هانيبال القذافي يطلب التحقيق في شهادة وئام وهاب

السياسي – لم يمر ظهور رئيس حزب التوحيد العربي، الوزير اللبناني السابق، وئام وهاب، ضيفًا على برنامج «القرار»، على مواقع السوشيال ميديا، مرور الكرام. فبعد أيام من إذاعة اللقاء، خرج هانيبال القذافي نجل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي بتصريحات، مطالبا المحقق العدلي في لبنان باستدعاء وهاب للاستماع إلى إفادته بشأن قضية الصدر التي أمضى بسببها نحو 10 سنوات من الاعتقال في لبنان دون محاكمة، ومتسائلا: «لماذا الصمت الرهيب تجاه هذا الموضوع؟».

«10 سنوات، نسيت اسمي هون، نسيت ذكريات طفولتي، دمروني تدمير تحت الأرض».. بهذه الكلمات يصف هانيبال القذافي سنوات الاعتقال السياسي التي أمضاها في زنزانته، وذلك خلال تواصله مع قناة «الجديد» اللبنانية من داخل سجنه، مسجلا عتبا على من يسميهم عشاق الإمام موسى الصدر، ومتسائلا: «أين أصواتهم من الكلام الذي قاله الوزير السابق وئام وهاب في مقابلته على قناة الغد؟.

وئام وهاب، الذي يعد واحدًا من أجرأ السياسيين اللبنانيين، هو شخص مثير للجدل بتصريحاته، وصدامي بمواقفه، بدأ مسيرته صحفيًا ثم مستشارًا سياسيًّا، حتى عُيِّن وزيرًا للبيئة، وفي الأخير ترأس حزب التوحيد العربي.

موقف وئام وهاب من موسى الصدر

وأمام خيارين طرحتهما مقدمة برنامج القرار على وئام وهاب: إما أن يكشف سرًّا أو يعتذر لشخص، اختار الوزير السابق أن يعتذر للإمام موسى الصدر، معللا ذلك بالقول: «كنت كتير أحكي عنه سلبًا، كنت أكرهه، كنت يساري، وكان هو بفترة مع السوريين لما فاتوا على لبنان سنة 1976، وكنت أكرهه لفترة طويلة، وبعدين صار عندي رأي تاني فيه، إن الإمام الصدر هو مصدر إلهام لثورة شعبية بلبنان، ولتأسيس المقاومة وتحرير لبنان».

وأضاف: «تغيرت نظرتي له، بس كنت كتير أكرهه زمان، كنا بنكره كل رموز الإقطاع، كنا نكره صائب سلام مثلا، رجعنا قلنا لا فيه إيجابي وفيه سلبي».

وتابع: «حتى مع القذافي، ما كان رأيي فيه إيجابي – يعني موسى الصدر – لكنى أعتبره أنه إنسان كان رائع».

موسى الصدر لم يعد موجودًا

وردَّا على سؤال : «سألت القذافي عن الإمام موسى الصدر.. أين هو؟»، أجاب وئام وهاب: «سألته.. لكن ما راح أقول لك لأنك بتعملي لي مشكلة كبيرة، ما فيا أقولك لأنه راح تصير مشكلة كبيرة»، مضيفا: «الإمام الصدر لم يعد موجودَا، ومنذ الأيام الأولى لم يعد موجودًا».

قصة اختفاء الصدر

تعود قصة اختفاء موسى الصدر إلى الخامس والعشرين من أغسطس/ آب عام 1978، حينما سافر إلى ليبيا رفقة اثنين من أصحابه، هما: الشيخ محمد يعقوب، والصحفي عباس بدر الدين، في زيارة رسمية للقاء مسؤولين حكوميين بدعوة من الرئيس الليبي معمر القذافي، وقد شوهد ثلاثتهم للمرة الأخيرة 31 أغسطس/ آب 1978، وانقطعت أخبارهم منذ ذلك الحين.

وفي الثامن عشر من أغسطس/ آب 1978، أعلنت السلطات الليبية أن موسى الصدر ومرافقيه سافروا من طرابلس الغرب، مساء يوم 31 أغسطس/ آب إلى إيطاليا، على متن طائرة الخطوط الجوية الإيطالية، وبالفعل وُجِدت حقائب الصدر مع حقائب أحد مرافقيه وهو الشيخ محمد يعقوب في أحد فنادق روما، عندئذ، فتح القضاء الإيطالي تحقيقًا موسعًا في القضية، لكن قرارًا صدر عن المدعي العام الاستئنافي في روما بحفظ القضية، بعد أن ثبت أن الصدر ورفيقيه لم يدخلوا إلى الأراضي الإيطالية، ولم يمروا بها «ترانزيت».

تعددت النظريات الخاصة بملابسات اختفاء موسى الصدر ومرافقيه، إلا أن أيًّا منها لم يثبت، ليبقى مصيرهم مجهولا حتى اليوم.

علاقة هانيبال القذافي بالقضية

هانيبال القذافي، هو الابن الخامس للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وقد احتجزه القضاء اللبناني منذ ما يقرب من 9 أعوام، وذلك على خلفية اتهامه بجريمة ارتُكِبت وعمره عامان.

