هل مازال أمامنا من الوقت الكثير لوقف هذا العدوان المجنون؟!
إن الوقت يمر كسرعة البرق، والعدوان لا يتوقف ضد أبناء شعبنا المكلوم!
هل مازال أمامنا القدرة على اتخاذ القرار المناسب؟! لوقف نزيف الدم؟!
نحن الوحيدون القادرون على إخراج المجزرة الفاشية الصهيونية من تشريح أجسادنا، وإخراج المأساة الفلسطينية من عنق الزجاجة، وليس بالاستقواء بغيرنا نحل مشاكلنا أبدًا، فلم لا نُقدم على هذه الخطوة التي تأخرت كثيرًا!
المتأمل في الحالة الفلسطينية يجد فروقًا كبيرة واضحة بين الأحاديث العامة على الفضائيات، وبين تلك المتناقلة بين الكادرات التنظيمية او الحزبية التي تبشر بالتقارب!؟ فعلى سبيل المثال تتهم حركة فتح بالأحاديث المتناقضة ما بين شد وإرخاء، في حين تطالب قيادات “حماس” بالمحادثات الداخلية بدور لمنظمة التحرير الفلسطينية، أوللسلطة الوطنية الفلسطينية-التي هي بالواقع جزء منها- فإنها تُقصيها عمدًا عن أي مباحثات لحل مشكلة غزة!؟ والعدوان الذي لا يتوقف موغلًا في دم الفلسطيني. وبذات الأمر يكرر أحدهم من متحدثي حماس وغيره أن فصيله فقط هو المفاوض الوحيد!؟ رغم أن الواقع أن دولة قطر المستضيفة للإسرائيليين والأمريكان هي المفاوض عن فصيله والمحور!؟
بالخارج يطلّ رأس دولة إيران التي وعدت بالرد على مقتل هنية في إيران!؟ لكنها أمسكت وامتنعت قيادة “المرشد” عن ذلك، فنجحت نجاحًا عظيمًا –مقارنة بأولوية مصالح شعبها وأمنها-في تجنب الحرب على بلادها-ولو مؤقتًا، كما أقنعت بذلك حزب الله الذي تجنب نهر الدماء في بلاده انتقاما لمقتل أحد قياداته مؤخرًا عوضًا عن عشرات من القيادات التي سبق قتلها، في خلاصة معناها آن لكم أن تفهموا يا فلسطينيين!؟
وفي المقابل عندما وجد الإسرائيلي المهووس بخرافاته التاريخية وأساطيره الخائبة “نتنياهو” أنه ومن على يمينه قد فشل باستدراج إيران وحزبها في لبنان اخترع معركة -كان يرغبها عالمية ضد إيران، أو ضد لبنان وربما هي مؤجلة- واستدرج فيها الفلسطيني الثائر والمتحفّز أبدًا الذي كان ينتظر رد حزب الله او إيران أو محور الممانعة! الذي ظهر أنه أبعد مما يتصور.
لكنه كمتحفّز أبدي سَعِد بأن جرّ الدبور الى عشه في معادلة البندقية بلا رصاص مقابل الدبابة والطائرة!؟ ووجد وسيلة التضليل الإعلامي التي تنفخ وتهيء له أنه بقدرة وعظمة (الاتحاد السوفيتي) بمواجهة العدوان الصهيو-أمريكي! والا لماذا كل هؤلاء المندسين بين المكافحين الفلسطينيين يستجوبونهم ويقدمونهم للعدو، ولماذا كل هؤلاء المحللين الذين لم يخُض أي منهم معركة! وآلاف الدولارات التي تخفي الكثير أكثر مما تظهر!
مازال الوقت أمامنا كشعب أوكقادة، أو كقائد شجاع جامع لشدّ الايادي والقبضات الواحدة وعدم الانجرار في مربع إعطاء الضفة الغربية (أصل القضية لدى اليمين الصهيوني بشقيه العلماني والديني) هدية له (حلال زلال).
فها هي غزة قد تحولت لخرائب على عروشها!
وشعبنا البطل الصامد هناك بين قتيل وجريح ومشرّد، وتائه طريد.
