل بعد 13 شهراً من الحرب. وخرجت “نيويورك تايمز” بكل ثقة لتعلن أنه بعد أن تم إضعافه وعزله، غدا حزب الله في أمس الحاجة إلى وقف لإطلاق النار.
تسريبات قاتلة
لا ريب أن قيادات الصف الأول والثاني في حزب الله قد هلك جزء كبير منها. وما من شك في أن أجهزة المناداة والاتصال اللاسلكي المزروعة بالمتفجرات كانت مدمرة، ولكن فقط للناس الذين كانت هذه الأجهزة بحوزتهم، وكانوا من الإداريين وأصحاب المهام السياسية. إلا أنه هذه الأجهزة لم تكن تستخدم من قبل المقاتلين.
كانت أكبر صدمة تقوض الإحساس بالثقة داخل المنظمة هي التسريب الاستخباراتي الذي تسبب في مقتل خليفة نصر الله المفترض هاشم صفي الدين، وذلك في ضربة إسرائيلية قوية لقاعدة سرية تحت الأرض تابعة لحزب الله يوم الثالث من أكتوبر (تشرين الأول).
يعتقد بأن صفي الدين قتل خلال دقائق من وصوله إلى اجتماع لمجلس شورى حزب الله. كانت الضربة في غاية القوة لدرجة أنها دمرت أربعة مبان سكنية ضخمة.
مازالت النظريات حول كيف تمكنت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية من تحقيق هذا الاختراق تتأرجح ذهاباً وعودة بين لبنان وإيران، بين حزب الله والحرس الثوري الإيراني.
هل هناك جاسوس مزروع بمستوى جنرال داخل الحرس الثوري الإيراني؟
من بالضبط كان يعلم في أي طابق من منزل ضيافة تابع للحرس الثوري الإيراني كان ينام إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وحارسه الشخصي، ومن كان يعلم متى آويا إلى فراشهما؟ فقد كان لدى هنية ضيوف حتى أوى إلى فراشه في الثالثة فجراً.
نعلم أن المخابرات الأمريكية (السي آي إيه) دربت في ألبانيا الآلاف من أعضاء الجماعة الإيرانية المعارضة “مجاهدين خلق”، ولكن حتى مع ذلك كيف حصلت إسرائيل على هذه المعلومة الدقيقة وشديدة الحساسية؟
هل توفرت لدى الولايات المتحدة القدرة التقنية على التجسس عن بعد على ما كان يعتبر ذات مرة نظام اتصال آمن جداً بين بيروت وجنوب لبنان؟
لا أحد يعلم بعد.
يتم إجراء تحقيق مشابه في سوريا. ولا شك أن هذا البحث عن الجاني ضمن جهود الاستخبارات المضادة قد أسفر عن إيجاد ثغرة في منظومة السيطرة والتحكم.
ولكن ثمة حقيقة لا يمكن تفسيرها وتنحيتها بسهولة من قبل أصحاب الإيجاز العسكري الإسرائيليين والأمريكيين على حد سواء. كيف تمكن حزب الله من الاحتفاظ بالسيطرة على ميدان المعركة بدون أن تكون لديه قيادة فعالة تعمل من داخل مقراته الرئيسية في الضاحية ببيروت؟
لا يمكن لأحد أن يجادل في أن حزب الله هذا، الذي يُزعم بأنه “أضعف وأنهك”، خاض قتالاً شرساً، أشد وأقوى من ذلك الذي خاضه في حرب 1982 عندما تمكن الجنود الإسرائيليون خلال خمسة أيام من الوصول إلى بيروت، أو في حرب 2006.
السلاح الأقوى على الإطلاق
بدلاً من إيجاد منطقة عازلة، أمضت القوات الإسرائيلية الغازية شهرين وهي موحلة على الحدود، غير قادرة على الاختراق أو على احتلال مواقع تزيد عن أربعة كيلومترات داخل لبنان، بل وكانت تضطر مراراً وتكراراً إلى الانسحاب من مواقعها. وهذا، على الرغم من شنها حرباً خاطفة على البلدات والمدن اللبنانية في طول البلاد وعرضها.
تكبدت وحدات النخبة الإسرائيلية، مثل لواء غولاني، ضربات موجعة، فقد خسرت ما لا يقل عن 110 من عناصرها في المعارك منذ السابع من أكتوبر 2023، ومنذ اليوم الذي عبروا فيه الحدود وهم يقعون في شراك نصبت لهم بشكل مسبق.
