رجّح مصدر عسكري سوري أن تصبح عملية البترون في شمال لبنان، التي استهدفت إسرائيل من خلالها القبطان عماد أمهز، وعملية درعا في جنوب سوريا، التي استهدفت علي سليمان عاصي، بمثابة نهج ستصعّده الحكومة الإسرائيلية في الفترة المقبلة.
وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، إن الجيش الإسرائيلي سيقوم على الأرجح بتكثيف العمليات الأمنية كبديل عن العمليات العسكرية والاجتياح الشامل، وبما يشمل أي منطقة في لبنان، وأيضا في سوريا، ضد الأشخاص المتعاونين مع حزب الله أو الميليشيات المرتبطة بإيران.
وأضاف المصدر، أن هذا النهج من عمليات الإنزال “البحري أو الجوي”، يعدّ مفاجئاً ومحدداً وسريعاً، بمنظور الخبراء العسكريين الإسرائيليين، وثمراته لجهة الحصول على معلومات كبيرة ومجدية.
واستبعد المصدر أن يكون نهج الإنزالات الجوية بقصد الاختطاف بديلا عن عمليات الاغتيال التي قامت بها إسرائيل عبر عشرات الاستهدافات لشخصيات سياسية وعسكرية مؤثرة، مشيرا إلى أن إسرائيل تفضل الاحتفاظ بكلا الخيارين. وأوضح أن “الاختطاف هو بالدرجة الأولى للحصول على معلومات، أما الاغتيال فيهدف لشل الخصم”.
المصدر اعتبر أن الفراغ الأمني في كل من لبنان وجنوب سوريا سيشجع إسرائيل على تكرار عمليات الاختطاف، في ظل حالة الضعف والشلل التي يعاني منها الخصم، وبالتالي عدم وجود أي ردع من أي نوع.
ولفت المصدر إلى تطور كبير ومهم في سياق العمليات الإسرائيلية، وهو أهم من الاغتيال أو الاختطاف نفسه، ويتمثل في إعلان المسؤولية صراحةً، خصوصاً في حالة سوريا، حيث كانت إسرائيل تمتنع غالبا في معظم عملياتها وطيلة السنوات السابقة عن الاعتراف بمسؤوليتها، فيما أعلنت في مرات قليلة عن مسؤوليتها، وآخرها اختطاف علي سليمان عاصي، حتى أنها نشرت فيديو للعملية ولاعترافات المختطف.
وفقا للمصدر، فإن فيديو العملية نفسه يثير الاهتمام، حيث نجد عشرات الجنود الإسرائيليين يدخلون ويخرجون من الأراضي السورية دون اعتراضهم من قبل أي جهة، وهذا يعود وفقا للمصدر إلى تعدد الميليشيات التي تتواجد في جنوب سوريا، إضافة إلى الجيش السوري الذي يتمركز في نقاط محددة.
ويعني ذلك أن “إسرائيل تهدد وبشكل مواز تظهر أنها قادرة على الدخول واختطاف من تريد، ثم تعلن عن عملية الخطف، دون الخوف من أي عواقب، بما ينذر ربما بمرحلة جديدة من العمل العسكري والأمني في سوريا”.
الإعلانات الإسرائيلية داخل سوريا
وتعتبر الغارة على موقع تدريب فلسطيني في قرية “عين الصاحب” قرب دمشق، في 5 أكتوبر/تشرين الأول 2003، أول عملية إسرائيلية معروفة في سوريا. ومنذ ذلك التاريخ وحتى اليوم، هناك 4 إعلانات رسمية فقط عن عمليات عسكرية داخل سوريا وفقاً للمصدر العسكري السوري:
الإعلان الأول: كان عن عملية ضد الدفاعات الجوية السورية في أعقاب إسقاط مقاتلة F-16 في 10 فبراير/شباط 2018. ولكن ذلك الإعلان جاء لكون المقاتلة الإسرائيلية قد أسقطت وكان الإعلان عن الرد العلني مطلوباً سياسياً.
الإعلان الثاني: كان عن عملية برية خاصة نفذت في يوليو/تموز 2020 ضد موقع عسكري حدودي سوري في الجولان. والإعلان عن العملية جاء في أبريل/نيسان 2021.
الإعلان الثالث: كان عن اغتيال المسؤول المالي في حزب الله “علي حسن غريب” الذي اغتيل في سيارته في حي المزة بدمشق في 21 أكتوبر/تشرين الأول. حيث كشف الناطق العسكري الإسرائيلي، دانيال هاغاري، مسؤولية إسرائيل عن الاغتيال بعد ساعات من العملية.
وكان إعلان هاغاري في سياق حديثه عن استهداف مؤسسة “القرض الحسن” التابعة لـ”حزب الله”، واكتفى بالقول إن إسرائيل اغتالت القائد الجديد للوحدة 4400 في سوريا، من دون الكشف رسمياً عن الاسم أو تحديد موقع وكيفية الاغتيال.
الإعلان الرابع: جاء مساء أمس الأحد، وكان عن عملية اختطاف حصلت في وقت سابق (لم تكشف إسرائيل تاريخها، ولكن يرجح أنها حصلت في 19 يوليو/تموز).
المختطف هو مواطن سوري، مقيم في جنوب سوريا، يدعى علي سليمان العاصي، وتقول إسرائيل إن عملية الاختطاف نفذت من قبل وحدة العمليات الخاصة “إيغوز” والوحدة 504 من المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وشملت التسلل ليلاً لاختطاف العاصي الذي تتهمه بالتعاون مع إيران.