السياسي – قالت صحيفة “نيويورك تايمز”، في تقرير أعدّته آن كارني، إن كامالا هاريس، التي تقترب من الحصول على ترشيح الحزب الديمقراطي لبطاقة الرئاسة 2024، ستتغيّب عن كلمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس، يوم غد الأربعاء، لأسباب تتعلق بجدولها، ولأنها ستكون خارج واشنطن.
وأكد مساعدٌ لها أن غيابها مرتبط بكلمة ستلقيها أمام نادٍ نسائي بإنديانا بوليس. ونقلت الصحيفة عن مساعد لها قوله إن غيابها يجب ألا يفسّر على أنه تغيّر في التزامها بإسرائيل.
فكرئيسة لمجلس الشيوخ، يجب عليها، من الناحية التقليدية، الجلوس وراء الزعيم الأجنبي، وهو تقليد قصد منه الترحيب به والدعم له. وسيجلس مكانها رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ، الديمقراطي عن ولاية ميريلاند، بنجامين كاردين، وسيجلس إلى جانب رئيس مجلس النواب الجمهوري مايك جونسون، ووراء نتنياهو.
ويعتبر كاردين، الذي سيتقاعد من الكونغرس، من المؤيدين الكبار لإسرائيل، وظلّ مؤيداً متحمّساً للدولة اليهودية، حتى مع الخلافات بين مسؤولي إدارة بايدن وإسرائيل بشأن الحرب في غزة.
وطلب من السناتورة الديمقراطية عن واشنطن باتي مري الجلوس، لكنها رفضت، وقال متحدث باسمها إنها لا تخطط لحضور الكلمة. وقال ديمقراطيون آخرون إنهم يخطّطون لمقاطعة الخطاب احتجاجاً على إدارة اسرائيل للحرب في غزة.
ونظر إلى زعيم الغالبية الديمقراطية تشاك شومر كشخص غير مناسب للقيام بالدور، نظراً لخطابه الذي اتهم فيه نتنياهو بأنه عقبة كبيرة للسلام في الشرق الأوسط، ودعا إلى انتخابات في إسرائيل بعد تراجع الحرب.
ودعا قادة الحزبين نتنياهو لإلقاء الكلمة، إلا أن جونسون كان المحرك الرئيسي وراء دعوة نتنياهو، وجاءت وسط ما قال المعلقون الأمريكيون إنها خلافات مع إدارة بايدن بسبب إدارة الحرب في غزة.
إلا أن غياب هاريس عن الجلسة لا يعني، حسب صحيفة “الغارديان”، في تقرير لمراسلها في واشنطن أندرو روث، تحولاً عن سياسات دعم إسرائيل، إلا أن المرشحة الديمقراطية ستحاول التعامل مع ملف غزة وإسرائيل بحذر.
ويقول المقرّبون من هاريس إنها ستحاول الاستجابة، والتعامل مع النقد العام لنتنياهو، وأكثر من بايدن، والتركيز على مأساة المدنيين الفلسطينيين.
وقالت الصحيفة إن واحداً من الأمور الغامضة التي تخيّم على زيارة نتنياهو المثيرة للجدل إلى واشنطن، هذا الأسبوع، هي الطريقة التي سيستقبل فيها بالبيت الأبيض.
وحتى يوم الإثنين، الذي غادر فيه نتنياهو إسرائيل، لم يتم تأكيد لقاءات مع بايدن أو هاريس. ورغم انشغالها خارج واشنطن، إلا أنها ستجلس وبايدن مع رئيس الوزراء الإسرائيلي في لقاءات منفصلة في البيت الأبيض.
ونفت أن تكون رحلتها إلى إنديانا بوليس إشارة عن تغيّر في الموقف من إسرائيل. لكن الترحيب المهلهل يعتبر ضربة لنتنياهو، الذي حاول استخدام اتصالاته في واشنطن لتعزيز موقفه كرجل دولة داخل إسرائيل، والمحافظة على علاقاته مع الديمقراطيين، في حالة هزيمتهم دونالد ترامب، في تشرين الثاني/نوفمبر.
ويقول داعمو هاريس والمقرّبون منها إنها ستتعامل مع النقد لنتنياهو، وأكثر من بايدن، وستحاول التركيز على الضحايا بين المدنيين الفلسطينيين، حتى لو حافظت على الدعم العسكري الأمريكي لغزة، والتزمت بسياسة بايدن الخارجية.
