تفاقم عنف الشرطة في أمريكا

لا تزال ظاهرة العنف وجرائم القتل على يد قوات إنفاذ القانون، متفاقمة في الولايات المتحدة الأمريكية، إذا أظهرت إحصائية جديدة أرقاما صادمة وكشفت عن خارطة للأحياء الأكثر تعرضا لهذا العنف.

الإحصائية القاتمة التي أصدرتها حملة «زيرو» التي تستهدف الإحصاء والحد من عنف قوات إنفاذ القانون، كشفت عن مقُتل ما يقرب من 13400 شخص على أيدي قوات الأمن في الولايات المتحدة منذ عام 2013.

وبحسب الحملة فإن ذلك «يمثل حوالي 7% من جرائم القتل في البلاد»، وفقًا لبيانات جديدة أصدرتها الحملة.

خريطة العنف
ولا تظهر البيانات فقط ارتفاعًا في عمليات القتل على أيدي قوات إنفاذ القانون منذ عام 2013، ولكنها ترسم كذلك «خريطة عنف الشرطة».

إذا أظهرت أن «أحياء محددة في شيكاغو وسانت لويس، ذات الكثافة السكانية من ذوي البشرة السمراء، لديها نسبة عالية جدًا من عمليات القتل».

ويشير التحليل التفصيلي الذي نقله موقع «أكسيوس» الأمريكي، إلى أن «ممارسات الشرطة العدوانية في المناطق التي تضم نسبًا أعلى بكثير من السكان ذوي البشرة السمراء واللاتينيين والأمريكيين الأصليين تؤدي إلى المزيد من عمليات القتل على أيدي الشرطة».

على سبيل المثال، تظهر بيانات الحملة أن «الأمريكيين من ذوي البشرة السمراء كانوا أكثر عرضة للقتل على أيدي قوات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة بنحو 2.9 مرة مقارنة بالسكان عموما في الفترة من عام 2013 إلى 23 يوليو/تموز 2024».

إحصائية قاتمة
و«السكان ذوي البشرة السمراء في شيكاغو أكثر عرضة للقتل بنحو 30.6 مرة من السكان البيض، مع وجود نسب أعلى بكثير من عمليات إطلاق النار من قبل الشرطة في شوارع وأحياء معينة»، وفقًا للتحليل.

وبحسب التحليل فقد «كان الأمريكيون من ذوي البشرة السمراء أيضًا أكثر عرضة للقتل بنحو 10.5 مرات من الأمريكيين البيض في سانت لويس، مع ارتفاع نسبة عمليات إطلاق النار من قبل الشرطة في شوارع وأحياء معينة».

وكان عام 2023 هو العام الأكثر دموية بالنسبة للأشخاص الذين قتلوا على أيدي قوات إنفاذ القانون، حيث بلغ عدد القتلى على أيدي الشرطة 1352 شخصًا»، وفقًا لقاعدة البيانات.

 

كما تظهر الخريطة الجديدة أيضًا أن «الأمريكيين الأصليين والمقيمين من أصل إسباني كانوا أكثر عرضة لإطلاق النار من قبل الشرطة في المناطق الريفية».

وتعطي الخريطة أدلة على العدد المرتفع من الأمريكيين الأصليين واللاتينيين الذين قتلوا على يد قوات إنفاذ القانون في منطقة فور كورنرز في نيو مكسيكو التي تقع على حدود قبيلة «نافاجو».

و«نافاجو» هم أحد الشعوب الأمريكية الأصلية في الجنوب الغربي من الولايات المتحدة، وتعد قبيلتهم هي ثاني أكبر قبيلة معترف بها فيدراليا بعد قبيلة شيروكي.

ويقيم أبناء نافاجو في أراضي مساحتها 70 ألف كيلومتر مربع، تشمل ولايات أريزونا ونيو مكسيكو ويوتا، فيما يبلغ عدد أبناء قبيلة نافاجو المسجلين رسميا حوالي 400 ألف نسمة، وفقا لأحدث الإحصاءات.

