إليشا بن كيمون |يديعوت احرونوت
الساحة الفلسطينية تُعد إحدى الساحات المتأثرة بشكل مباشر بالحرب الإسرائيلية-الإيرانية، وسط أوضاع معقدة وحساسة جدًا. دقائق بعد بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران، أُجريت اتصالات بين مسؤولين في المنظومة الأمنية الإسرائيلية وقيادات بارزة في السلطة الفلسطينية، وعلى رأسهم الرئيس محمود عباس (أبو مازن). وقد أُبلغ الفلسطينيون بأن إسرائيل تتجه نحو عملية قوية ومؤثرة، وتم التأكيد في هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي على أن كل جبهة أخرى، خاصة الضفة الغربية، يجب أن تبقى ثانوية، لأن اندلاع موجة عمليات أو اضطرابات في الضفة قد يُعيق مجهود الحرب مع إيران.
مع بدء الهجوم، نُصبت حواجز في مختلف المناطق. وعلى الجانب الفلسطيني، كانت الـ 48 ساعة الأولى بمثابة كارثة. أغلقت قوات الجيش المدن الفلسطينية، ولم يُسمح للسكان بالخروج منها. ولاحقًا، ومع وصول تعزيزات، بدأ الجيش بتخفيف عدد الحواجز وتخفيف الإغلاقات. كما انخفض عدد الإنذارات الأمنية والمؤشرات التي وصلت من الشاباك بعد ارتفاعها في البداية.
الرئيس الفلسطيني يلتزم الصمت
أبو مازن يلتزم الصمت، بينما تُشير قيادات السلطة في الغرف المغلقة إلى أن نظام الحكم في إيران يُزعزع الاستقرار ويضرهم. وهم غير مستعدين للسماح لطهران بالسيطرة على عناصر من حماس من أجل إشعال موجة عمليات داخل الضفة الغربية. تعمل إيران منذ فترة عبر الحدود الشرقية، حيث تُهرّب السلاح وتحوّل الأموال بطرق مختلفة، من بينها العملات المشفّرة والمقايضة التجارية ومكاتب الصرافة.
رغم صمت القيادة، ظهرت مشاهد شماتة من بعض الشبان خلال إطلاق الصواريخ من إيران نحو إسرائيل، خاصة في رام الله، حيث يجتمع مئات الشبان أحيانًا مع أرجيلات ويُراقبون تل أبيب على أمل مشاهدة الصواريخ تسقط هناك. ويقول مصدر أمني: “بالنسبة لهم هذا عرض”. وقد أوضح ضباط الإدارة المدنية (الوحدة المسؤولة عن التنسيق الأمني) لعناصر الأجهزة الأمنية الفلسطينية أن عليهم منع أي مظاهر فرح بإطلاق الصواريخ.
خشية من تصعيد داخلي رغم الهدوء النسبي
الخوف الأساسي هو أن يُؤدي مزاج الشارع بين الشباب إلى حالة من الغليان، ومع ذلك، فإن بيانات العمليات “الإرهابية” في الضفة حاليًا منخفضة مقارنةً بالسنوات السابقة، وخصوصًا بفترة حرب. ومع هذا، الوضع لا يزال هشًا جدًا. ويشرح مصدر أمني أن “القيادة الفلسطينية توجه الخط العام بعدم إظهار مظاهر الفرح وبمحاولة إبعاد التأثير الإيراني من الضفة، رغم أنهم لا يستطيعون فرض السيطرة الكاملة”. وأضاف أن السلطة تُشغّل وحدة “سايبر” تتابع ردود المواطنين على إنستغرام، فيسبوك وباقي المنصات.
اعتقالات مشتركة لمنع التنظيمات
بالتزامن مع التواصل مع قيادات السلطة، ينفذ جهاز الشاباك وقيادة المنطقة الوسطى سلسلة اعتقالات احترازية داخل المدن، بهدف إحباط محاولات تشكيل خلايا مسلحة. كذلك، تقوم الأجهزة الأمنية للسلطة باعتقالات لعناصر تُشتبه بانتمائها لتنظيمات مسلحة. وقال مصدر أمني: “هم يفهمون أن تشكيل خلايا إيرانية هنا سيهز الاستقرار الأمني، لذلك يتحركون. هم لا يريدون وكلاء للحرس الثوري هنا. لقد عانوا من تدفق المال الإيراني إلى جنين وبلاطة، مما دفع بعض الناس للانضمام إلى العنف وأضعف السلطة الوطنية”.
سيناريو كارثي: سقوط صواريخ على مدن فلسطينية
تُجري السلطة وأجهزة الأمن الفلسطينية تقييمات استعدادًا لاحتمال وقوع حدث كبير – مثل سقوط صواريخ في إحدى المدن أو القرى الفلسطينية – وهو سيناريو لا يمكنهم التعامل معه بمفردهم، نظرًا لضعف إمكانياتهم. في الضفة كلها يوجد فقط نحو 1,200 عنصر إنقاذ و75 سيارة إطفاء وإنقاذ، معظمها قديمة. وغالبية المركبات لا يمكن تجهيزها بمعدات إنقاذ هيدروليكية. “إذا سقطت عدة صواريخ في مدينة فلسطينية، فالمشهد الأولي سيكون فوضويًا تمامًا”، بحسب مصدر أمني. لذلك، يعمل الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني حاليًا على إعداد بروتوكول مشترك للتعامل مع أحداث كبيرة.
الساحة الفلسطينية عند مفترق طرق
يؤكد مسؤولون أمنيون يتابعون القضية الفلسطينية منذ سنوات أن السلطة اليوم تقف عند مفترق طرق في ظل الزلزال الجيوسياسي الحاصل في الشرق الأوسط. وبحسبهم، فإن أبو مازن يقترب من نهاية ولايته وقد يسعى للمشاركة في أي تغيير جذري قد يحصل بعد انتهاء الحرب مع إيران. في المقابل، هناك أغلبية مطلقة في الحكومة الإسرائيلية والمؤسسة الأمنية تعارض إقامة دولة فلسطينية، ولكن في الكواليس، تُطرح أفكار حول كيف يمكن أن يبدو الصراع مستقبلًا بشكل مختلف عمّا كان عليه قبل 7 أكتوبر.