السياسي – تحت عنوان: “الولايات المتحدة.. المتفرج في الشرق الأوسط”، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية، في افتتاحية عددها لنهاية الأسبوع، إن العدد الكبير للشهداء الفلسطينيين في غزة حيث تتواصل الضربات الإسرائيلية القاتلة غطى عليه تركيز الاهتمام الدولي على لبنان، قبل أن يحول الرد -الذي توعدت به إسرائيل ضد الهجمات الصاروخية الإيرانية- مرة أخرى التركيز، الأمر الذي من شأنه أن يغذي المخاوف، التي لها ما يبررها للأسف، بشأن اندلاع حريق إقليمي محتمل.
وأضافت الصحيفة القول إنه من هذه الفوضى، حيث يريد البعض اكتشاف الرغبة الإسرائيلية في إعادة تشكيل الشرق الأوسط من خلال الأسلحة، نتذكر فقط لحظة العجز المذهل للولايات المتحدة. فواشنطن هي الحليف الأقرب لإسرائيل، وهي التي تمد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بلا خجل ولا حدود بالأسلحة منذ السابع من أكتوبر.
وهذا الموقع المتميز جعل من الولايات المتحدة، في الماضي، لاعباً قادراً على رسم الخطوط الحمراء. ويبدو أنها بالكاد تمتلك هذه القدرة اليوم، تقول “لوموند”، معتبرة أنه من المؤكد أن المناخ السياسي الأمريكي يساهم إلى حد كبير في هذا الأمر. فمنذ انسحابه من السباق الرئاسي الأمريكي، أصبح جو بايدن “بطة عرجاء”، وسيخلفه في غضون شهر رئيسة أو رئيس منتخب سيجعل كلمات الولايات المتحدة غير مسموعة نهائياً.
وتابعت “لوموند” القول إن هذا الوقت السياسي لا يفسر كل شيء، خاصة فيما يتعلق بزعيم مقتنع بإتقانه للقضايا الدولية، لكن سجله في هذا المجال قد لا يكون في مصلحته في ظل الأشهر الأخيرة. فقد بدأت عملية محو الإدارة الديمقراطية الأمريكية قبل وقت طويل من قرار جو بايدن الانسحاب من الحملة الرئاسية لصالح نائبة الرئيس كامالا هاريس.
يجسد ذلك وزير الخارجية توني بلينكن، الذي لم تسفر أي من محاولاته للوساطة في المنطقة، حيث كثف زياراته، عن أدنى نتيجة، توضح ”لوموند”، مضيفة أن المسعى الأمريكي العقيم للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، والذي كان من شأنه أن يحرر “الرهائن” الإسرائيليين الذين تم أسرهم قبل عام ويحافظ على حياة المدنيين الفلسطينيين- تحول إلى إذلال محرج.
وبعد الاستمرار في دوس الخطوط الحمراء النادرة التي وضعها جو بايدن فيما يتعلق بغزة، تمت دعوة بنيامين نتنياهو واستُقبل بحفاوة في البيت الأبيض في يوليو/تموز، وكأن شيئًا لم يحدث، تُشير الصحيفة الفرنسية. وعلى نحو مماثل، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي بازدراء اقتراح وقف إطلاق النار في لبنان الذي تقدمت به حليفته وفرنسا في نهاية شهر سبتمبر/أيلول، تتابع “لوموند”.
وأخيراً – تواصل “لوموند”- تعطي الإدارة الأمريكية الانطباع على أنها ستتبع خطى إسرائيل مرة أخرى فيما يتعلق بالأهداف التي يمكن أن يختارها الجيش الإسرائيلي رداً على الهجمات الصاروخية الإيرانية ضد إسرائيل.
وبسبب التعددية التي دخلت في غيبوبة عفا عليها الزمن، لا يسعنا إلا أن نعرب عن أسفنا لهذا الافتقار إلى الإرادة الأمريكية للتأثير على مجرى الأحداث، ولا سيما من خلال استخدام رافعة مساعداتها العسكرية لإسرائيل. فنتائج الاستخدام الحصري للقوة في الشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة ينبغي أن تستدعي أقصى قدر من الحذر، تقول “لوموند” في نهاية هذه الافتتاحية.