*ناشط وكاتب عربي فلسطيني عضو الامانة العامة للشبكة العربية للثقافة والرأي والإعلام / شيكاغو
رحم الله الإمـام الشافعي القائل : رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. ولذلك ومن منطلق ترسيخ ثقافة الاختلاف ليس فقط في الرأي بل أيضا في السلوك والخُلق والحريات الشخصية، ونبذ التطرف والتشدد في الرأي والتعصب لفكرة ما،
و مقولة ايضآ تأسرني للمفكر والأديب العربي الراحل أحمد لطفي السيد الذي قال : الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية” ، وهي تأكيد على أن الاختلاف في الآراء ووجهات النظر هو ظاهرة صحية ونمط إيجابي للمجتمع المتحضر، وتعدد الآراء في مسألة ما إنما هو تعدد للحلول والعلاج، كما أن ذلك الاختلاف من الواجب ألا يؤدي إلى الخلاف والكراهية.
لذلك يقاس نُضج الإنسان ووعيّه في مدَى قُدرته على تقبُّل الاختلاف بصَدرٍ رَحب، في قُدرته على بناء الأراضي المُشتركة، وإنشاء نُقاط الوِفاق، والبُعد عن الشِقاق؛ قَدر الاستطاعة، في أن ينظر إلى الأمور والمواضيع والمُعطَيات من منظور شامِل وزوايا مُختلفة؛ حتى يصِل إلى الرؤية السليمة بشأنها.
حقا لا شيء يزيد الإنسان روعةً، وبهاءً، وجمالاً فريدًا؛ مثل رزانة العقل، ونُضج الفِكر، وحصافة الرأي، ورصانة الشخصيّة، وحُسن المنطق الذي يُبدِي جَوْهَر الشخصيّة، فبذلك يتجَلّى الإنسان في أبهَى صورة، ويكون لحضوره وأقواله وأفعاله أثرٌ ومعنى وقيمة.
فالاختلاف في الرؤى والآراء جزء طبيعي من التفاعل البشري، وقد يساهم ذلك الاختلاف في إثراء الحوار وتوسيع رقعة آفاق التفكير والعلم عند البشر.
عندما يتعامل الأشخاص بروح الاحترام والتسامح مع وجهات النظر المتناقضة وكيفية التعامل مع تلك الآراء، يمكن للود والعلاقة الطيبة الاستمرار إذا ما تيقنا بأن اختلاف الآراء ليس له تأثير سلبي على علاقتنا الشخصية مع الأخرين.
في الحقيقة عندما يتعاون الأفراد في مناقشة وجهات النظر المختلفة، فإنهم يصلون إلى أفضل الحلول وهذا بلا شك يساهم في بناء مجتمع متسامح.
ختاما : إن معالجة ظاهرة الاختلاف في الرأي تبنى على نهج التسامح والاحترام والحوار المفتوح البعيد كل البعد عن الإساءة والتجريح، كما أن حسن الاستماع أو الإنصات لوجهات النظر من أهم المهارات في بناء العلاقات وتحسين نوعية التواصل بين البشر، وبالرغم من الاختلاف في الرأي، يمكن أن تجد نقاطا مشتركة مع الآخرين، ما قد يساعد في تخفيف التوتر وبالتالي يمكن لنا أن نبني الفهم المشترك، كما يجب علينا تجنب الانجرار نحو العداء الشخصي أو الإساءة اللفظية، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله: «ألا يستقيم أن نكون إخوانا وإن لم نتفق في مسألة؟!».