لا نستغرب حالة التفاؤل عند أهلنا في قطاع غزة عندما سمعوا بموافقات مبدئية من نتنياهو وحماس على مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن لوقف الحرب على غزة دون أن يهتموا بالتفاصيل أو بمن انتصر ومن انهزم وقد تفاءلوا واحتفلوا قبل ذلك أكثر من مرة كلما سمعوا عن قرب التوصل لوقف الحرب، فالمهم بالنسبة لهم وقف مسلسل الموت والجوع وإبعاد شبح التهجير.
إن كنت أتمنى أيضا نجاح المبادرة دون توقف إن كانت أميركية أو إسرائيلية أو قطرية ومصرية إلا أنه يجب عدم المبالغة في التفاؤل لأن تفاصيل المبادرة كثيرة وهي أقرب لإعلان مبادئ أو خلطة وتوليفة أمنية وسياسية وانسانية واستراتيجية بعيدة المدى قد تحتاج لسنوات وليس اشهر لتنفيذها إن صدقت نوايا إسرائيل، بالتطبيق ولنا تجربة فيما حصل عند إعلان المبادئ في اتفاقية أوسلو، وحتى إن اختلفت الظروف إلا ان اليهود والصهاينة لم يختلفوا إلا الى الأسوأ.
إنها خلطة لوقف إطلاق النار وتبادل أسرى وحديث ملتبس عن الانسحاب من مناطق مأهولة وعن حكومة جديدة وإعادة تشكيل منظمة التحرير وعن تطبيع مع السعودية، ومن غير الواضح إن كان الطرف الفلسطيني الذي سيتفاوض حول هذه القضايا منظمة التحرير باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لكل الشعب الفلسطيني وخصوصا أن المبادرة تتحدث عن إعادة بنائها وعن دولة فلسطينية؟ أم حركة حماس كونها الطرف الفلسطيني المحارب والمتحكم بإدارة قطاع غزة حتى الآن؟ كما أن نجاح المبادرة مرتبط بموافقة نهائية وواضحة من إسرائيل وبصدق نوايا نتنياهو، وليس بموقف واشنطن أو حماس أو العالم، وإسرائيل عودتنا على الخداع.
حتى يكون للتفاؤل محل والاستفادة من الإيجابيات في المبادرة ولو على مستوى وقف الحرب وإفشال محاولات إسرائيل حرفها عن مسارها يجب على الأحزاب الفلسطينية اللقاء تحت مظلة منظمة التحرير أو تحت رعاية أي طرف عربي محايد للتوافق على رؤية مشتركة للتعامل مع مبادرة بايدن وخصوصا في ملفات منظمة التحرير والحكومة ومستقبل غزة بعد الحرب.