لقد تمّ حرث الأرض الحزينة حرثًا والمشاهد لا تذكّر الا بالحرب الاوربية (المسماة العالمية) الثانية ونذكّر فيما حصل في مدينة درسدن الالمانية كمثال أو نجازاكي باليابان، وعليه فإن مستوى الدمار عندنا لم يعد يُجدى معه المقارنات مع حروب لثورات أو لدول أخرى. فهو مستوى وحيد متفرد ستبدأ المقارنات من عنده فقط.
نعود للسؤال هل مازال الوقت أمامنا وطنيًا يسمح بالحديث والاتفاق العملي؟
فالكل ممن حولنا لا يستطيع أن يفعل بدلًا عنا ما يجب أن نقوم به نحن أبدًا.
مهما اختلفنا بوسيلة النضال أو الكفاح ما بين ثورة او مقاومة عنفية مسلحة، أو سلمية كثيفة فهو اختلاف محمود حين التنظير بعيدًا عن عدّاد الضحايا اليومي وشلال الدم الذي لا يتوقف! أي ليس على حساب تكوّم آلاف الجثث بلا أي مردود أو نتيجة حقيقية على الأرض.
أمِلنا أن نرى فجر تحرير فلسطين مع البدايات الداهمة بشعارات براقة افترضت أن الخافقين معنا، فنُحِرنا ثم فهمنا، فتواضعنا.
لم نكتسب كقيادة فلسطينية الفهم والوعي اللازم بعد عدوان العام 2023 بل ظهر مقدار مهول من الاستهانة والاستهتار، وقلب للمفاهيم.
وظهر الإباء بصورته السوداء الغريبة أي بإباء المراجعة ورفض النقد الذاتي حين القول كيف ننقد أنفسنا في أتون المعركة!؟ وكأن الدعوة لإبعاد القدم عن الاصطدام باللغم الأرضي رجسٌ من عمل الشيطان!؟
ظهرت لدى القيادات كما الحال فيمن يقودونهم عصبوية حزبية ضيقة.
فأين أنا وحزبي أنا فقط أو محوري فقط من كل ذلك؟!
ظهرغلو قيادي شخصي معتد بالذات الى حد طغيان الكِبر والنزق والغرور والافتتان والمرض النفسي، والقسوة بالنظر للمخالف المصاحبة لهذها المرض.
وظهرت الرغائبية الجماهيرية-التي تغذيها قنوات فضائية ومواقع تناثر أجتماعي لا تتقي الله ولا الدم الفلسطيني بل تتعيّش عليه- وإسقاطات للاحلام على حقائق وواقع مخالف تمامًا للرغبات، حتى نسينا البدايات والشعارات الكبيرة وبتنا لا نطالب الا بالعودة الى 6 أكتوبر فقط! وهو تواضع أن جاز أن يكون تواضعًا غير محمود البتة!؟
فما القول الفصل بعد دمار الدار وأهل الدار!؟
ومن يتحمل المسؤولية بالعودة لما كان!
بلا أي نتيجة لما المفترض أن يكون أي تحريض الامة لنجدتنا!؟
أين الخطأ وأين المخطيء؟
ولم لا يسمع ولا يُعلن القائد والمسؤول هنا أو هناك أنه يفقد الكثير!؟
ولم لا يعلن أن الدم الفلسطيني غالي وأغلى من روحه كما الأرض!
ولم لا ينظر لجولات بلا شك قادمة؟! ويعلن استراحة المحارب وتحقيق نجاة الشعب والثبات والصمود والاستعداد للوثبة القادمة!؟
لا سلاح لدى الفلسطيني تبقّى بالحقيقة، ولا بقدرة توازي عُشر معشار ما لدى الإسرائيلي لا عسكريا ولا سياسيًا.
ولا على جبهة الحلفاء الصلبين في ظل إدارة فاشلة!
ان الوضع الفلسطيني بين محور التخلّي الكلي، وبين محور التضليل الكلّي والثاني أخطر من الأول. فالأول واضح صريح بمجاهرته لطلب السلام وحسن الجوار وصولًا للتتبيع، والثاني يمتهمن الكذب والخباثة بشيء ضئيل من مركب الصدق كالملح فقط على الطعام، فلا يقدم لك طعامًا بمقدر ما يقدم لك الملح!