في واحد من الاشتباكات، مشت وحدة استكشافية تابعة للواء غولاني إلى داخل “قلعة” تابعة لحزب الله مما أسفر عن مقتل جندي واحد، وإصابة آمر الفرقة بجروح خطيرة، وإصابة رئيس أركان اللواء بجروح طفيفة. اضطر الإسرائيليون بعد ذلك إلى سحب الاحتياط من القتال بشكل تام.
كل من يعلم كيف يتدرب حزب الله كان سيقول لك إنه ما كان ينبغي أن يكون ما حصل مستغرباً. فكل وحدة من وحداتهم تجدها على أهبة الاستعداد ومجهزة ومعبأة بما يلزمها لكي تقاتل وحدها لمدة عامين كاملين. وهؤلاء يتواصلون فيما بينهم وينسقون مع بعضهم البعض عبر كابل من الألياف البصرية.
والاستعداد ذهني بقدر ما هو بدني، حيث يتم اختيار القادة الميدانيين بعد ستة أعوام من التدريب في الفلسفة، بحسب مصدر أتيحت له فرصة نادرة من التعرف عليهم عن قرب.
يفكرون على المدى البعيد، يخوضون حرب استنزاف خطط لها كي تستمر لعقود، وليس مجرد أسابيع أو شهور. ولكن أشد أسلحتهم فتكاً هي تلك التي لا يمكن لعدوهم أن يحظى بها، بالرغم من كل ما لديه من تفوق تكنولوجي كاسح، ألا وهي قاعدتهم الاجتماعية. فهم ينتمون إلى القرى والبلدات التي يدافعون عنها.
ولهذا السبب لم تتمكن لا إسرائيل ولا الجيش اللبناني من وقف قوافل القرويين وهم يعودون مبتهجين ومتحدين إلى ديارهم المدمرة خلال دقائق من بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.
في اللحظة التي توقفت فيها إسرائيل عن القتال، فقدت السيطرة.
الذراع الأخرى لسردية “المصدوم والمضروب” هي الزعم بأن حزب الله غدا الآن أكثر عزلة من الناحية السياسية عما كان عليه وضعه من قبل بسبب الأضرار التي تكبدها لبنان ككل.
ولكن الحال على العكس تماماً من ذلك.
لقد بلغ الشعور بالكراهية والإحساس بالمهانة الذي ولدته إسرائيل داخل لبنان، بل وداخل كل بلد من بلدان المنطقة، بسبب حملات القصف التي شنتها خلال الشهرين الماضيين وبسبب حملة الإبادة التي لم تزل تشنها على غزة، أن بعض الانقسامات المريرة التي أحدثها الحرب الأهلية في سوريا قد بدأت تتعافى، وذلك على الرغم من أن هذه الندوب، كما أثبتت أحداث هذا الأسبوع في سوريا، لم تتلاش بعد.
ولكن الشهور الثلاثة عشر الماضية من حرب غزة أثبتت أن حركة مقاومة فلسطينية “سنية” يمكن أن تضم صفوفها إلى حركة لبنانية “شيعية” في القتال ضد عدو مشترك.
وهذا وحده فعل الكثير من أجل إعادة تركيز الطاقات السنية والشيعية في كل أرجاء المنطقة. لم تعد تجدي نفعاً بالنسبة لإسرائيل، كما كان عليه الحال مسبقاً، تلك الإجراءات التي تمارس من أجل تهدئة وترويض المنطقة من خلال سياسة “فرق تسد”.
ثمة تغير نفسي كبير يحدث في العالم العربي السني، مما أفضى إلى محو منطق اتفاقيات أبراهام. لم يعد بالإمكان تحقيق السلام من خلال الاعتراف بإسرائيل، ولا من خلال محاولات تكريسها كمهيمن تكنولوجي وعسكري واقتصادي داخل المنطقة.
وهذا التغير هو الذي دفع حتى القيادة السعودية، وهي الأقل تعاطفاً مع القضية الفلسطينية، والأكثر انسياقاً مع منطق التعاملات التجارية في تاريخ المملكة، نحو التراجع.
بعد عدة عقود من التجميد، ها هي القومية العربية والمقاومة المسلحة ضد الاحتلال تلتحمان تحت راية الإسلام.
