نحن جميعاً، محبي هذا الوطن، في حالة حرب غير معلنة، لكن يفترض أن تكون واضحة ومعروفة، وأن تكون حربنا وحرب حكومتنا، وأن نكون «جميعاً» في حالة حرب! فنحن بأمس الحاجة لقرارات حيوية ومهمة وسريعة، فالوضع لا يحتمل التأخير، فإما أن نفوز أو نسقط للقاع!
نحن في حالة حرب ضد الفساد الإداري، الذي طال واستشرى وغزا كل نفس ووزارة وإدارة، وكل وزير ووكيل ومدير ومراقب وخفير.. إلا ما ندر.
نحن في حرب ضد المزدوجين، وأعدادهم بمئات الآلاف، وفي حرب ضد المتلاعبين بهوية الوطن، بجنسيتها، فهناك آلاف منا باعوها، ومئات آلاف اشتروها، وحربنا ضدهم جميعاً، وسكوتنا يعني خراب الوطن، وضياع هويته، وإتلاف ثقافته.
نحن في حالة حرب ضد انتشار الغش في الامتحانات، والغش في العلامات التجارية، والغش في الأدوية، والغش في كل المواد الغذائية، والرئيسية منها بالذات، وفي حالة حرب ضد المتلاعبين بتواريخ انتهاء صلاحية الأدوية والأغذية، والغش في البناء، والغش في مقاولات الطرق ومختلف مشاريع الدولة، والغش في اختبارات التوظيف، والغش في تصاريح قيادة المركبات وفي غيرها.
نحن في حرب شرسة ضد مزوري الشهادات الدراسية، ومدّعي حمل الألقاب «العلمية» الفاسدة والمفسدة، الذين تعينوا بها في أعلى المناصب وأرفعها، فعاثوا في إدارة الدولة فساداً.
نحن في حالة حرب ضد تجار ومروّجي المخدرات، الذين يهدفون للقضاء علينا. نحن في حالة حرب ضد التوسُّع الرهيب، الحكومي والشعبي، في استهلاك الكهرباء. وفي حالة حرب ضد بيع الكهرباء بفلسين، وفي حالة حرب ضد من يحاسب الفقير، «المديونير»، على استهلاكه للكهرباء بنفس سعر وحدة محاسبة المليونير. نحن في حالة حرب ضد من يهدر المياه، وضد مستغلي أملاك الدولة لغير الأغراض التي خصصت لها.
نحن في حرب ضد الهدر في دعم الدولة للمواد الغذائية، والمتاجرين بها. وفي حالة حرب ضد المبالغة في رواتب البعض غير المنطقية، وفي العلاوات غير المستحقة.
نحن في حالة حرب ضد الاستهتار والرعونة في الشوارع، وضد فقد الأسر لأرواح فلذات أكبادها، إما بسبب سوء وضع الطرق أو لغياب الهيبة، الممثلة بقانون مرور رادع، طال انتظاره.
الأمور تنذر بالخطر، والوضع غير عادي، وبحاجة لإدارة غير عادية، بحاجة لمجلس حرب مصغر مكوّن من الرئيس وخمسة أو ستة وزراء، يخلعون عنهم العباءة والغترة، ويرتدون «الكاب والتيشيرت»، بعيداً الرسميات، ويبدأون عملهم من السابعة صباحاً، كما يعمل أي مجلس حرب مصغر في اجتماعاته المستمرة، لكي نلحق بكل أو بأغلبية ما فاتنا من صفقات ومشاريع وفرص، وليسارع هذا المجلس المصغر في إصدار مقترحات مراسيم القوانين، ويصدر اللازم من القرارات التي تنتظرها الأمة، وأن تتخلى عن الرفاهية، والاجتماعات الأسبوعية القصيرة، وأن تعمل باستمرار إلى أن تنجز شيئاً ترضى عنه، ويسعد به المواطن، ويعوضه عن سنوات الخراب والفوضى والفساد التي مر بها، التي جعلته يفقد ثقته بحكوماته. ولو كنت مسؤولاً في مجلس القضاء الأعلى لاقترحت جعل العطلة القضائية هذا العام شهراً واحداً، على الأكثر، فحجم القضايا التي يتطلب الأمر البت فيها مخيف بالفعل.. ونحن في حالة حرب، والوقت ليس في مصلحتنا، وآن لعجلة الإنجاز أن تتحرك، فقد تضاءلت الآمال بإنجاز حقيقي وسريع طال انتظاره.
* نقلا عن “القبس”