لا مبرر اطلاقاً ومن غير المقبول أبداً أن يشارك سياسي فلسطيني معروف في لقاء سياسي صاخب الحضور في روما، والى جانبه الوزير الإسرائيلي السابق شلومو بن عامي، ويداه مطختان بالدم الفلسطيني، حيث عقد ذلك اللقاء، تحت عنوان: “الشرق الأوسط في أزمة.. إسرائيل وفلسطين: أي آفاق؟” فإلى أي مستوى وصلت بهذا “القيادي” الأمور حد المشاركة الفاضحة وعناق القاتل، وسط تصفيق الجهة التي دعتهما للمشاركة، باعتبارهما شخصيتان هامتان من الشرق الأوسط.
ان هذه المشاركة غير المقبولة والمدانة والتي لا تندرج في اطار التطبيع فحسب، بل تتعدى ذلك الى البحث عن دور ما والتساوق مع مشاريع سياسية جديدة، تطرحها الولايات المتحدة والدول الغربية وبعض الأنظمة الهامشية في المحيط العربي التي تروج للقيادة البديلة وللأطر الموازية أو البديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، وبكل تأكيد فان هذه المشاركة ومهما كانت دوافعها، فإنها تتطلب وقفة للتقييم والمحاسبة الجادة، والوقوف أمام هذا النهج وهذه الرهانات التي تسوق هذه اللقاءات وغيرها من مشاريع التطبيع التي أوصلت القضية الوطنية إلى ما وصلت إليه من تراجع ومن تشويه.
لم يحقق هذا “القيادي البارز” من هذه المشاركة إلا شيئاً واحداً، وهو إضافة اسمه على “قائمة العار” ومن غير المسموح لأمثال هؤلاء التحدث باسم الشعب الفلسطيني وإعطاء المواقف التي أثبتت أنها تميل حيث تميل الرياح، ويجب فضح هؤلاء وتعريتهم وكشفهم أمام الشعب الفلسطيني.
لقد جاء هذا اللقاء المشبوه في روما في ظل جريمة الحرب والابادة الجماعية على شعبنا ليمثل تحدياً سافراً للمشاعر الوطنية الفلسطينية، واستفزازاً لشعبنا الذي يقدم التضحيات ويتعرض للإبادة والتطهير العرقي، فكيف تعانق الضحية قاتلها وحارمها النور، وهل يستوي القابضون على الجمر مع تجار المرحلة !!
نعم هو تحدٍ سافر للمشاعر الوطنية الفلسطينية، وللدعوات المتكررة المطالبة بمقاطعة الاحتلال الإسرائيلي، اقتصادياً وأمنياً وثقافياً واعلامياً، ووقف كل أوجه التعاون معه، وعلى اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية والقوى الوطنية والإسلامية التوقف الجدي أمام هكذا مشاركة وبمثل هذا المستوى وفي ظل هذا التوقيت المعمد بالدماء والأشلاء المتناثرة بفعل جريمة الحرب التدميرية والتصفوية، والتدقيق بملابسات هذه الخطوة المسيئة لنضالات شعبنا وتضحياته واتخاذ الإجراءات الضرورية لمنع تكرار مثل هذه الممارسات التي لا تعود على القضية الوطنية إلا بالإساءة والضرر.
ان مثل هذه المشاركات مضرة ومسيئة، وخاصة في ظل هذه الحكومة الفاشية التي يرأسها بنيامين نتنياهو ومن معه من أقطاب اليمين العنصري المتطرف، وتعطي تفسيرات غير منطقية، وهي من حيث المبدأ مرفوضة ومدانة وغير منطقية أبداً.
وازاء هذه المشاركة في هذه المؤتمرات، التي يحاول البعض التستر عليها، تنطلق دعواتنا من جديد الى الضرورة الوطنية بوجود مقاطعة شاملة للاحتلال وتعزيز لحركة BDS، ففي اللحظة التي نطالب فيها العالم بمقاطعة الاحتلال، لا يجوز أن نطبع نحن معه، وأي مشاركة فلسطينية في مثل هذه اللقاءات ومهما كانت المبررات هي محاولة لإظهار أن هناك شيئاً مشتركاً.
ان هذه المشاركة بالذات بجانب مجرمي حرب إسرائيليين من قادة حكومة وجيش الاحتلال، تتجاوز التطبيع لتشكّل تواطؤاً واعياً في مخطط العدوّ الإسرائيلي لتوطيد نظام الاحتلال والاستعمار الاستيطاني والأبارتهايد وضرب المقاومة الشعبية الفلسطينية وحركة التضامن العالمية مع نضال شعبنا من أجل الحرية والعودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
المشاركة الفلسطينية في مثل هذه المؤتمرات ومهما كانت مستوياتها فإنها تخدم اسرائيل في ضرب حركة المقاطعة، وتستخدمها للادعاء بأن هناك جسوراً للسلام لا تزال قائمة مع الفلسطينيين، وهي طعنة لنضالات وتضحيات شعبنا، ويجب العمل على مقاطعة كل من يشارك في مثل هذه المؤتمرات واللقاءات وعزلهم وعدم المشاركة معهم في أي عمل وطني، فمن غير المقبول التعامل معهم وتقديمهم كقادة وصناع قرار في السياسة الفلسطينية.
هل القلم مرفوع عن أمثال هذا “القيادي” ليشارك في هكذا لقاء، ماذا لو كان هناك مشاركون آخرون، ولماذا يخفت الضجيج ولا نرى بيانات الإدانة والشجب عندما يشارك مثل هؤلاء وهم الذين يظهرون بمواقف الرفض ويطلقون المواقف والأحكام عبر قنوات إعلامية تسوق لهم مواقفهم والتي باتت مكشوفة وعارية أمام الرأي العام كونها تخدم أطرافاً معروفة، وخاصة وأن هناك تحركات لشخصيات من شتى التوجهات يعقدون الاجتماعات في بلدان مختلفة وهدفها الأساسي البحث في آليات خلق البديل أو الأطر الموازية لمنظمة التحرير، والتي نقول كما قلنا دائماً بأنها الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وأنها قائدة النضال الوطني لتحقيق المشروع الوطني، نختلف فيها ولا نختلف عليها.