وهذا الالتحام هو الذي يحرر قوى بالغة الشدة لم تعد تعمل ضد محور المقاومة، تلك الشبكة من المجموعات المسلحة دون الدولة في كل أرجاء العراق وسوريا ولبنان واليمن. إنها شبكة القوى التي كانت إيران قد أنشأتها كوسيلة للدفاع عن نفسها بعد التجربة المريرة التي خاضتها حينما غزاها العراق في عهد صدام حسين.
إلا أن نفوذ إيران في أرجاء العالم العربي قيده على الدوام واقع الانقسامات العقائدية والطائفية في كل من العراق وسوريا ولبنان واليمن.
وحتى اليوم، لم تزل تجد صعوبة بالغة في اختراق هذا الحاجز.
القراءة الخاطئة للشرق الأوسط
إلا أن إيران تمكنت من كسر هذا القيد، والذي ساعدها على ذلك بشكل خاص هو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وسلوك القوات الإسرائيلية الثملة بالقوة في غزة والصفة الغربية ولبنان بشكل عام.
بالنسبة للكثيرين في العالم العربي، ينظر إلى إيران ليس كقوة غير مرغوب فيها تسعى لاقتحام الحيز العربي بقدر ما هي رأس حربة إقليمية للمقاومة ضد الهيمنة الاستعمارية. لو استمر الحال على ذلك، فإن هذا يمثل تغيراً كبيراً بعد عقد من الانقسامات التي صنعها الربيع العربي.
باختصار، لقد أثبت حزب الله تارة أخرى بأنه عدو لدود لإسرائيل لا يمكنها القضاء عليه. ولو كان لنا في تجارب الماضي عبرة، فلن يطول به المقام حتى يعود وبشكل أقوى.
إلا أن شيئاً لا يعيق إسرائيل وأمريكا عن القراءة الخاطئة للشرق الأوسط.
إن “استسلام” حزب الله، بالقبول بوقف لإطلاق النار، بينما تستمر إسرائيل في قصف غزة وتحويل ما تبقى منها إلى رماد، يُنظر إليه كمرحلة ممهدة لاستسلام مشابه تقبل عليه حماس.
فحماس هي الأخرى باتت تُنفض منها الأيدي باعتبارها “جاثمة على ركبها” بعد موت زعيمها يحيى السنوار، على الرغم من أنها مستمرة في العمل حتى في جحر الجحيم في شمالي غزة، حيث لم تزل كل إمدادات الطعام مقطوعة منذ خمسين يوماً.
ولكن هذا أيضاً، مجرد أماني تتخفى في زي تحليل سياسي.
فحتى بعد الضرب الكثيف الذي تلقته غزة خلال الشهور الأربعة عشر الماضية، لا تزال حماس عصية على رفع الراية البيضاء.
في واحدة من عدة تصريحات صدرت منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار، تشجعت حماس باضطرار نتنياهو إلى القبول بصفقة لم تحقق له أهدافه العسكرية من الحرب في لبنان.
قالت حماس في أحد بياناتها إن “قبول العدو اتفاقاً مع لبنان دون تحقيق شروطه هو محطة مهمة في تبديد أوهام نتنياهو بأنه قادر على تغيير خارطة الشرق الأوسط بالقوة، وأوهامه بأن بإمكانه أن يهزم قوات المقاومة أو ينزع منها سلاحها”.
وعبرت الحركة عن التزامها “بالتعاون مع أي جهود لوقف إطلاق النار في غزة، ضمن محددات وقف العدوان على غزة، التي اتفقنا عليها وطنياً، ألا وهي وقف إطلاق النار، انسحاب قوات الاحتلال، وعودة النازحين، وإتمام صفقة حقيقية وكاملة لتبادل الأسرى”.
لم يطرأ تغير يذكر على هذا الموقف منذ أن قبلت حماس بمقترح وقت إطلاق النار الذي تراجع عنه نتنياهو في شهر مايو (أيار) قبل غزو رفح واحتلال محور فيلادلفيا.
حرب مباشرة أقرب من أي وقت مضى
أما وقد وحّل في غزة وطُرد من لبنان، بدأ نتنياهو بالعمل على تحويل انتباه ترامب نحو الحاجة إلى مهاجمة إيران.
وتارة أخرى، يتم التمهيد للعدوان على إيران من خلال خلق أسطورة غدا المراسلون الغربيون أبواق دعاية لها.
