السياسي – فشلت إدارة بايدن في تحقيق خطتها التي سعت لها منذ سنوات لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
وفق خبراء، فإن الجانب الأمريكي التزم الهدوء في الأشهر الأخيرة بشأن ملف تطبيع العلاقات بين البلدين، خاصة بعد خروج بايدن من السباق الانتخابي، ما يؤكد أن الإدارة الأمريكية لم يعد باستطاعتها إتمام “الصفقة”، في ظل “المجازر” التي تقوم بها إسرائيل، واشتراط الدول العربية حل الدولتين.
ويرى الخبراء أن الجولات والاتصالات، التي كانت تقوم بها الإدارة الأمريكية بشكل مكثف، لم تعد ذات جدوى، في ظل عدم قدرتها الضغط على إسرائيل وتحقيق الشروط العربية، الأمر الذي ترتب عليه تراجع التحركات الأمريكية، حتى انتخاب الرئيس الجديد.
-فشل واشنطن
وفي مارس/ آذار 2021، توقع جاريد كوشنر، صهر ومستشار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، أن “انضمام المزيد من الدول إلى اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل، قريب”.
وكتب كوشنر مقالا في صحيفة غربية، قال فيه: “نحن نشهد آخر بقايا ما عرف بالصراع العربي الإسرائيلي، فالعالم العربي لم يعد يقاطع الدولة اليهودية بل يراهن على أنها ستزدهر”.
وعاد كوشنر، في سبتمبر/ أيلول 2022، وتحدث مجددا عن الأمر، وانتقد كبير مستشاري البيت الأبيض السابق، إدارة الرئيس الحالي جو بايدن، لما قال إنه “فشل في إقناع المزيد من الدول العربية في الانضمام إلى اتفاقيات “أبراهام” (التطبيع) مع إسرائيل”، والتي لعب فيها دورا جوهريا.
وفي وقت سابق، تحدث الرئيس الأمريكي جو بايدن، عن استعداد المملكة العربية السعودية، لإتمام عملية التطبيع مع إسرائيل، مقابل ضمانات أمنية من الولايات المتحدة وإقامة منشأة نووية مدنية في المملكة، بحسب قوله.
-هدوء أمريكي
في الإطار، قال العميد فيصل العنزي، الخبير الاستراتيجي السعودي، إن “العام الماضي شهد مفاوضات كانت واضحة المعالم بشأن تطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل، والتي توقفت بعد عملية السابع من أكتوبر(تشرين الأول الماضي)”.
وأضاف أن “وزير الخارجية الأمريكي بلينكن، زار المنطقة نحو 7 مرات منذ السابع من أكتوبر، لإيجاد صيغة للمضي بالخطة الأمريكية، لكن ردود الرياض كانت واضحة في الأمر، إذ أكدت عدم إقامة علاقات دبلوماسية إلا مع خارطة طريق واضحة المعالم لحل الدولتين”.
ولفت العنزي إلى أن “إدارة بايدن فشلت في إيقاف المجازر في قطاع غزة، كما فشلت في إيجاد أي صيغة بعد أن أصبحت الشروط العربية واضحة”.
ووفقا الخبير الأمني، فإن “حل الدولتين أصبح حجر الأساس في أي مفاوضات، أو حل للأزمة في المنطقة”.
ويرى أن “الإدارة الأمريكية أصبحت أكثر هدوءا بشأن ملف التطبيع، في انتظار الرئيس الجديد، الذي يمكن أن تكون خطواته مغايرة”.
-معادلة جديدة
وتابع: “ما بعد السابع من أكتوبر، برز قطب عربي يضم دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة لجمهورية مصر العربية والمملكة الأردنية والمملكة المغربية، وهو يتحرك بفاعلية في الملف، إلى جانب اللجنة العربية المعنية بمتابعة الملف، والعمل على أهداف واضحة المعالم بشأن حل الدولتين”.
وشدد على ضرورة “توحيد الصف العربي بشكل كامل إلى جانب القطب الذي يضم 9 دول عربية، بما يساعد في التأثير بشكل أكبر والحصول على الأهداف المرجوة”.
ويرى أن “واشنطن لا يمكنها الضغط بشكل كبير على إسرائيل، خاصة أنها بمثابة القاعدة المتقدمة للجانب الأمريكي في المنطقة”.
-“مساع من أجل السلام”
من ناحيته، قال اللواء المتقاعد عيسى آل فايع، المتخصص في الشؤون الاستراتيجية والأمن الدولي، إن “المملكة ترغب دائماً في إيجاد حلول استراتيجية للأزمات، بحيث تضمن أمن واستقرار وازدهار منطقة الشرق الأوسط، بينما تسعى الدول الغربية لتحقيق مصالحها من خلال تحركات تكتيكية لا تزيد على كونها إدارة للأزمات لا حلاً لها”.
وأضاف أن “تطبيع العلاقات مع إسرائيل، في الوضع الراهن، لا يتماشى مع سياسة القمع والقتل والتهجير التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي، ولا يحقق أهداف رؤية المملكة لقضايا أمن واستقرار المنطقة إذا لم يتم إيجاد حل استراتيجي شامل للقضية الفلسطينية يتم بموجبه قيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، استناداً إلى المبادرة العربية للسلام عام 2002”.
-استمرار الضغوط الغربية
ولفت آل فايع إلى أن “الضغوط الغربية غير المباشرة على السعودية، موجودة منذ عقود وهي مستمرة حتى الآن نظرا لوقوفها في وجه المشاريع التوسعية مثل المشروع الصهيوني وميليشيات الإرهاب، التي تنفذ أجندات وأيديولوجيات تخريبية تستهدف أمنها وأمن المنطقة واستقرارها”.
وتابع: “لضمان نجاح المساعي التي تهدف إلى حقن دماء الفلسطينيين وتهدئة الأوضاع والشروع في عملية سلام شاملة تحقق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة للمنطقة، ينبغي على الدول العربية أن تقوم بأدوارها التكاملية سياسياً وأمنياً واقتصادياً واجتماعياً وإعلامياً، بحيث يتم استثمار الموارد العربية بشكل فعال وتوحيد المواقف السياسية تجاه التهديدات الأمنية والسياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية المشتركة وتحقيق أهداف الأمن القومي العربي وأهداف التنمية المستدامة المشتركة”.
وفي مايو/ أيار 2024، كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي، عن تفاصيل جديدة “حول الاقتراح الأمريكي الذي قدمه مستشار الأمن القومي جيك سوليفان، إلى كبار المسؤولين الإسرائيليين”.
في وقت سابق، قال المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، ديفيد بتريوس، إن “تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية في الوقت الحالي يعد أمرا بعيد المنال”.
وأضاف بتريوس، في تصريحات لوسائل إعلام أمريكية، أن “العائق الوحيد الكبير أمام تطبيع العلاقات بين الرياض وتل أبيب، هو حل الدولتين للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني”.