يعيش الشعب الفلسطيني وسط حالة من القهر والقتل والإبادة، وبين سياسات التضييق والخنق وانعدام الأمل، وسياسات حرب الإبادة التي أتت على كل ما هو حيّ في قطاع غزة. تواصل حكومة الحرب حربها، ويواصل العالم دعمه حينًا وصمته حينًا آخر، وعلى هذا الحال مضت أشهر الحرب العشرة، ولا أحد يفهم ما الذي يريده العالم من الضحية التي تموت كل يوم وكل لحظة، ولا أحد يدري ما الذي يخطط له الاحتلال، رغم أنه منذ اليوم الأول للحرب وهم يتحدثون عن اليوم التالي للحرب، سواء أمريكا أو الاحتلال، فكلاهما يردد تلك المقولة التي ظهرت على حقيقتها بعد مضي كل هذه الأشهر، بأنها لا تعني شيئاً، سوى أنها فقاعة كلام.
الواقع الحياتي مستحيل في غزة وصعب جدًا في الضفة والقدس، وهذه الضبابية في الصورة وسط كل ما يحدث من قتل وتدمير منظم وممنهج، يخلق على الأرض ما لا يمكن التكهن أو التنبؤ به، فكل المؤشرات صعبة في ظل غياب الموقف الدولي، وعدم تراجع أمريكا عن مواقفها الداعمة للاحتلال، فهل تخطط أمريكا والاحتلال لبقاء هذا المجهول سيد الموقف، وعلى ماذا تراهن؟
ما نلمسه من مواقف أمريكية ودولية هو نذير غير محمود النتائج، فإما بقاء الحال على ما هو عليه، من قتل وتجويع وحصار وإبادة واستيطان واحتلال وتهويد، وإما اللاشيء في الفراغ الذي يريده نتنياهو، وهذا ما نراه في المشهد اليومي الدامي، في تصاعد مستمر واتساع رقعة القتل والإرهاب الإسرائيلي. وأمام هذا فإن الأراضي الفلسطينية كلها تسير نحو مجهول لا أحد يعلم رسمه وشكله. فلو سألنا أي مسؤول فلسطيني كان من كان، حول رؤيتة لمشهد الأيام القادمة، لتسلل الصمت وربما لاستكان قليلًا قبل أن يجيب بضبابية الصورة في المشهد غير المألوف وغير المسبوق، وربما لوجدنا يقول لا أعلم.
وأمام هذا كله فمن حقنا كفلسطينيين أن نسأل عما تريده أمريكا منّا، فلا هي تتعامل بجدية مع السلطة الفلسطينية في رام الله، ولا هي مستعدة للضغط على حكومة نتنياهو لكي يوقف عمليات التهويد والاستيطان والقتل والاجتياحات والحرب التي أتت على كل أشكال الحياة في غزة، فما الذي تريده أمريكا وهي بموقفها غير النزيه، ودعمها الكامل لسياسات وخطط نتنياهو وحكومته، تقرر عدم التعامل مع القيادة الفلسطينية، وعدم الاعتراف بالحق الفلسطيني، والبقاء في دوائر الانحياز للاحتلال.
لو سألنا أي فلسطيني وفلسطينية ماذا تريد، لوجدناه يجيب أريد حرية وحياة كريمة في دولة مستقلة وذات سيادة خالية من الاحتلال والاستيطان كباقي شعوب الأرض، وفي ذات الوقت لوجدنا يتساءل ماذا يريد العالم منّا؟ وماذا يريد الاحتلال وأمريكا منّا؟
الواقع الحياتي مستحيل في غزة وصعب جدًا في الضفة والقدس، وهذه الضبابية في الصورة وسط كل ما يحدث من قتل وتدمير منظم وممنهج، يخلق على الأرض ما لا يمكن التكهن أو التنبؤ به.