نسب القتل
وتعتمد الحملة زيرو على آلية للإحصاء حيث تقوم قاعدة البيانات بفحص أي حادث يستخدم فيه ضابط إنفاذ القانون، سواء أثناء الخدمة أو خارجها، القوة المميتة، مما يؤدي إلى وفاة شخص ما، بغض النظر عما إذا كانت الوفاة “مبررة” أو “غير مبررة”.

ووجدت قاعدة البيانات أن «قوات إنفاذ القانون قتلت في المتوسط 1147 شخصًا سنويًا من عام 2013 إلى يوليو/تموز 2023، حيث يمثل الأمريكيون السود 28٪ من تلك الوفيات على المستوى الوطني».

جانب من عنف الشرطة الأمريكية

ويعتبر ذوي البشرة السمراء في الولايات المتحدة أكثر عرضة للقتل على يد قوات إنفاذ القانون بنحو 2.9 مرة من عامة السكان.

كما أن متوسط عمر الشخص الذي يتم قتله على يد قوات إنفاذ القانون في الولايات المتحدة هو 37 عامًا – و33 عامًا بالنسبة لذوي البشرة السمراء و44 عامًا بالنسبة للبيض.

ومنذ عام 2013، قتلت قوات إنفاذ القانون ما لا يقل عن 112 شخصًا في شيكاغو وما لا يقل عن 53 شخصًا في سانت لويس.

وأكد المدير التنفيذي لحملة «زيرو»، ديراي ماكيسون، لـ«أكسيوس» أنه “للمرة الأولى، سنكون قادرين على التحدث عن الأحياء بطريقة لم نتمكن من القيام بها من قبل”،

وأضاف “لم نتمكن مطلقًا من تحديد الأحياء، ولكن لدينا خطوط الطول والعرض لجميع عمليات القتل”.

وتابع ماكيسون، أحد القادة الأوائل لاحتجاجات فيرغسون، إن “البيانات الجديدة ستسمح لقادة المدينة، بما في ذلك أعضاء مجلس المدينة الذين يمثلون بعض الأحياء الأكثر دموية، بإجراء محادثات أكثر تركيزًا حول عنف الشرطة”.جانب من عنف الشرطة الأمريكية

قراءة في العنف

وتدعم الخريطة ما قاله العديد من الخبراء حول تكتيكات الشرطة في الأحياء الفقيرة – حيث معدلات الجريمة أعلى من المتوسط – وكيف يؤدي ذلك إلى المزيد من عنف الشرطة.

ويقول ديريك هيرا، مؤلف كتاب «العنف البطيء والمفاجئ: لماذا ومتى تحدث الانتفاضات»، لـ«أكسيوس» إن «ممارسات الشرطة غير العادلة أو العدوانية تظهر أكثر في المجتمعات الفقيرة».

وقال هيرا إن مشاريع الإسكان العام، التي تم بناء بعضها عندما تم هدم المنازل لبناء الطرق السريعة، في جميع أنحاء البلاد في تسعينيات القرن العشرين والعقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أدت إلى خلق «جيوب من الفقر» يتم مراقبتها بشكل عدواني.

وأجبرت الاضطرابات الحضرية وإزالة أحياء لذوي البشرة السمراء وذوي الأصول اللاتينية، السكان على الانتقال إلى الأحياء التي تستخدم ائتمان الضرائب لذوي الدخل المنخفض.

ويعد جنوب شرق فيرجسون بولاية ميسوري، حيث قُتل مايكل براون، قبل عشر سنوات، هو مثال على ذلك.

وبراون هو شاب أمريكي من أصول أفريقية قتل في 9 أغسطس/آب 2014، وقد توفي بعد إطلاق النار عليه 6 مرات على الأقل من قِبل ضابط شرطة يسمى «دارن ويلسون» وهو أبيض البشرة، وكان أعزلا، وقتل في وضح النهار

وشهدت مدينة فيرغسون احتجاجات عارمة، وتضامنا مع سكانها بدأت تحركات احتجاجية مماثلة في المدن الأمريكية الكبرى، وعلى رأسها نيويورك، وشيكاغو، والعاصمة واشنطن.

شاهد أيضاً