السياسي – فجّرت المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، تساؤلات حائرة داخل دولة الاحتلال وخارجها، عن مصادر التسليح، وكيف وصلت الصواريخ والذخائر والمدافع والطائرات المسيرة قطاع غزة؟ ومن يقوم بالتمويل وعقد صفقات التسليح؟، والتساؤلات طرحت نفسها عقب توجيه المقاومة الفلسطينية «صدمة عسكرية» لدولة الاحتلال في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ثم صمودها في مواجهة العدوان الإسرائيلي على غزة للشهر الثامن، وتكبيد جيش الاحتلال خسائر في المعدات والآليات العسكرية والجنود والضباط.
وكان التصنيع العسكري الفلسطيني في مصانع غزة، مفاجأة صدمت دولة الاحتلال في الأول من الشهر الجاري، مايو/آيار، حين نشر الإعلام الحربي لـ«كتائب المجاهدين»، الجناح العسكري لـ«حركة المجاهدين الفلسطينيين» مقطع فيديو يظهر مشاهد جديدة لعناصرها، أثناء ممارسة مهامهم في إحدى وحدات التصنيع العسكري.. ويظهر المقطع الذي قالت الكتائب إنه تم توثيقه في 1 مايو/آيار 2024، عملية تصنيع صاروخ “KM-107.
وفي 11 مايو/آيار الجاري، عرضت كتائب «القسام»، الجناح العسكري لحركة «حماس»، مشاهد من إسقاط قذيفة من طائرة مسيرة على دبابة ميركافا إسرائيلية شرق مخيم جباليا بشمال قطاع غزة.. ونشر الإعلام العسكري في «القسام» مقطع فيديو يظهر رصد المسيّرة لدبابة الميركافا الإسرائيلية، ولحظة سقوط القذيفة عليها وإصابتها، موضحا أن الطائرة المسيرة «النوعية» صناعة محلية فلسطينية.
ولا يُعرف على وجه الدقة، التاريخ الذي قررت فيه كتائب القسام تدشين مشروع إنتاج الطائرات المسيّرة القتالية، لكن تاريخ 26 فبراير/شباط 2003، كان الإعلان الرسمي الأول عن هذا المشروع.
وكان موقع «بلومبيرغ» الأميركي، قد أشار إلى أن مسيّرات حركة «حماس» رخيصة الكلفة المجهزة لحمل المتفجرات وتدمير الكاميرات وأنظمة الاتصالات، والتي يُتحكم فيها عن بُعد، قد كشفت عن ثغرات في الدفاعات الإسرائيلية العالية التقنية، مما يشكل تحديا لبعض القوى الأكثر تقدمًا من الناحية التقنية في العالم.
الكشف عن التصنيع العسكري الفلسطيني في مصانع غزة، الذي فاجأ العالم، يقابله تأثير سلبي لخسائر جيش الاحتلال في غزة، على صادرات وسوق السلاح الإسرائيلي خلال عام 2023، مع توقع تراجعها بشكل كبير خلال 2024، بعد فسخ دول عقود الصفقات، جراء تراجع هيبة الأسلحة الإسرائيلية بالمعارك خصوصا الدبابة «ميركافا»، التي باتت مثار سخرية بعد اصطيادها من قبل «كتائب القسّام» و«سرايا القدس»، بقذائف بدائية الصنع مثل قذيفة «الياسين-105».
بداية التصنيع الحربي
بسبب الصعوبات الفنية والأمنية، اعتمدت المقاومة الفلسطينية في البداية، على ورش متحركة، تتكون من مخارط وآلات للاستعمال المدني. في ظلّ هذا الوضع، أُجريت أغلب عمليات التصنيع داخل بيوت ومستودعات وأنفاق.
وتمكنت المقاومة من إنتاج أول قذيفة «أنيرجا» مضادة للدروع عام 1998، تصل فاعليتها إلى مسافة 150 مترا، وبعد نجاح التجارب دخلت هذه القذيفة الخدمة ضمن الأسلحة الميدانية سنة 2001.
وبعد اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية عام 2000، بدأ مشروع التصنيع العسكري لكتائب القسام يزدهر، حيث أُقيمت ورش وجلبت الآلات والمعدات اللازمة للشروع في إنتاج الأسلحة (المصدر الإعلام العسكري لكتائب القسام).
وفي عام 2001 جرت صناعة أول صاروخ، أُطلق عليه صاروخ «قسّام 1» بلغ طوله 70 سنتيمترا، بمدى يتراوح بين 2 و3 كيلومترات، وبعدها بفترة قصيرة أُنتج «قسام 2» بطول 180 سنتيمترا ومدى يتراوح بين 9 و12 كيلومترا.. ثم بدأ العمل على مشروع تصنيع قاذف البنا، وهو قاذف مضاد للدروع يُحمل على الكتف، قطره 80 ميليمترا، وصناعة قاذف البدر، وذلك بالزيادة في قطر القاذف من 80 ميليمترا إلى 100 ميليمتر.
عام 2004، شكّل إتمام مشروع «قاذف الياسين» نقلة نوعية في عمل وحدة التصنيع العسكري، حيث أُطلق لأول مرة في الثالث من أغسطس/آب 2004، وفي عام 2006 استُخدم سلاح الياسين في عملية الوهم المتبدد جنوب قطاع غزة، والتي أسفرت عن أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
بعد هذه الخطوة المهمة، بدأ تفكير عدنان الغول يتجه نحو العمل على مشروعين جديدين، هما الصواريخ المضادة للطائرات والطائرات الشراعية، وكان يقول لرفاقه إنه بتنفيذ هذين المشروعين سيكون قد أدى رسالته، بدأ بوضع الخطط والتصميمات والنماذج لتنفيذ أفكاره، غير أنه لم يتمكن من إتمامها بسبب استشهاده.
وكشفت المواجهات العسكرية مع جيش الاحتلال في قطاع غزة، عن تطور الصناعات العسكرية الفلسطينية في غزة.. وعن نوعيات حديثة من منظومات الأسلحة والذخائر مثل:
منظومة «متبّر 1»، وهي منظومة دفاع جوي من صواريخ «أرض- جو» محلية الصنع، واستهدفت المقاتلات الإسرائيلية.
وقذائف « الياسين – 105»: خارقة للدروع ورأسها الحربي مزدوج من شحنتين متفجرتين مترادفتين.. وعبوة «العمل الفدائي»: تُلْصَق على أكثر الأماكن ضعفا في الآليات العسكرية الإسرائيلية.. عبوة «شواظ»: المسيرات الانتحارية «الزواري» و«شهاب».. وبنادق القنص «الغول» ذات العيار 14.5 مليمترًا، ويصل مداها القاتل إلى 2000 متر، ومن أطول بنادق القنص في العالم.