“نتنياهو” المنفوخ بانتصاراته المدوية ضد الأطفال والمدنيين الأبرياء وضد الأرض التي تحولت لخرائب مطلوب للعدالة الدولية هو ونظامه الفاشي والأبارتهايدي القاتل، وفي هذه مساحة نضالية عظمى ما كان يجب أن تُترك هباء بالتركيز على غير المقدور عليه، فهو سيبتلع الضفة كما يخطط عاجلًا اوآجلًا!
وعليها وأمثالها من مساحات النضال العديدة ما يمكننا أن نعيد تضامننا الفلسطيني-العربي حوله ورفع أعلام الأمة العربية معنا، فهي مهما كان الكلام حاضنة القضية وقطار قاطرتنا الفلسطينية شئنا أم أبينا.
مازال المجالُ مفتوحًا أيها الساسة والقادة الفلسطينيون المتقاتلون على كراسيكم وليس على نُصرة فلسطين، أن تفهموا.
فإيران “بقيادتها الراشدة” استطاعت رغم الصوت الهدار بأنها سترد بقوة! أن تصمت بقوة.
وإيران استطاعت أن تمنع مليشياتها أيَصا في العراق وسوريا ولبنان من الردّ المزلزل!
ولم تجد لومًا من أحد!؟
فمن له أن يتكلم أويتفوه بكلمة مادام العملاق الاقليمي يواجه في ظل عدم نسيانه مصالحه الأساسية الكبرى أي مصالح نظامه هو؟
هل مازال الوقت بيدينا؟
لنطيله أم نقصره!؟
أم لنفهم ونعبر!
نعبر الفجوة الفاصلة بيننا، لا سيما وأكوام الجثث المقدسة تتراكم كلما أهدرنا الوقت، ومبادرات بكين وموسكو واسطنبول –وما قبلها الكثير-بين أيدينا، فمن سيأتي ليلتقط أي من هذه المبادرات ولا يذهب بعيدا بالدعوة لعودة العمليات التفجيرية (الانتحارية) التي لطخت وجه فلسطين النضالي العادل في الانتفاضة الكبرى الثانية؟! كما طالب أحدهم بالأمس فقط!
هل نريد دمارًا مؤكدًا للضفة، وابتلاعًا نهائيًا لها؟!
وتهجيرًا للفلسطينيين أصحاب أرضها بعد أن حقق الصهيوني انتصاره الهمجي القاتل والمدمر في قطاع غزة المكلوم؟
أم يتوجب الاتجاه نحو اليد الواحدة الممدودة لإعمارغزة، وتحقيق معنى الثبات والرباط والصمود في الضفة صفًا واحدًا بمقاومة شعبية عارمة صلبة لا تهدأ ضد الإسرائيلي المنعزل في بحر أوهامه التوراتية وأساطيره، وافتضاحه عبر العالم!
لقد فات أوان الوعي والفهم والعقل والمنطق على من لم يفهم حقيقة المعادلة بعد 11 شهرًا من الحرب العالمية (الامريكية-الإسرائيلية) على عالمنا العربي ككل، وعلى فلسطين ككُل من بوابة غزة التي لربما استدرجت عن عمد لحتفها، ثم غزة والضفة.
وفات الأوان على من وضع كل أوراقة بيد محور التخلّي أو محور التضليل وقناتيهما البائستين فالأولى واضحة، والثانية تضخّم وتهيّج وتحشّد وتكذب وتدلس، ولا تعطي المشاهد النائم في بيته الا أنصاف الحقائق، والكثير من حُقن السموم والتضخيمات، والخروج!
نعم مازال بأيدينا عوامل القوة الكبرى في ذاتنا المستقلة، وقدراتنا المتكاملة معًا.
نحن العرب الفلسطينيون ضمن الوعي العروبي، نستطيع أن نركب بحر المستحيل ونخطو خطوة واسعة متجاوزين ثغرة كبيرة تفصلنا عن فلسطين، فمن يا ترى هذا “القائد” الشجاع أوالعملاق القادر على أن يقفز أو يخطو!؟