رأى خبراء في الشأن الأمريكي، أن قضية “وثائق البنتاغون” المتعلقة بالتسريبات حول الرد الإسرائيلي على إيران سيكون لها دور في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في 5 نوفمبر المقبل، بين المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس والمرشح الجمهوري دونالد ترامب.
ورجّح خبراء ، أن تستهدف واقعة التسريبات، لا سيما في هذا التوقيت، المساس بالعلاقة القوية التي تجمع الإدارة الديمقراطية الحالية بنائبة الرئيس المرشحة الديمقراطية هاريس أمام الجمهوري ترامب.
وأشار الخبراء إلى أن تلك الواقعة قد تكون “مُعدة” من مؤيدين ومساندين للأخير، داخل أجهزة ومؤسسات أمريكية، ما يؤثر على شكل وحجم دعم اللحظات الأخيرة، لا سيما ما يُعرف باللوبي الصهيوني، لترامب على حساب هاريس.
وكانت قد سربت أخيرًا، وثائق نسبت إلى وكالة الاستخبارات الأمريكية ووكالة الأمن القومي، عبر حسابات على “تليغرام”، صُنفت بدرجة سري للغاية، وكشفت عن أن إسرائيل تواصل تحريك أصولها العسكرية للقيام بضربتها المنتظرة تجاه إيران، ردا على الهجوم الصاروخي الباليستي الإيراني عليها، في أول الشهر الجاري، بمعاونة ما وصفت بـ”عيونها الخمس”، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا ونيوزيلندا وأستراليا.
وبالتزامن مع ذلك، أعلن البيت الأبيض، أن وزارة الدفاع (البنتاغون) تحقق في تسريب وثائق تتعلق بإسرائيل وإيران، وقال المتحدث باسم الأمن القومي بالبيت الأبيض جون كيربي، إن بلاده ما زالت تشعر بقلق عميق إزاء عمليات اختراق لمعلومات سرية، لافتا إلى أنه لا يوجد ما يشير إلى تعرض مستندات إضافية للخطر.
وعلق سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، على تسريب الوثائق السرية من “البنتاغون”، التي تتناول استعدادات إسرائيل لمهاجمة إيران، بالقول إنه أمر مقلق للغاية، وإن بلاده حليف قوي للولايات المتحدة ويتم تبادل المعلومات مع واشنطن، واصفا قيام “شخص ما” بتسريب معلومات استخباراتية بالأمر المرعب.
وتحدث في هذا الصدد، أنه إذا كان أي شخص يفكر في أن بإمكانه أن يمنع إسرائيل من الرد على أي هجوم على إيران فإنه مخطئ.
ويؤكد استاذ العلاقات الدولية والخبير في الشأن الأمريكي، د. حسين الديك، أن التسريب حساس للغاية، وهو ما انعكس في وصول الأزمة إلى ساحة الكونغرس، عندما تمسك رئيس مجلس النواب الأمريكي مايك جونسون، بمناقشة ذلك عبر طلب إحاطة في الكونغرس حول هذا الموضوع من جهات الاختصاص، لما له من أهمية.
ويشير الديك ، إلى أن وصول الأمر الخاص بالتسريبات إلى تلك الدرجة، يتعلق بسببين يكمن الأول في أن الولايات المتحدة على أعتاب إجراء انتخابات رئاسية عاصفة وهذه التسريبات قد تؤثر على الإدارة الأمريكية الحالية التي تدفع بالمرشحة كامالا هاريس التي هي أيضا نائبة الرئيس، أما الثاني فهو أن التسريبات تتعلق بالضربة الاسرائيلية ضد إيران والتي تشير كل التوقعات إلى أن أوانها اقترب، خلال وقت قصير.
وأوضح الديك أن الانغماس بالتحقيق في قضية حساسة تخص تسريب أسرار عسكرية، قد تفسر بأن التسريب مقصود حتى يثني رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومته عن الضربة العسكرية إلى إيران، وقد تكون هناك فرضية أخرى، وهي التخفيف من حدة الضربة الإسرائيلية التي تستهدف الداخل الإيراني.
ولفت الديك إلى أن التسريب قد يحمل جانباً آخر، يدور حول أنه على الرغم من أن العلاقة الأمريكية الإسرائيلية القوية، فإن هناك استهدافاً لهذه العلاقة والمساس بها، ما ينعكس على الإدارة الديمقراطية الحالية.
فيما يقول الخبير الاستراتيجي ناصر عباس، إن هذه التسريبات وخروجها في التوقيت الحالي، قد تكون “مقصودة ومفتعلة” وعملت عليها أطراف سواء داخل البنتاغون أو من ذات علاقة وطيدة بدوائر داخل الدفاع الأمريكية، لخدمة المرشح الجمهوري دونالد ترامب في هذه المرحلة لم يتبق فيها غير أيام قليلة على إجراء الانتخابات الرئاسية.
ويرجح عباس ، بأن أطرافا داخل المؤسسات الأمريكية، تبذل جهوداً لصالح ترامب لضرب الإدارة الأمريكية الحالية، ومرشحتها كامالا هاريس، في أكثر من جهة، ما يؤثر على دعم اللحظات الأخيرة، لا سيما من اللوبي الصهيوني ومؤسساته التي لها أكثر من تأثير على الانتخابات الأمريكية، سواء بوسائل إعلام تستطيع أن تغير توجهات البعض، أو مؤسسات مجتمعية تابعة لهذا اللوبي، تستطيع أن تتحرك لصالح مرشح بعينه في اللحظات الأخيرة.
وأردف عباس بأن فكرة التسريبات من الممكن أن تكون أيضا عبارة عن جانب جديد من أشكال التنسيق والترتيب الذي استخدم عبر واشنطن بين إيران وإسرائيل، في هجمات وردود متبادلة بين طهران وتل أبيب، وهو ما اتضح في أكثر من رد هذا العام، حتى يكون مسلسل “الضربات والردود”، محكوما بقواعد اشتباك.
“إرم نيوز”