عرفته في منتصف الثمانينات عندما كان يزورني في مكتب الإعلام الفلسطيني لمّا كنت مسؤولاً للإعلام الفلسطيني في الأردن .. رجل تربوي أنيق .. صاحب إبتسامة دائمة .. كي نتعاون في خدمة النشء الجديد في مدارس الأونروا وفي المخيمات الفلسطينية مستفيداً مما نصدره من نشرات وملصقات وخرائط وأعلام.
لكن العلاقة توطدت عندما تم فرزي للعمل في المقر العام للمجلس الوطني الفلسطيني في عمّان.. يومها كان فقيدنا مديراً لمكتب رئيس المجلس الراحل الكبير سليم الزعنون ( أبو الأديب) رحمه الله.
يومها عرفته عن قرب حيث جمعنا مبنى واحد ولقاء يومي.. وازداد تقاربنا في السفر وهنا تستطيع معرفة معدن صاحبك حيث تعرفه عن قرب ومن خلال التعامل المباشر .
تزاملنا في العديد من المؤتمرات في الكثير من الدول العربية والإفريقية والآسيوية منذ العام ٢٠٠٤ وحتى العام الماضي ٢٠٢٣ اذاً هي علاقة تماسٍ مباشر لمدة ٢٠ عاماً متواصلة وجدت فيه الرجل الوطني الواعي المثقف والذي يتقن عمله بل ويتفانى في الإتقان.. تهمه مصلحة وطنه وشعبه فوق كل اعتبار لذلك نجح في كسب صداقات واحترامات الكثيرين مما كنا نتعامل معهم في كل المؤتمرات.
ليس هذا فحسب بل كانت علاقته بكل الإخوة والأخوات في المجلس الوطني الفلسطيني من الأعضاء ومن الموظفين العاملين في المجلس صغيرهم وكبيرهم علاقة الأخ والأب في نفس الوقت. كان محضر خير بينهم وبين رئاسة المجلس.. ينظر في أحوالهم ويساعد في حل مشكلاتهم.
كان عضواً فاعلاً ونشيطاً في اللجنة السياسية التي كنت أرأسها لفترة من الزمن عند اجتماعاتنا التي كانت تتم في المجلس بين الفينة والأخرى.
هذا باختصار على مستوى المجلس الوطني
أما على مستوى حركة فتح فمن خلال مسؤوليته لأمانة سر الإقليم يشهد له أعضاء الإقليم في معظمهم على النشاط الدؤوب في خدمة حركته وتوطيد العلاقة مع مختلف التنظيمات والأحزاب والنقابات وتمتين العلاقة مع توأم فلسطين الأردن الحبيب.
تمّ تكريمه باختياره عضواً في المجلس الاستشاري للحركة لكن لم تسنح له الفرصة أن يشارك في اجتماعات المجلس في رام الله . ولكنه كان عضواً فاعلاً كعادته في لجنة اللاجئين التابعة للمجلس الوطني الفلسطيني في اجتماعاتها التي كانت تتم عن طريق الزووم.
في الآونة الأخيرة تراجعت صحته لكنه كان يقاوم ويزيد من نشاطاته.. وخوفاً مني عليه نصحته بالراحة و أن يخفف من مشاركاته في المناسبات والفعاليات الكثيرة لكنه كان يرد لا أستطيع هذا واجبي . وفي آخر اجتماع لنا في اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي الذي عقد في ساحل العاج ترأس اجتماع لجنة فلسطين الدائمة في الإتحاد ورغم تعبه إلا أنه قاد عمل اللجنة باقتدار نال اعجاب جميع أعضاء برلمانات تلك اللجنة . وفي عمان وعقب وفاة القائد الكبير أبو اللطف قام بمجهود كبير كنت وإياه على مدى أيام العزاء الثلاثة للمشاركة في العزاء منذ الساعات الأولى وحتى نهاية العزاء.. بعدها بأيام قليلة أُدخل المستشفى بسبب جلطة تمّ تعافيه منها بحمد الله لكنه رفض البقاء في المستشفى بالرغم من نصيحة الأطباء والأهل وعاد إلى البيت ليرتقي هناك إلى الرفيق الأعلى وسط ذهولنا جميعاً من أهله وأصدقائه. كيف هكذا وبسرعه نفقده وقد اعتدنا أن نراه يومياً .. كانت لحظات نزلت عليّ كالصاعقه كان فراقه صدمة كبيرة لي.. لم أصدق أنه رحل عنا لكنه رحل ورأيته يسجّى في القبر أمام عيني *لكني تداركت نفسي وتجسدت أمامي صور المجازر التي يرتكبها العدو الصهيوني في قطاع غزة وأشلاء الأطفال الممزقة بالقنابل والصواريخ الأميركية ودول الفرنجة والدمار الشامل الذي طال المستشفيات والمدارس والجامعات والمساجد والكنائس والبنى التحتية والمساكن التي تدمر فوق رؤوس ساكنيها أمام أعين العالم الأعور الذي يرى بعين واحدة أن إسرائيل تدافع عن نفسها متجاهلاً شعباً كاملاً يشرد ويقتّل .. شعباً أعزل إلا من إيمانه بحتمية زوال الإحتلال واندحاره .
واحسرتاه على هذه الأمة..
التي لم تستيقظ بعد !
لكنّ شعبنا واثقٌ أن هذه الأمة لن تخذله بالرغم من مرور سنة كاملة على مجزرة ومقتلة القرن التي لم يشهد لها العالم مثيلاً .. بل بالرغم من مرور ٧٦ عاماً على نكبة شعبنا الفلسطيني.
نعم ستنهض هذه الأمة من جديد وستحرر فلسطين كاملة وسيزول هذا الإحتلال البغيض إلى الأبد*
فها هي أيضاً شعوب العالم في أوروبا وفي أميركا نفسها تصدح بالشعار وبلغتها from the river to the sea palistine will be free وهو شعار فتح شعار العاصفة فلسطين من النهر إلى البحر
رحمك الله أيها الطيب الوفي النقي .. رحمك الله يا أبا فادي ورحم الله شهداءنا في كل فلسطين وخاصة شهداؤنا في قطاع غزة وفي كل مدن وقرى ومخيمات فلسطين
وإنها لثورةٌ حتى النصر