وقف الحرب ضرورة

بهاء رحال

من عادة الضحية جلد الذات، ومن عادات المجرم أنه يخرج برعونة أكبر قبل أن يصمت بتلذذ، متأمِّلًا المشهد والصورة بكل جوانبها ومعالمها الدموية المعبأة بروائح الخراب، ويدفع بالكثير من الشائعات في صفوف الخصم كي يزيد من ضغط الضعف والفشل ومشاعر الخسارة، وإرباك بنيته الداخلية بعد أن انقض عليه.

في حالتنا مزيج من كل شيء. من الفشل والنجاح، ومن الصبر والصمود، ومن الانتصار والقوة والاحتمال، ومن الشعور بالهزيمة إلى الوقوف على حافة النهوض، وفي ظل التحولات العربية والإقليمية والدولية، فإن الضرورة باتت تستدعي وقف هذه الإبادة، بعد أن أيقن العالم أن إسرائيل في مأمن ولم يعد يهدد وجودها أي خطر، وبالتالي عادت الدول إلى مربع حقوق الإنسان ووقف الحرب. ذاتها الدول التي هبّت في السابع من أكتوبر وجاءت بجيوشها وأساطيلها دعمًا للكيان، هي اليوم تنادي بضرورة وقف الحرب، وبعض من تلك الدول باتت تطالب بالاعتراف بدولة فلسطين، لأن الكيان انتصر أو لم يُهزم ولم ينتصر، وإن ما يفعله الآن هو فقط ممارسة القتل كهواية، رغبةً في استمرار الإبادة التي لا يريد لها أن تتوقف.

ترامب، الذي تقدّم بما أسماها مبادرة لوقف الحرب، كعادته قدّمها بصورته ورسمه واسمه، حين ادّعى أنه ضامن الاتفاق في حال تمّ بين الأطراف، وأنه قادر على ذلك.

الفرصة سانحة الآن للموافقة على ما تقدّم به ترامب، وهي خيط نجاة لبقية الناس الذين بقوا على قيد الحياة في غزة. وهذه فرصة على حماس ألّا تُضيّعها وأن توافق عليها، لأن معارضتها تعني انتحارا.

إذا حدث وتوقفت الحرب في هذه الأيام فهذا يعني ثبات الفلسطيني في أرضه، وما كان هذا ليحدث لولا موقف مصر الشجاع الذي حافظ على بقاء الناس فوق أرض غزة، وواجه الضغوط والاتهامات، ولكن النتيجة كانت كما أراد لصالح الفلسطيني بأن يبقى في غزة ولا يخرج منها، وأنه استطاع وقف التهجير وفق خطط نتنياهو وحكومته التي كانت ولا تزال ماضية في سياسة الدفع نحو التهجير خارج غزة.

وقف الحرب ضرورة، وهذا ما نتمناه بأن تلتقط حماس هذه الفرصة وألّا تعارضها، فهذه فرصة مهمة في هذا الوقت، الذي بدأت فيه المواقف تتغير لصالح فلسطين قضية وشعبًا، ونحن نقترب من اللحظة التاريخية التي نترقب فيها اعتراف العديد من الدول بالدولة الفلسطينية المستقلة.