61 عامًا على انطلاقة حركة فتح والتحضيرات للمؤتمر الثامن

عمران الخطيب

61 عامًا على انطلاقة حركة فتح والتحضيرات للمؤتمر الثامن
لا تُعدّ الاحتفالات بذكرى انطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح مجرد مناسبة لذكرى تأسيس فصيل من فصائل الحركة الوطنية الفلسطينية، بل هي مناسبة وطنية جامعة لشعبنا الفلسطيني بأسره. فقد حملت هذه الحركة العملاقة على عاتقها انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة، وفتحت مرحلة جديدة من فصول الكفاح المسلح، وأسهمت في بلورة وولادة الهوية الوطنية الفلسطينية من خلال تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها.
شكّلت حركة فتح سندًا أساسيًا لحماية المشروع الوطني الفلسطيني، من خلال دورها السياسي والتنظيمي، وجناحها العسكري قوات العاصفة. ومع السنوات الأولى لانطلاقة الثورة الفلسطينية، بدأت ملامح المسار الإعلامي الوطني بالتبلور، حيث استمع شعبنا، بعد هزيمة حزيران 1967، إلى صوت فلسطين، صوت فتح، صوت العاصفة، صوت الثورة الفلسطينية، إلى جانب الأناشيد الوطنية التي حفّزت آلاف الشباب الفلسطيني في الوطن والشتات، إضافة إلى نخبة من الشباب الجامعي، للالتحاق بصفوف الثورة الفلسطينية.
وجاءت معركة الكرامة المجيدة لتشكّل محطة مفصلية، حين وقفت الثورة الفلسطينية والجيش العربي الأردني جنبًا إلى جنب في مواجهة جيش الاحتلال الإسرائيلي، الذي حاول القضاء على المقاومة الفلسطينية. وكانت تلك المعركة، الأولى بعد هزيمة حزيران 1967، دافعًا قويًا لانخراط أعداد كبيرة من الشباب الفلسطيني والعربي في صفوف الثورة الفلسطينية.
رسّخت حركة فتح مسار المقاومة المسلحة، وشكّلت في الوقت ذاته العنوان السياسي عبر منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها التنفيذية والتشريعية، وعلى رأسها المجلس الوطني الفلسطيني. وتزامن ذلك مع بدء الاعتراف العربي والدولي بمنظمة التحرير الفلسطينية، وانتشار مكاتبها في العديد من دول العالم، وصولًا إلى قمة الرباط عام 1974 التي أقرت منظمة التحرير الفلسطينية ممثلًا شرعيًا ووحيدًا لشعبنا الفلسطيني.
وفي هذا السياق، جرى تأسيس الدوائر المختلفة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وكان من أبرزها الصندوق القومي الفلسطيني، كما سبق ذلك تأسيس مؤسسة الأسرى والشهداء والجرحى بمبادرة من حركة فتح، وبدافع ورؤية الشهيد القائد خليل الوزير (أبو جهاد). وقد كان الهدف الأساسي لهذه المؤسسة الوطنية منذ تأسيسها رعاية شؤون الأسرى والشهداء والجرحى، ثم أُضيفت إليها الشؤون الاجتماعية، لتغدو صمام أمان وضمان لعائلات الشهداء والأسرى الفلسطينيين والعرب الذين التحقوا بصفوف الثورة الفلسطينية من مختلف الفصائل.
إن هذه المؤسسات الوطنية تُعدّ من الثوابت الفلسطينية، وأي محاولة للمساس بها أو تغيير مسارها تحت مسميات مختلفة، بما فيها ما يُسمّى بـ”التمكين”، مرفوضة وطنيًا. ومن هنا، فإن مسؤوليتنا الوطنية تحتم علينا، ونحن نحتفل بمرور 61 عامًا على انطلاقة حركة فتح، ونستعد لعقد المؤتمر الثامن، التأكيد على ضرورة الحفاظ على إرث المؤسسين، وفي مقدمتهم الرئيس الخالد الشهيد القائد العام ياسر عرفات، وإخوانه من القيادات التاريخية الذين شاركوا في إطلاق الثورة الفلسطينية المعاصرة.
كما تقع مسؤولية خاصة على عاتق اللجنة المركزية لحركة فتح، والمجلس الثوري، وكافة كوادر وأعضاء الحركة، في الحفاظ على الثوابت الوطنية، لا سيما في هذا التوقيت الحساس، ومع اقتراب انعقاد المؤتمر الثامن.
وفي المقابل، تواصل حكومة نتنياهو والائتلاف اليميني الحاكم إصرارها على الاستمرار في العدوان على شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية ومخيماتها والقدس الشرقية، وإطلاق العنان للمستوطنين في الاعتداءات اليومية على الفلسطينيين، وأراضيهم، وممتلكاتهم، وإحراق المركبات، ومصادرة الأراضي، وتوسيع الاستيطان، في إطار مخطط واضح يستهدف تهجير شعبنا من مختلف الأراضي الفلسطينية.
إن المسؤولية الوطنية تدفعنا إلى البحث عن مختلف الوسائل والأشكال لتعزيز صمود شعبنا داخل الوطن، ومقاومة الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني العنصري، في ظل تحديات ومخاطر متصاعدة يفرضها الكيان الصهيوني، بدعم وإسناد مباشر من الإدارة الأمريكية التي توفّر الحماية لإسرائيل كدولة احتلال.
وعليه، تبقى الوحدة الوطنية الفلسطينية هي طوق النجاة الحقيقي للحفاظ على منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها، وحماية المشروع الوطني الفلسطيني في مواجهة كل محاولات التفكيك والاستهداف.

عمران الخطيب