دولة منزوعة ثلاث مرات

محمد علي طه

محمد علي طه

في ذاكرتي مجموعة من الرؤساء الأميركيين الذين يصعب نسيانهم، منذ الرئيس هاري ترومان (1945-1953) الذي ألقت أميركا في عهده أول قنبلة ذرية على اليابان وكان له الدور الأساس في إقامة دولة إسرائيل (1948) وفي نكبة الشعب الفلسطيني، والذي كتب له الأديب المصري عبد الرحمن الشرقاوي صاحب رواية “الأرض” قصيدته الشهيرة “رسالة الى الرئيس ترومان”، مرورا بالرؤساء دويت آيزنهاور (1953-1961) ومشروعه الاستعماري البغيض، والرئيس جون كندي (1961-1963) ومصرعه، والرئيس ليندن جونسون (1963-1969) وصلافته في حرب حزيران ودخول أميركا في حرب فيتنام، والرئيس بيل كلنتون (1993-2001) وعشيقته مونيكا، والرئيس جورج بوش (2001-2009) وحرب العراق المدمرة، والرئيس الأسمر باراك أوباما (2009-2017) الذي أعطانا جعجعة بلا طحين، والرئيس دونالد ترامب (2017-2021) الذي نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس وأقفل القنصلية الأميركية في القدس العربية، وقد يعود الى البيت الأبيض في نهاية هذا العام فيكون الرئيس الأميركي الوحيد الذي يعود الى السلطة بعد فشله في الانتخابات.
وأما الرئيس الحالي منذ عشرين يناير 2021 فهو جو بايدن، رجل عجوز صهيوني يحب دولة إسرائيل حبا جما كما يحبنا “شوية” (كما يزعم) ومثلنا الشعبي يقول “على رأس لساني ولا تنساني” والحقيقة أن هذا الرئيس قلبه كبير ولا يتسع لحب اثنين معا، وهو شريك رسمي في هذه الحرب العدوانية، وهو يملك قرار إنهائها اذا رغب بذلك، ولكنه لا يفعل ولن يفعل لأنه يحب الفلسطينيين مثل حب القطة لأولادها، والرجل يعشق السلام ويحلم به ويريده، ومن أجل السلام تحمل صفعة الأمير السعودي الشاب محمد بن سلمان الذي أرسل له موظفا لاستقباله في مطار جدة نيابة عن سموه ونيابة عن جلالة والده، وعلى الرغم من ذلك ما زال جو بايدن على علاقة مع الأمير.
جو بايدن يضغط على بنيامين نتنياهو كي يعلن موافقته على حل الدولتين وهذا أمر صعب جدا على نتنياهو على الرغم من أنه يعرف أن هذا الإعلان كلام في كلام ولا جمرك على الكلام كما يقول العوام.
وجو بايدن رئيس عجوز “مقلع الأسنان” يعد الفلسطينيين بدولة فلسطينية، دولة صغيرة، دولة نونو، دولة منزوعة السلاح ومنزوعة السلطة ومنزوعة الوجود، دولة كلام في كلام في كلام، ولكن نتنياهو لا يوافق على ذلك لأنه لا يقدر أن يلفظ “نعم لدولة فلسطينية” مهما كانت، وهذا الأمر يجعل جو بايدن يكاد يطق ويفقع لأنه يريدها قبيل الانتخابات الأمريكية وبيبي يعمل حسابا لانتخابات الكنيست الاسرائيلية.
جو بايدن يريد أن يحقق انجازا فهو يؤمن بحل الدولتين أي دولة إسرائيل قوية ذات أسلحة فتاكة وصواريخ وطائرات ودولة فلسطينية منزوعة السلاح ومنزوعة السلطة أي دولة على الورق.
وجو بايدن على حافة تاريخه، يعد بحل الدولتين في كل مناسبة، في الشرق وفي الغرب، في السعودية وفي البحرين، في الرياض وفي المنامة وفي الدار البيضاء. أولا دولة إسرائيل قوية وتحميها حاملات الطائرات الأمريكية وثانيا دولة فلسطينية منزوعة السلاح ومنزوعة اللسان، وهو محتاج الى موافقة صريحة من سمو الأمير محمد بن سلمان، وأظن أن محمدا لن يعملها، كما يحتاج الى موافقة بنيامين بن صهيون بن نتنياهو، ومن الصعب أن يعملها.
عجبا يا حضرة المأذون الشرعي! عرس بدون عروس؟
وكلمة العروس تجوز للرجل وللمرأة كما جاء في المعجم.

شاهد أيضاً