على غرار ما تقوم به في اوكرانيا من تحريض ودعم لقوات الرئيس فلوديمير زيلينسكي، تقوم الادارة الاميركية بتقديم اعتى انواع اسلحة القتل والتدمير لجيش الاحتلال الاسرائيلي ليفتك باطفال غزة، بالتزامن مع ارسال وزير خارجيتها انتوني بلينكن زاعما البحث عن السلام ووقف الحرب.
تسعى ادارة واشنطن بكل قوتها الى تكريس حالة الانتصار في ساحات تعتقد انها معنية بها بالدرجة الاولى، فقدمت ابرة الحياة للجيش الاوكراني لشن هدوم مباغت على المدنيين في كورسيك، فيما دعمت باسلحة محرمة دوليا الجيش الاسرائيلي ليرتكب المجازر ليعلن بنيامين نتنياهو كاذبا الانتصار ووقف الحرب.
تقدم واشنطن ولندن الشريكتان في حروب الابادة والمتعطشات للدماء في كل زمان ومكان ومناسبة، معلومات الى جيوش المعتدين في غزة وكورسيك، وتزودهما بصور الاقمار الصناعية والمراقبة الدائمة بحثا عن امل قد يفيدهما في منع دونالد ترامب من الوصول الى البيت الابيض مجددا.
على طريق النصر المزعوم، تعمل واشنطن على تحريك كييف باتجاه اعادة احياة ما يسمى بقمة السلام التي عقدت في سويسرا في حزيران الماضي وشهدت فشلا ذريعا، لدرجة ان الرئيس الاميركي الذي دعا اليها تغيب عن الحضور وارسل نائبته كاميلا هاريس ، فيما امتنعت الصين الدول العظمى عن الحضور بعد استثناء روسيا الطرف الرئيس في الحرب مع اوكرانيا من الحضور، وقد سحبت دولا كبيرة توقيعها عن البيان الختامي فيما رفضت اخرى التوقيع ، بعد ان شعرت بفخ الناتو في جرها الى حلف مصطنع سيصيبها بالضرر ويبعدها عن خانة الحياد.
خطاب أوكرانيا الغبي والبعيد عن الحنكة السياسية والدبلوماسية الرزينة ، ساهم هو الآخر في الفشل، فبالعودة إلى عام 2022م، بعد بدء الهجوم الروسي الكامل، يلاحظ أن زيلينسكي حاول الحصول على تعاطف الجنوب العالمي من خلال تقديم أوكرانيا كضحية للحرب، هذه الضحية المزعومة عملت على تأييد المجازر الاسرائيلية في غزة وباركتها، وتمنى الرئيس زيلينسكي لو انه جندي في صفوف قوات الاحتلال، وعرض الذهاب الى تل ابيب لتأييد موقفها، الا ان حكومة نتنياهو المعروف عنها بالتطرف رفضت استقباله .
في ظل هذا الموقف حاولت كييف بدعم وتوجيهات الناتو للعمل من زاوية سياسية، وبدأت بالتحرك لاعادة تشكيل الحلف الفاشل في سويسرا، وتقوم باتصالات مع دول العالم الاسلامي والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية والمنظمات الانسانية ، هذه الاتصالات تحظى بتغطية اعلانية اعلامية كبيرة وواسعة النطاق يتخللها التضليل، لتبييض موقف خروج تلك الاطراف عن الحياد، علما ان تغيير موقفها سيؤدي الى تقويض هيبة تلك المنظمات ويجعلها تابعة لنظام فاسد وفاشل سياسيا وعسكريا.
قدمت اوكرانيا والناتو اغراءات و”امتيازات” لدول العالم الجنوبي ومنها الدول العربية بتقديم عقود لاعادة اعمار اوكرانيا، وجذبها بطريقة غير مباشرة وماكرة الى الحلف ، حيث اتضح ان الدول الغربية استحوذت على العقود المهمة المتعلقة بالزراعة والصناعة والطاقة وغيرها من الملفات المربحة والحساسة، وتركت قطاعات هامشية لتختارها دول العالم الجنوبي، والتي من الممكن ان تصل الى درجة الخسارة في الوقت الذي تتحكم مافيات الفساد السياسية والاقتصادية الاوكرانية المحيطة بالرئيس زيلينسكي بتلك الملفات الهامشية
لقد اوصلت دائرة زيلينسكي البلاد الى الحضيض، ولم تكن الهزيمة العسكرية وتفكك وحدات الجيش الاوكراني الامر الوحيد الدال على تضعضع اركان القيادة في البلاد، حيث ان الفساد قاد الى انهيار كبير اوصل خزينة الدولة الى ديون بلغت 150 مليار دولار خلال اشهر قليلة، وقد عجزت كييف عن تسديد فوائد هذا المبلغ البالغة 20 مليارا، وهو ما دفع المؤسسات المالية الاوربية لوقف تمويل واقراض الخزينة الاوكرانية
امام هذاالمازق تعمل الولايات المتحدة ودول الناتو على مصادرة 400 مليار دولار لروسيا في بنوك اوربا بعد ان تم تجميدها وتحويلها للخزينة الاوكرانية، الا ان الغرب اصطدم بالقوانين الدولية التي تمنع هذه الخطوة، بالتالي كان على واشنطن والناتو القيام بمحاولات لاضفاء الشرعية على هذا العمل وهو ما يهدد دولا اخرى في المستقبل بمصادرة اموالها واملاكها في الغرب ، ويبقى ذلك سيفا مسلطا على كل من يخالف التوجهات والمصالح الاميركية