مع أهمية وقف إطلاق النار فى غزة، والتوصل إلى هدنة حتى يتم فتح ثغرة لتغيير حالة الحرب التى شملت منطقة الشرق الأوسط كلها، والتى تهدد بإشعال جبهة ثانية هى مفتوحة للحرب بشكل مستمر، ولكن فى إطار من قواعد اشتباك تعارفت عليها الأطراف المتحاربة (جبهة لبنان، أو الجنوب، مع حزب الله)، و(إسرائيل) التى تشن حربها العبثية، أو المفتوحة، على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضى، كما أن هناك جبهة ثالثة مفتوحة جزئيا على البحر الأحمر أطرافها الحوثيون فى اليمن، وكل الأطراف، والسفن المارة عبر هذا الممر الإستراتيجى للتجارة الدولية، والذى تأثرت فيه حركة التجارة كاملة بين الشرق والغرب، مما أدى إلى ازدياد تكاليف الرحلات البحرية، هذه الجبهة هى الأخرى مرتبطة بما يسمى «محور المقاومة»، وهى الأخرى تنتظر نتائج المباحثات التى تجرى حول الهدنة بين «حماس» وإسرائيل، ووقف الحرب الدائرة هناك.
وفى هذا الإطار، يكفى أن نشير إلى أن حسن نصر الله، زعيم حزب الله اللبنانى، قد صرح بأن وقف حرب غزة يعنى وقف جبهة الجنوب اللبنانى، وأن «حماس» تتفاوض باسم «المقاومة» ككل، وتلك ثغرة أخرى للتهدئة فى الشرق الأوسط، يجب استغلالها والاستفادة منها، وإذا فكرنا بعمق فى هذا الموضوع فسنجد أن استمرار الحرب فى غزة يعنى اشتعالها فى سوريا، ولبنان، والأردن، عبر الضفة الغربية، وفى اليمن، كذلك، عبر الحوثيين فى البحر الأحمر.
أعتقد أن حالة الحرب فى الشرق الأوسط لن تهدأ، لأنه يبدو أن بعض الأطراف الذين أشعلوها لن يجدوا لأنفسهم مكانا بعد الهدوء، فمثلا بنيامين نيتانياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، وحزبه المتطرف الحاكم، يشعر بأنه غير جاهز للسلام، والاستقرار، لأنه سوف يسقط، ويُقدم للمحاكمة، والراغبون فى استقرار الشرق الأوسط، يحاولون أن يفتحوا ثغرة للسلام.. فقط، يبقى أمامنا نتانياهو، وهو ذاهب فى نهاية هذا الشهر إلى أمريكا، ليخاطب الكونجرس، فهل يجد ملاذا آمنا لنفسه، ومستقبله السياسى فى واشنطن، ويعقد صفقة نحو التهدئة، ونهاية الحروب، ولو مؤقتا، حتى تأخذ، أو تلتقط، المنطقة أنفاسها، أم أن غريزة نيتانياهو، وشهوته للحرب أصبحت أقوى من القدرة على التحكم فى تلجيمها فى ظل مجتمع دولى، وقيادات عالمية ضعيفة أمام سيطرة قوى الحروب؟!