أطفالنا..والطلاب (مستقبلنا).. الهدف الأول

موفق مطر

اكثر من عشرة آلاف طالب من مواطني قطاع غزة استشهدوا بمجازر ارتكبها جيش منظومة الصهيونية الدينية والسياسية والاحتلال الاستعماري (اسرائيل) منذ السابع من اكتوبر الماضي وهذا يساوي ثروة علمية ومعرفية للشعب الفلسطيني لا تقدر بثمن، فنحن ندرك جيدا عناية المواطن الفلسطيني عموما، والكادح خصوصا في تمكين أبنائه من الجنسين للحصول على شهادات جامعية وأكاديمية عليا مهما تطلبت من تضحيات، ولعلي شاهد على هذه الحقيقة، من خلال معايشتي الوثيقة لمجتمع مخيم العائدين الفلسطيني في مدينة حماه في سوريا عندما كنت رئيسا قائدا لفرقة كشافة اسسناها هناك باسم الشهيد أكرم فايز دياب، عندما لمست حرص أولياء الأمور البالغ على نجاح ابنائهم من الجنسين دون تمييز، ولعلي اذكر الحاجة ام علاء التي أثبتت أن التعلم خير سلاح للانتصار على الفقر، وأثبتت ذلك بتقديم أبنائها للمجتمع متسلحين بشهادات جامعية باختصاصات متميزة، أما الشهادة الأخرى فهي من طالبة في قسم تكنولوجيا التعليم في جامعة الأقصى، عندما روت لي ( أنا استاذها ) بمادة التصوير الضوئي في التعليم، قصة كفاح والدها، لتمكين بناته الأربع من الدراسة في الجامعات، فقد كان عاملا ذا دخل محدود جدا، وشرحت لي كيف ضاعف جهده في عمل آخر حتى لا يمن عليه أحد في تعليم فلذات كبده .. كانت تحضر مع أخواتها من جنوب القطاع الى مدينة غزة، وهذا قبل انشاء فروع في محافظات جنوب القطاع، كخانيونس ورفح، لذلك نعرف حجم الخسارة البشرية الانسانية – لا تقدر بثمن – التي اصابت شعبنا، وفي ظلها خسائر مادية – تدمير معظم المدارس، ونسف مباني الجامعات وقصفها في قطاع غزة – الأمر الذي سينعكس سلبا في المدى القريب، إن لم يكن على المدى البعيد، فهذه خسائر يصعب تعويضها، لكن ليست تحت بند المستحيل !.. ورغم ذلك لابد من تركيز الضوء على هذه القضية، لأننا سندرك أهداف منظومة الاحتلال والاستيطان العنصرية الحقيقية البعيدة المدى، من ابقاء الشعب الفلسطيني في درجة عالية من انعدام التوازن والاستقرار، وأهدافها السرية، لكنها مدونة في كراس حكومة الصهيونية الدينية الحالية المنسوخة عن كراسات الحكومات السابقة منذ انشاء ( اسرائيل) فرؤوس المشروع الاستعماري الصهيوني الساسة والجنرالات ينظمون الخطط، ويعملون ليلا ونهارا وبأقصى طاقاتهم لدفع الشعب الفلسطيني للخروج من مدار الشعوب الحضارية المتميزة بالعلم والمعرفة والثقافة والتميز بالإبداعات الخلاقة، العائدة بالفائدة على الانسانية، وما تسويق منظومة الاحتلال وترويجها ادعاءات (افتراءات) حول مدارس وجامعات فلسطينية، واتخاذها كذرائع لنسفها وتدميرها وسط اجواء فرح وتصفيق من جنود جيش الارهاب والجريمة، إلا دليل مؤكد على أهداف المنظومة، فالإبادة الجماعية عند مجرمي الحرب هؤلاء لا حصر لحدودها، اذا تتجاوز اليوم لتبقى تأثيراتها وارتداداتها العنيفة قائمة في المستقبل المستهدف اصلا !..لكن السؤال المشروع هنا، لماذا يستهتر العاملون لصالح أجندات خارجية، اصحاب الشعارات والأهداف الفئوية بمصير ( مستقبلنا ) أي بمصير أطفالنا، تلاميذنا، طلاب العلم والمعرفة في الجامعات والمعاهد وغيرها، ولا يقيمون وزنا لقداسة صروح التعليم ( المدارس والجامعات وغيرها ) وهم يعلمون يقينا أن هذا الهدف موجود منذ اكثر من مئة عام، على رأس بنك اهداف أي حملة عسكرية، أو حرب أو حملة ابادة، فالصهيونية الارهابية العنصرية تعيد استنساخ ذاتها ، من نشأتها الأولى الأصلية، وتستعيد أول اهدافها، بألا يبقى فلسطيني على وجه ارض فلسطين، وإن بقي فإنه مجرد طاقة بشرية لخدمته لا أكثر، لكن انى لهذه المنظومة تحقيق اهدافها ونحن ندرك ونعلم كل تفاصيل هيكلها العظمي، وخارطتها الجينية، وطبيعة مركزها العصبي، لذلك بادر الرئيس محمود عباس ابو مازن بتشكيل مؤسسة الرئيس محمود عباس لتقديم المساعدات المالية اللازمة لتمكين الناجحين في امتحانات الثانوية، في المخيمات الفلسطينية في لبنان من استكمال دراستهم في جامعات لبنانية – نظرا لخصوصية اوضاعهم – فالعلم والمعرفة واثبات الوجود الحضاري، سلاح الشعب الفلسطيني الأقوى والأعظم، فقد يخسر أي شعب معركة عسكرية، لكنه بالإرادة والوعي وبسلاح العلم، يحمي جذوره الحضارية، فيبدأ مع الحياة من جديد مع أول فجر للحرية يشده رغم دجى الظلم والظلام .. فإن كان طلابنا على رأس أهداف المشروع الصهيوني، فلنجعل حماية أطفالنا وطلابنا( مستقبلنا ) على رأس اهداف مشروعنا الوطني التحرري الحضاري.

شاهد أيضاً