وهي الفكرة الطموحة التي ترى أن إيران باتت مفتوحة على مصراعيها لهجوم إسرائيلي وأمريكي كبير آخر يستهدف هذه المرة مرافقها النووية بعد أن تمكن الهجوم السابق من تدمير دفاعاتها الجوية.
فعلاً، لقد ضربت محطة رادار وقتل في الهجوم أربعة جنود، إلا أن بطارات إيران من طراز إس 300 لم تصب ولم يُشل نظام الدفاعات الجوية الإيراني.
ما حدث كان شيئاً مختلفاً تماماً، بحسب ما صرحت به مصادر إيرانية مطلعة.
الموجة الثانية من طائرات إف 35 الإسرائيلية، التي كان من المفروض أن تهاجم بعد أن يكون قد تم تدمير منظومة الدفاعات الجوية، أبقيت على مسافة سبعين كيلومتراً خارج الحدود الإيرانية بعد أن “أدركتها” الرادارات الإيرانية، رغم ما لديها من قدرات تسللية.
وبحسب مصادر تعيش بالقرب من بارتشين، وهو موقع يزعم المسؤولون الأمريكيون أنه مقر أبحاث أسلحة نووية سري ونشط، لم يصب الموقع بالصواريخ البالستية.
على أية حال، كان قد تم إخلاء جميع المعدات التي كانت موجودة في مقر تيليغان 2 في بارتشين ونقلت إلى الجبال قبل وقت طويل. تعرض موقع آخر للضرب بالمسيرات، ولكنها جاءت من بحر قزوين، وليس من الغرب حيث تتواجد القوة الإسرائيلية الضاربة.
ومع ذلك تكاد مثل تلك الحكايات عن أن إيران “مفتوحة على مصراعيها” تكون الطعام والشراب الذي يغذي جهود نتنياهو المحمومة للحصول على دعم من الحزبين في واشنطن لتوجيه ضربة حاسمة.
ما إذا كان ذلك سيحدث أم لا فهو نتاج لعبة معقدة تشارك فيها إدارة بايدن التي توشك ولايتها على الانتهاء مع نتنياهو ومع الدولة العميقة، رغم أن لكل من هذه الأطراف دوافعه المختلفة للرغبة في توريط إدارة ترامب القادمة وتحديد خياراتها قبل أن تستلم مقاليد الأمور.
كما بإمكان إيران أن تهاجم إسرائيل بشكل أكبر وأشد كثافة مما حصل في أكتوبر (تشرين الأول) عندما أطلقت مائتي صاروخ ومسيرة انتقاماً لاغتيال هنية في طهران واغتيال نصر الله وقائد الحرس الثوري عباس نيلفروشان.
وقد تفعل ذلك لأسباب ثلاثة: لأنها قالت إنها سوف تقوم بذلك، ومن أجل استعادة الردع، ورداً على سفك الدماء المستمر في غزة.
لا شك أن الإشارات الصادرة عن الحكومة الإصلاحية والتي تشي بعكس ذلك، وبشكل خاص أن وقف إطلاق النار في لبنان يمكن أن يؤثر على تخطيط إيران للانتقام ضد الضربات الإسرائيلية الأخيرة، ينبغي أن توزن مقابل الطريقة التي يفكر بها الحرس الثوري الإيراني.
اقرأ أيضا:
أياً كان الأمر، باتت الحرب المباشرة مع إيران منذ سنين عديدة أقرب من أي وقت مضى.
لا غزة، ولا لبنان، ولا إيران، تمثل أخباراً سارة بالنسبة لنتنياهو، الذي يواجه عاصفة من المعارضة في بلده. إنها معارضة من جيش منهك، ومن عائلات الرهائن الذين مازالوا على قيد الحياة، ومن مخاطر جلب تهم الفساد إلى القضاء.
كما أنها العداوة المتنامية من قبل حركة استيطانية مسلحة ترى أن فرصة عمرها في الاستيلاء على جميع “أرض إسرائيل” التوراتية تكاد تفلت من يدها.
نتنياهو مقامر غارق في الديون، ولا نجاة له إلا بمزيد من المراهنات. ولكن رزمة أوراقه توشك على الانتهاء.
والحقيقة هي أن إسرائيل، التي أنجزت القليل خلال ثلاثة عشر شهراً من الحرب وخسرت الكثير، لديها عادة عنيدة في النحس عبر طبقات عديدة من الأساطير والأوهام.