كان افتتاح محطة السكك الحديدية المركزية في القدس عام 1892 بمثابة لحظة محورية في التطور الاقتصادي في المنطقة. أسس هذا الحدث الهام إلى اندماج القدس مع المدن الفلسطينية المجاورة والبحر الأبيض المتوسط، مما بشر بفترة من الازدهار. وفي وقت لاحق، توسعت شبكة السكك الحديدية بحلول عام 1899، ووسعت نطاقها لتصل إلى مصر والمملكة العربية السعودية وسوريا ولبنان، مما عزز الروابط والتجارة الإقليمية لفلسطين.
لعب موقع القدس الاستراتيجي وأهميتها السياسية دورًا محوريًا في التوسع الاقتصادي والصناعي لفلسطين، ووسع نفوذها إلى مدن أخرى مثل غزة ويافا، وهي مراكز ساحلية رئيسية. وكانت هذه الموانئ بمثابة قنوات حيوية للواردات والصادرات، حيث ربطت فلسطين بقارات العالم. وتقدم السجلات التجارية المحفوظة في سجلات المحكمة الشرعية في القدس، والمعروفة باسم “السجلات”، نظرة ثاقبة لحجم هذه التجارة. تاريخياً، كانت القدس تصدر الصابون إلى مصر وإيطاليا واليونان عبر ميناء غزة؛ تم أيضاً تصدير الحبوب إلى مصر ورودس ودوبروفنيك عبر ميناء يافا؛ ووجد القطن طريقه إلى فرنسا ومدينة إزمير التركية، بينما تم تصدير الآثار والتماثيل والتحف الدينية إلى إسطنبول وإيطاليا والبرتغال وإسبانيا.
بالإضافة إلى هذه التجارة النابضة بالحياة، برز ميناء حيفا كتطور مهم للبنية التحتية. وباعتباره أكبر ميناء في المنطقة، فقد سهّل استيراد المواد الخام وتصدير السلع تامة الصنع، ولعب دورًا محوريًا في تعزيز التجارة الدولية. ومن الأمثلة البارزة على القدرة الصناعية في فلسطين مصفاة حيفا، وهي أكبر مصفاة للنفط في المنطقة. لعبت هذه المصفاة دورًا حاسمًا في تكرير النفط ومعالجته، وتلبية احتياجات الطاقة للسكان المحليين، وتمكين تصدير المنتجات النفطية. إن إنشاء هذه المرافق الصناعية ومرافق النقل المهمة تنبأ بعصر جديد لفلسطين. لقد أصبحوا محفزين لفرص العمل، وحفزوا النمو الاقتصادي، وبشروا بالتقدم التكنولوجي، مما مهد الطريق لفترة تحولية.