اعتبر محللون أن قرار الحرب أو المواجهة من جانب ميليشيا “حزب الله” ليس في يدها، أو في يد الدولة اللبنانية، رغم ما يتعرض له الداخل اللبناني، ولكنه في قبضة طهران، وقالوا إن القرار الإيراني يتحرك بحسب مصالحها الخاضعة لتعاملات مع واشنطن.
واستبعد محللون سياسيون لبنانيون، ذهاب “حزب الله” إلى حرب تتعامل مع استفزازات إسرائيل المتصاعدة، وسط استغراب من اختفاء أي دعم وسند من جانب إيران وأذرعها في المنطقة، في الضغط العسكري العالي الذي يتعرَّض له الحزب من جانب إسرائيل، خلال الأيام الأخيرة.
ورأى محللون أن إيران ستترك ميليشيا “حزب الله” تواجه مصيرها أمام الاستفزازات الإسرائيلية المرتبطة بفرض ما يتعلق بتنفيذ القرار 1701 وحماية الجبهة الشمالية للمستوطنات الإسرائيلية بعد تبديد قوة “حزب الله” في وقت لم تُبد فيه إيران وأذرعها في اليمن والعراق وسوريا، أي دعم لـ”حزب الله” على عكس ما كان يحدث في أشهر ماضية، من وجود ارتباط بين هذه الميليشيات في التعامل مع المصالح الأمريكية والإسرائيلية.
وأرجع محللون ذلك، إلى وصول طهران إلى صفقة مع الولايات المتحدة الأمريكية، تحمل حوافز لإيران فيما يتعلق بمصالحها، تريد أن تفوز بها قبل مغادرة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، والوقوع في احتمال وصول المرشح الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض مجددًا.
ويؤكد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة اللبنانية د. خالد العزي أن المشكلة الأساسية في أن “حزب الله” الذي يُدفع به إلى الحرب، ليس بيده أو بيد الدولة اللبنانية القرار، ولكن في قبضة إيران، صاحبة التصريحات الخجولة حول المذابح التي تعرَّض لها اللبنانيون وعناصر “حزب الله” في التفجير الأول “البيجر” والثاني “اللاسلكي” واستهداف خلية “الرضوان” بالضاحية الجنوبية بقلب بيروت.
ويوضح العزي أن طهران تريد التفاوض مع واشنطن، وهذا ما عبَّر عنه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان مؤخرًا، بالقول إننا “لسنا أعداء أمريكا، ونطلب منها عدم الضغط علينا”، سبقه قبل 10 أيام، تصريح للمرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، الذي شدد على إجازة الانسحاب السياسي والتكتيكي أمام إسرائيل؛ ما يعني فتوى شرعية لـ”حزب الله” للتراجع، وفق تعبيره.
وأشار العزي إلى أن إسرائيل تعمل وفقًا لموافقة أمريكية منذ الـ25 من أغسطس الماضي، بإتاحة المجال أمام تل أبيب بتنفيذ ضربات موجعة تجاه “حزب الله” بهدف التصعيد، للذهاب إلى حل سياسي ضمن القرار 1701، وبالتالي، فإن واشنطن مقتنعة بالموقف الإسرائيلي الهادف للضغط على “حزب الله” لدفعه هو وإيران إلى فك الارتباط مع غزة والذهاب لتطبيق القرار 1701.
وتابع العزي أن إيران تريد إنجاز “صفقة” تحمل حوافز، حتى لو كانت على حساب “حماس” و”حزب الله” والحوثيين، لأن مشروعها أقوى من أي أذرع منتشرة، في وقت تقف فيه إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أمام العد التنازلي في ظل انتخابات تنافسية بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي لن تحصل منه إيران على أي حافز أو ما شابه ذلك، حال وصوله إلى البيت الأبيض.
ويذهب المحلل السياسي اللبناني علي حمادة في هذا الاتجاه، قائلًا إن قرار الحرب والسلم ليس في يدي “حزب الله”، إذ يُعدُّ قرارًا إقليميًّا، وليس شأنًا داخليًّا لبنانيًّا، حتى يكون لديه فيه مساحة وهامش يمكن أن يتصرف ضمنه، بحسب تعبيره.
وشرح حمادة ، أن القرار الخاص بالحرب من عدمها ليس في بيروت، ولكنه في طهران، وبالتالي فإن الأمر لا يتعلق بصبر “حزب الله” ولكنه يخص حسابات أكثر تعقيدًا ذات طابع إقليمي وعسكري وأيضا ذات طابع دولي، أساسها العلاقات الإيرانية الأمريكية وأطر التفاوض في الكواليس بين طهران وواشنطن.
ولفت إلى أن حرب “حزب الله” مع إسرائيل ستكون في غاية الخطورة، وقد تتسبب في تدمير الحزب الذي ليس مستقلًا في قراراته ذات الطابع الإستراتيجي والإقليمي.
ويبين المحلل السياسي ناصر راغب، أن “حزب الله” سقط في مصيدة إسرائيلية تمارس كافة أنواع الاستفزازات التي لا تواجهها أي قدرة تحمل نسبة وتناسبًا في الرد من جانب “حزب الله”، وفي حال تجاوز قواعد الاشتباك بالحد الذي وضعته أمريكا من قبل سيكون الدمار الذي يقضي على “حزب الله” كتنظيم عسكري، ويطال حاضنته الشعبية من المدنيين.
ويرى راغب أن إيران لم تقدم الحد الأقصى من الدعم للذراع الأولى لها في المنطقة، وتدير أوراقها لصالح نظامها ومؤسساتها، وعدم تحركها لأي أذرع في مناطق عدة بسوريا والعراق واليمن تجاه إسرائيل أو مصالح أمريكية على عكس ما حصل في الأشهر الماضية؛ ما يوضح أن هناك اتفاقًا عبر وسطاء بين طهران وواشنطن، يسير في طريقه.
وتابع أن ما وصلت إليه طهران من مكاسب عبر اتفاق ما زال في طي الكتمان مع الولايات المتحدة، يربط أي تحرك لأذرعها، رغم أن الحوثيين حملوا تهديدات في أشهر سابقة على أحداث كانت أقل حدة كثيرًا مما يتعرض له “حزب الله” حاليًّا، وأيضًا ميليشيات عراقية محسوبة على إيران، لم تتحرك تجاه أي أهداف أمريكية.
وأردف بأنه رغم وضوح البصمات الأمريكية فيما قامت به إسرائيل تجاه “حزب الله” مؤخرًا، فيظهر جليًّا أن “حزب الله” ولبنان هما حساب “هامشي” ليس أكثر لما تجنيه إيران مع أمريكا حاليًّا في الخفاء من اتفاق مصالح، وفق تعبيره.
“إرم نيوز”