ونقلت “الغارديان” عن جيرمي بن عامي، رئيس مجموعة الضغط الليبرالية المؤيدة لإسرائيل، جي ستريت: “الفارق الجيلي بين بايدن وهاريس هو خلاف مهم في كيفية نظر المرء لهذه القضايا”، مضيفاً: “هذه ليست بالضرورة مسألة سياسة، بقدر ما أعتقد أنه تأطير، وهناك تأطير بين جيل كامالا هاريس والشباب لمزيد من الاعتراف بالفلسطينيين على الجانب الآخر من المعادلة، وكذا لمزيد من الاعتراف بمخاوف الشعبين، وأن تكون الاحتياجات والحقوق جزءاً من هذا الحوار”.
ودعت هاريس، وبقوة، إلى وقف إطلاق النار، وانتقدت طريقة إدارة إسرائيل للحرب.
وبنفس الوقت، حاولت التأكيد على سجلها في دعم إسرائيل، حتى مع غيابها عن واشنطن أثناء كلمة نتنياهو، كما قال مساعدٌ لها: “طوال مسيرتها السياسية كان التزامها بأمن إسرائيل لا يتزعزع، وهذا صحيح اليوم”.
وفي آذار/مارس، قالت، بخطاب بمدينة سيلما، بألاباما، المكان الذي شهد مظاهرة تاريخية لحركة الحقوق المدنية: ” كما قلت أكثر من مرة قتل الكثير من الأبرياء الفلسطينيين. وكما شاهدت، قبل أيام قليلة، أناساً جياعاً يائسين يتقدمون نحو شاحنة مساعدة، وهم يحاولون تأمين الطعام لعائلاتهم، بعد أسابيع لم يصل فيها الدعم إلى شمال غزة، وقوبلوا بإطلاق النار والفوضى”.
ويقول إيفو دالدر، رئيس مجلس شيكاغو للشؤون العالمية، والمبعوث الدائم السابق للناتو: “لا يوجد شك كبير بأنها الصوت [داخل الإدارة] الذي يدفع بشدة لمنح السكان المدنيين في غزة الأولوية، والتأكد من أن يظل الموضوع في الأول في أذهان الناس، بمن فيهم الرئيس”.
ولكن هاريس لم تظهر أي رفض لقرار الإدارة حالة اتخاذه. ويقول الديمقراطيون الناقدون لدعم بايدن لإسرائيل إن هاريس لم تظهر رفضاً كافياً يجعلها تخرج عن المألوف.
ولم يدعم عمدة ديربورن في ميتشغان، عبد الله حمود، هاريس، وكتب أنه لم يصادق على هاريس، لأنه بمثابة “دعم مرشح من أجل توجيه السياسة المحلية، والتخلي عن مسار الإبادة الذي رسم في غزة، وأبعد منها”، و”يحتاج الأمريكيون مرشحاً قادراً على إلهام المرشحين للخروج إلى صندوق الاقتراع في تشرين الثاني/نوفمبر”.
ويرى خبراء السياسة الخارجية أن هاريس ستلتزم بسياسات بايدن من إسرائيل، لكنها ستواصل الحديث، وبقوة، عن مأزق الفلسطينيين بسبب الحرب، أو ضد المستوطنات الإسرائيلية.
ونقلت الصحيفة عن الزميل الباحث في وقفية كارنيغي، والمفاوض الأمريكي السابق، أرون ديفيد ميلر قوله: “ستتعرض لنفس القيود التي تعرض لها بايدن، السياسة والقيود التي تجعلنا لا نمارس النفوذ على حلفائنا، أو نضغط عليهم”، و”سيكون الخطاب حاداً، وسيكون هناك تعاطف مع الحقوق الفلسطينية. وربما كانت هناك سياسة من الاستيطان، ولكن مع نهج متشدد خطابياً. وستتبع نهج أوباما، الذي كان شديداً في خطابه، وليس في الفعل”.
ويرى دبلوماسيون أوروبيون أن سياسات هاريس ستتأثر بالفريق الذي يعمل معها. ومن أهمهم فيل غوردون، الذي عمل في مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية، ويعمل كمستشار أمن قومي لهاريس.
وسيتم التركيز، في النهاية، على المنظور، وخلال الأسبوع المقبل، فقد “جاء نتنياهو إلى هنا للتركيز على سياسته وسياستنا”، كما يقول ميلر. و”أعتقد أنه مصمم على تقديم نفسه للإسرائيليين بأنه رئيس الوزراء الوحيد القادر على عقد لقاء في البيت الأبيض، ومخاطبة الكونغرس للمرة الرابعة، كل هذا يعطيني صورة عن غطرسة، في جزء منها، وسياسة ذكية في الجزء الآخر”.