وهاب الفتنة

حسين زياد منصور

يكتب مناشير عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر على شاشات التلفزة ويحرّض، يدعم العدو الاسرائيلي و”يستقوي” به علناً، يهين رئيس دولة شقيقة، ويهدده، يعلن عن تشكيل جيش للاعتداء على دولة شقيقة ومجاورة ويدعو الى حمل السلاح ضدها، يجيّش اللبنانيين بطريقة طائفية، ويعتبر نفسه واضع استراتيجيات ومعادلات وخرائط في المنطقة. كل ذلك وأكثر فعله رئيس حزب “التوحيد العربي” وئام وهاب، خلال أيام قليلة، لكن المشكلة الأكبر كانت، أننا لم نشهد أي تحرك ضده، فأين القضاء والدولة من تصرفات كهذه؟ على الأقل عبر استقوائه بالعدو الاسرائيلي وتعكير صفو العلاقات مع الدول العربية الشقيقة، هذه التهم التي ألصقت ببعض الفئات في لبنان عند مهاجمته أو انتقاده النظام السوري الساقط، نظام الأسد، الذي نكل باللبنانيين والسوريين أيضاً. ولعل قضية الفنان فضل شاكر خير دليل على ذلك.

هذا الأسلوب، أسلوب “الصرامي” لطالما برع به وهاب في تعاطيه مع الجميع، ان كان في مقابلاته أو مداخلاته الهاتفية أو التسجيلات الصوتية التي تنتشر بإسمه وصوته، اذ لا تكاد تخلو مقابلة أو حديث له من “الصرماية”، أو الشتم أو الكلام النابي المنافي لآداب مهنة الصحافة، مع الاشارة الى أنه كان صحافياً قبل أن يصبح وزيراً.

خلال الأيام الماضية شهدت منطقة السويداء جنوب سوريا بعض المعارك، الا أن وهاب أبى إلا أن يقحم نفسه في هذه المشكلات وأن يكون جزءاً منها، ليثير الجدل سياسياً واعلامياً.

جن جنون وهاب، أعلن عن تشكيل “جيش التوحيد”، أي خلية إرهابية أو عصابة مسلحة، وهو أمر مخالف للقانون. حرّض الدروز على حمل السلاح في وجه الدولة السورية والرئيس أحمد الشرع، أي دعا الى التسلح وحرّض بطريقة طائفية ومذهبية لاسقاط نظام دولة شقيقة ومجاورة، وكل ذلك مخالف للقانون اللبناني، وينص على عقوبات لمن يرتكبها. الا أن الضربة الكبرى كانت بإعلانه عن جاهزية طيارين دروز إسرائيليين لقصف قصر الرئاسة السورية، واستهداف دمشق، وهذا ما حصل فعلاً، وهو ما يعد تواصلاً مع العدو الاسرائيلي، أي ادانته بالعمالة لصالح إسرائيل، التي استهدفت لبنان منذ أشهر ودمرته وشعبه.

لم يكتف وهاب بجنونه هذا، وكأنه يتصرف بفقدان وعي، اذ هاجم حليفه الوثيق دائماً “حزب الله”، بأن عليه نسيان الصراع مع إسرائيل وسبق أن دعاه الى تسليح دروز السويداء في وجه الدولة السورية. وتحدى الدولة والمسؤولين في إحدى إطلالته بالقول انهم “يعضونه بصرمايته”. ليس ذلك وحسب، بل انتقد في منشور عالي السقف المملكة العربية السعودية ليقوم بازالته لاحقاً.

اللافت والمستغرب كان عدم وجود أي تحرك لردع وهاب عن كل ما قام به، من خرق للقوانين، والمس بأمن الدولة وبعلاقات لبنان الخارجية والتعامل مع العدو الاسرائيلي. مع التأكيد أنه لا يملك القوة والجرأة على تحمل تبعات أي استدعاء أو جلب له، فلا أحد ينسى الاشتباك بين مناصريه والاعتداء على قوة من شعبة “المعلومات” في بلدة الجاهلية، عندما كانت متوجهة لتبليغه بوجوب المثول امام القضاء في الدعوى المقامة ضده بجرم اثارة الفتنة والتعرض للسلم الأهلي.