السياسي – في خطوة غير مسبوقة منذ أكثر من عقد، وصل 3 دبلوماسيين أمريكيين كبار إلى دمشق، عاصمة سوريا، للقاء قادة الفصائل التي سيطرت على البلاد بعد انهيار النظام السابق.
وتأتي هذه الزيارة في إطار جهود متعددة الجوانب لمعالجة عدد من الملفات الشائكة، من بينها البحث عن الصحفي الأمريكي أوستن تايس، ومواطنين أمريكيين آخرين مفقودين، فضلاً عن رسم ملامح المرحلة الانتقالية في سوريا بعد سقوط بشار الأسد، بحسب تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز”.
-ملف المفقودين والرهائن
أحد المحاور الرئيسة للزيارة هو التحقيق في مصير الصحفي الأمريكي أوستن تايس، الذي اختفى في دمشق العام 2012.
يعمل الوفد الأمريكي على جمع معلومات من قيادات الفصائل حول المعتقلين الأمريكيين، بما في ذلك قائمة قدمتها الإدارة الأمريكية تضم أسماء مسؤولين في النظام السابق قد يكون لديهم معلومات بشأن المفقودين.
ويأتي ذلك في ضوء تصريحات الرئيس جو بايدن التي أشار فيها إلى اعتقاده بأن تايس لا يزال على قيد الحياة.
-مبادئ المرحلة الانتقالية
يناقش الوفد الأمريكي “مبادئ الانتقال” التي جرى بحثها خلال اجتماع في العقبة في الأردن.
تركز هذه المبادئ على ضمان عملية شاملة للحكم في سوريا، تُراعي حقوق الأقليات الدينية والعرقية، بما في ذلك المسيحيون، وتعزز التوازن بين القوى السياسية والعسكرية المختلفة في البلاد.
-التواصل مع قادة الفصائل
من الملفات المثيرة للجدل في الزيارة هو التواصل المباشر مع هيئة تحرير الشام، أقوى الفصائل في سوريا، وزعيمها أبو محمد الجولاني.
رغم تصنيف الولايات المتحدة السابق لجبهة النصرة، السلف السابق للهيئة، كمنظمة إرهابية، يبدو أن إدارة بايدن مستعدة لإعادة تقييم هذا التصنيف استنادًا إلى تغيّرات في ممارسات الهيئة، لا سيما في محافظة إدلب، حيث أظهرت المجموعة تقبلاً أكبر لحقوق الأقليات.
الجولاني أكد في تصريحات إعلامية أن جماعته تسعى إلى بناء عملية شاملة، ولا تستهدف غير المسلمين في سوريا، مطالبًا الولايات المتحدة بإسقاط التصنيف الإرهابي عن الهيئة.
في المقابل، يراقب المسؤولون الأمريكيون تصرفات المجموعة عن كثب لتقييم مدى التزامها بالمبادئ التي تسعى واشنطن لتعزيزها.
-البحث عن دور أمريكي في المشهد السوري
تأتي هذه الزيارة كخطوة أولية لإعادة الانخراط الدبلوماسي الأمريكي في سوريا، بعد سنوات من التركيز على التدخل العسكري.
وأكد بيان لوزارة الخارجية الأميركية أن الدبلوماسيين سيتواصلون مع المجتمع المدني والناشطين وأعضاء مختلف المجتمعات السورية، بهدف دعم رؤيتهم لمستقبل البلاد.
رغم أهمية هذه الزيارة، يواجه الوفد تحديات كبيرة. فالتعامل مع زعماء الفصائل الذين كانوا في السابق على قوائم الإرهاب يثير جدلاً داخليًا في الولايات المتحدة.
كما أن رسم ملامح مرحلة ما بعد الأسد يتطلب توازنًا دقيقًا بين مطالب الأطراف المحلية والتوقعات الدولية، وسط غموض يكتنف موقف روسيا وإيران، الداعمين الرئيسين للنظام السابق.