لا يزال هانيبال القذافي قيد الاحتجاز احتياطيًّا منذ اعتقاله في ديسمبر/ كانون الأول، ففي الثاني عشر من هذا الشهر عام 2015، قال مسؤولون قضائيون لبنانيون، إن قاضي تحقيق سيستجوب هانيبال بشأن اختفاء رجل الدين الشيعي البارز، موسى الصدر، في أثناء زيارته لليبيا عام 1978.

وأضاف المسؤولون، أن القاضي طلب إحضار هانيبال إلى قصر العدل للتحقيق في ما إذا كانت لديه معلومات حول الإمام موسى الصدر، وفق ما أوردته وكالة أسوشيتد برس آنذاك.

جاء ذلك بعد اختطاف هانيبال لفترة وجيزة عام 2015 على يد مسلحين في لبنان، بعد إقناعه بالقدوم إلى لبنان لمتابعة قضية شقيقه سيف الإسلام أمام المحكمة الجنائية، وما أن وصل إلى الأراضي اللبنانية حتى تم خطفه من قبل مسلحين، قبل أن يسلموه إلى الشرطة.

هانيبال القذافي - رويترز
هانيبال القذافي 

مطالبات ليبية بالإفراج عن هانيبال

منذ احتجازه في لبنان، طالبت ليبيا مرارا بالإفراج عن هانيبال القذافي. وفي التاسع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2016، قدم المحامي خالد محمد الزائدي، الموكل من الحكومة الليبية المنبثقة من مجلس النواب الليبي للدفاع عن هانيبال القذافي، شكوى ضد الحكومة اللبنانية لقيامها بالاعتقال التعسفي لنجل القذافي.

ونقلت مصادر عن الزائدي إن «اعتقال هانيبال وتوقيفه كان نتيجة جريمة خطف حاصلة في سوريا إلى لبنان، ومن ثم توقيفه على هذا الأساس من قبل القضاء اللبناني، حيث تم خطفه بتاريخ 11 ديسمبر/ كانون الأول 2015، من خلال نصب عناصر مسلحة تابعة لنائب لبناني سابق كمينا له وخطفته من الأراضي السورية، وعذبته وأدخلته بقوة السلاح بصورة غير شرعية إلى الأراضي اللبنانية».

وأكد الزائدي على أنه من حيث أن هنيبال القذافي لم يكن شاهدًا ولا مشتبهًا فيه ولا مطلوبًا في أثناء فترة التحقيق الممتدة من 1981 حتى 2008، وأن قرار الاتهام الصادر بتاريخ 21 أغسطس/ آب 2008 عن المحقق العدلي الذي رفع يد قاضي التحقيق العدلي عن التحقيق وعن القضية ولم يتناول هانيبال بأية صفة كانت، لا بصفة مشتبه به أو مدع عليه أو شاهدًا أو حتى مطلوبًا الاستماع إليه.

وقال الزائدي إن الجرم المنسوب إليه هو جريمة كتم المعلومات في قضية اختفاء موسى الصدر عام 1978، وهذا يعنى أن سبب استجوابه هو خطف وليس لمعطى معين موجود في الملف القضائي المقفل مند عام 2008، لم يكن هناك أي دليل لكي يوجهه له.

وأشار إلى إقرار هانيبال بعدم حيازته على أي معلومات عن القضية، وبغياب محاميه ادعى عليه بجريمة كتم المعلومات عن قضية اختفاء موسى الصدر، في حين أنه بتاريخ اختفاء موسي الصدر ورفيقه كان هانيبال يبلغ من العمر سنتين، وبالتالي فإن الطابع التعسفي للاعتقال المنفذ بالتزامن وبالتنسيق مع عملية الخطف يكون مخالفًا للميثاق الإعلامي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وحيث إن ثبوت الطابع التعسفي للاحتجاز ثابت.

تدهور صحة القذافي

وفي السابع من يونيو/ حزيران 2023، أعلن محامي هانيبال القذافي، أن صحة موكله تتدهور، وذلك بعد 3 أيام من الإضراب عن الطعام احتجاجًا على اعتقاله في لبنان دون محاكمة طبقًا لما أوردته صحيفة إندبندنت البريطانية.

واتخذ هانيبال القذافي من معركة الأمعاء الخاوية، وسيلة للاحتجاج على استمرار القضاء اللبناني في احتجازه، على خلفية اتهامه بجريمة ارتُكِبت وعمره عامان.

فالإضراب عن الطعام الذي بدأه هانيبال في يونيو/ حزيران 2023، أدى إلى تدهور حالته الصحية وتم نقله للمستشفى.

حينها، قالت مصادر طبية، إن هانيبال القذافي يعاني من التهابات حادة في العمود الفقري وهبوط بضغط الدم، وذلك نتيجة إضرابه عن الطعام.

ويُحمِّل فريق الدفاع عن القذافي مسؤولية حماية حياته للسلطات اللبنانية، التي لا تزال تصر على استمرار اعتقاله دون محاكمة في قضية لا ناقة له فيها ولا جمل، وفق وصفهم، بالرغم من ظروفه الصحية.

ولا يزال ملف نجل القذافي دون تسوية قضائية، بالرغم من محاولة أطراف ليبية عدة التدخل من أجل الإفراج عنه، وبالرغم من المفاوضات التي تمت بين فريق دفاعه واللجنة المكلَّفة بقضية اختفاء موسى الصدر الذي فُقِد في ليبيا عام 1978.

شاهد أيضاً