80 عاما … من فشل الأمم المتحدة تحقيق اهدافها … المطلوب إصلاحها ؟

د فوزي علي السمهوري

إرتايت بمناسبة مرور 80 عاما على تاسيس الأمم المتحدة ان اقتبس جزءا من ديباجتها لقياس مدى نجاحها او إخفاقها بتحقيق اهدافها ومقاصدها التي تنص :
” نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن ننقذ الأجيال المقبلة من ويلات الحرب التي في خلال جيل واحد جلبت على الإنسانية مرتين أحزاناً يعجز عنها الوصف،
وأن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق
وفي سبيل هذه الغايات اعتزمنا
أن نأخذ أنفسنا بالتسامح، وأن نعيش معاً في سلام وحسن جوار ،
وأن نضم قوانا كي نحتفظ بالسلم والأمن الدولي،
وأن نكفل بقبولنا مبادئ معيّنة ورسم الخطط اللازمة لها ألاّ تستخدم القوة المسلحة في غير المصلحة المشتركة ” .
بعد ثمانون عاما هناك الكثير من الأسئلة التي تطرح نفسها شعبيا ورسميا لدى شعوب العالم ودوله المستضعفة هل نجحت الأمم المتحدة بتحقيق اهدافها ومقاصدها المذكورة أعلاه وبالتاكيد المنصوص عليها بميثاقها ؟
ام انها اخفقت وما أسباب إخفاقها ؟ وإلى متى سيبقى العالم على حاله المتردي ؟ وإلى متى سيبقى رهينة وبقرة حلوب لمصالح ونفوذ وهيمنة الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن او لبعضها ؟ وإلى متى ستبقى الغالبية العظمى من اعضاء الجمعية العامة تقبل بإقصاءها عن القرار الفعلي والإستسلام لأداء دور ديكوري ؟ وإلى متى سيستمر تعامل بعض الدول الكبرى مع مبادئ وقرارات الأمم المتحدة بمجلسيها بإزدواجية وإنتقائية ؟ وإلى متى ستبقى دول دائمة العضوية بمجلس الأمن تستخدم صلاحيتها بإستخدام حق النقض ” الفيتو ” بشكل تعسفي خلافا لميثاق الأمم المتحدة في ظل صمت دولي ؟ وإلى متى سيبقى الكيان الإسرائيلي المصطنع فوق القانون الدولي ويتمكن الإفلات من المساءلة والعقاب على تحديه المجتمع الدولي ؟ وإلى متى سيبقى يرفض تنفيذ قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة؟ وإلى متى ستبقى إسرائيل تتمتع بحصانة امريكا التي مكنتها وزودتها بكل وسائل القوة من إرتكاب جرائم الإبادة والتطهير العرقي على مدار عامين بتقويض للأمن والسلم الدوليين؟ وإلى متى سيبقى الشعب الفلسطيني بالرغم من مئات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة وعن مجلس الأمن وعن محكمة العدل الدولية محروما من تمكينه من حقوقه الأساس المكفولة بميثاق الأمم المتحدة بالحرية والإستقلال وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف نتيجة لإستمرار الإحتلال الإستعماري الإحلالي لأراض الدولة الفلسطينية المحتلة والتي تتمتع بصفة دولة مراقب بالجمعية العامة؟ وإلى متى ستبقى إرادة الفعل الدولية عاجزة عن فرض إرادتها لإلزام مجلس الأمن للإضطلاع بمسؤولياته بإلزام إسرائيل عبر إتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لتنفيذ قراراتها ذات الصلة بالقضية الفلسطينية؟
الأسباب :
هناك أسباب عديدة تقف وراء ما تقدم من تساؤلات ومنها :
اولا : ان ميثاق الأمم المتحدة صيغ لخدمة مصالح ونفوذ الدول الخمس دائمة العضوية المنتصرة بالحرب العالمية الثانية بتغييب لمبادئ العدالة والمساواة .
ثانيا : غياب اي محاولة جادة من الدول الاعضاء للتصدي لإقصاءها الفعلي لفرض إرادتها وكفالة مصالحها وامنها وإستقرارها امام تغول وهيمنة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن على مفاصل القرار .
ثالثا : الإزدواجية بالتعامل مع القضايا العالمية وبالتالي إنعكاس ذلك الإزدواجية بالتعامل مع القرارات الدولية بهدف تنفيذها وما التعامل مع القضية الفلسطينية والقضايا العربية والإسلامية إلا دليل على ذلك .
رابعا : تعامل الدول الخمس مع القضية الفلسطينية على قاعدة إدارة الصراع وليس حله اي بفرض إنهاء الإحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية والعربية المحتلة .
الإصلاح المطلوب :
حتى يتسنى للمجتمع الدولي الإضطلاع بمسؤولياته وإلتزاماته نحو تحقيق وترسيخ وتجسيد مبادئ واهداف الأمم وإنقاذ الأجيال من ويلات الحروب والإضطهاد والظلم وتصفية الإستعمار لا بد من العمل على إجراء إصلاحات وتعديل جوهري لميثاق الأمم المتحدة وذلك :
▪︎ إلغاء كافة الصلاحيات التنفيذية المناطة حصرا بوجوب موافقة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن وتحويلها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة .
▪︎ إلغاء ما يسمى حق النقض ” الفيتو ” والذي يقوض مبدأ العدل والمساواة بين الدول صغيرها وكبيرها قويها وضعيفها ، ققد ثبت على ارض الواقع ان إستخدام الفيتو ادى إلى تقويض الأمن والسلم الإقليمي والدولي من خلال إدامة الصراع وإطالة امد الحروب والنزاعات وما إستمرار الإحتلال الإسرائيلي لأراض الدولة الفلسطينية وشن حرب الإبادة والتطهير العرقي على قطاع غزة لعامين متتالين مع إستخدام أمريكا للفيتو رفضا لوقف العدوان ورفضا لقبول فلسطين دولة كاملة الحقوق إلا نموذجا لتداعيات الفيتو .
▪︎ تحديد الحالات التي تمنح الجمعية العامة الحق باللجوء إلى ضمان وكفالة تنفيذ قراراتها بموجب الفصل السادس والفصل السابع دون المرور بمجلس الأمن .
▪︎ إعلاء سمو مبادى العدالة وذلك عبر سمو القرارات الصادرة عن محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية على ما غيرها ومعاقبة اي دولة ترفض او تنتهك إلتزاماتها بوجوب النزول على تلك القرارات دون إزدواجية وإنتقائية .
هذه الحدود الدنيا المطلوب من غالبية الدول الأعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة ان تنتفض بعد 80 عاما من التغييب والإقصاء إنتصارا لدورها وهيبتها وبالتالي لتجسيد مبادئ واهداف ومقاصد الأمم بالأمن والسلام والعدل لجميع دول وشعوب العالم واقعا عمليا …. ؟
تبقى فلسطين حريتها وإستقلالها العنوان والبوصلة ….. ؟ ؟ !