تباينت الآراء حول ردود الفعل المنتظرة من جانب إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، تجاه إيران، في وقت كُشف فيه أخيرًا عن مخطط للحرس الثوري الإيراني كان يهدف لاغتيال ترامب في سبتمبر الماضي.
وقال خبراء في العلاقات الدولية، إن محاولة الاغتيال ستستفز ترامب، الذي يضع إيران على رأس أولويات سياسته الخارجية بشكل مسبق، ولا سيما بعد ظهور معلومات تفيد بتورط الحرس الثوري.
وأوضح الخبراء أن ترامب لن يتعامل مع الحرس الثوري هذه المرة باستهداف منشآت أو مؤسسات أو قادة له، مثلما جرى في ولايته الأولى، باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مرجحين أن عقلية ترامب ستذهب مباشرة إلى كيفية تصفية هذا الكيان.
وقالوا إن الرئيس المنتخب سيجهز مجموعة أهداف إيرانية، منها البرنامج النووي، فضلًا عن بنى تحتية إستراتيجية ومهمة في إيران، لتكون ضريبة العملية الفاشلة غالية الثمن على إيران، وفق تعبيرهم.
وأكد آخرون أن ما كُشف عنه حول هذا المخطط سيلعب دورًا سلبيًّا في العلاقة المتوترة في الأساس بين ترامب وطهران، لكن مؤسسات الدولة العميقة في الولايات المتحدة، القائمة على لوبيات منها لوبي السلاح والنفط، لن تقبل بتأثر العلاقات الوثيقة القائمة خلف الستار بين إيران وأمريكا، والتي تنصب على أساس “التخادم المتبادل”، ولا سيما في الشرق الأوسط.
وأعلنت وزارة العدل الأمريكية عن توجيه اتهامات فيدرالية ضد 3 أشخاص، في مؤامرة إيرانية تم إحباطها لقتل دونالد ترامب، وذلك قبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
وبحسب وثائق محكمة فيدرالية في مانهاتن، طلب مسؤولون إيرانيون من أحد الأشخاص المتهمين، ويدعى فرهاد شاكري، في سبتمبر الماضي، التركيز على مراقبة ترامب واغتياله في نهاية الأمر.
وذكرت وزارة العدل أنه تم تكليف شاكري من قبل الحرس الثوري الإيراني، بتنفيذ اغتيالات أخرى ضد مواطنين أمريكيين وإسرائيليين داخل الولايات المتحدة، لكن مسؤولي الحرس الثوري أخبروه بعد ذلك، بالتركيز فقط على ترامب، وأن لديه 7 أيام لإعداد خطة الاغتيال، وإذا لم يتمكن من التوصل إلى خطة في هذه المدة الزمنية، فإن الحرس الثوري سينتظر حتى بعد الانتخابات الرئاسية للمضي قدمًا؛ لأنهم يعتقدون أن ترامب سيخسر السباق الرئاسي.
ويوم السبت، نفت إيران الاتهامات الأمريكية لها بالضلوع بمخططات اغتيال، خصوصًا، الرئيس المنتخب دونالد ترامب، وقالت إنها عارية عن الصحة.
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، تكرار هذا الادعاء في الوقت الحالي بأنه “مؤامرة مقززة من قبل الأوساط الصهيونية والمناهضة لإيران”، وفق تعبيره، لتعقيد القضايا بين الولايات المتحدة وإيران.
وفي هذا السياق، أكد المشرف العام لمركز “ذرا” للدراسات والأبحاث بباريس، علي المرعبي، أن ما كشف عن محاولة اغتيال ترامب من جانب طهران، سيلعب دورًا سلبيًّا، وسيجد رد فعل لدى الرئيس الجمهوري على المستوى الشخصي، لكن الإدارة الأمريكية ستحاول التعامل مع هذا الأمر، بأن تضع في الاعتبار المصالح العميقة التي تجمع واشنطن بطهران، ولا سيما في منطقة الشرق الأوسط.
وأوضح المرعبي، أن هذه المحاولة ستؤثر بشكل طفيف على التشابكات الإستراتيجية بين أمريكا وإيران وإسرائيل أيضًا، لكن هناك كيانات ستمنع ذهاب رد الفعل إلى ما هو بعيد من جانب ترامب، بتدخل الدولة العميقة التي تقوم في أمريكا على اللوبيات، ولا سيما اللوبي الصهيوني وكبار شركات النفط والأسلحة، التي تتحكم بالقرار والتوجه السياسي الأمريكي داخليًّا وخارجيًّا، والتي لن تقبل بتأثر العلاقات الوثيقة القائمة خلف الستار بين إيران وأمريكا، والتي تنصب على أساس “التخادم المتبادل”.
ومن جانبه، قال الخبير في الشأن الإيراني، علي الزين، إن هذه المحاولة ستستفز ترامب كثيرًا، ولا سيما أن هناك تفاصيل متعلقة بالعملية، وسط تورط أجهزة إيرانية يراها ترامب في الأساس خطرًا على الأمن الإقليمي والدولي، في إشارة إلى الحرس الثوري.
وأوضح الزين، أن ترامب لن يتعامل هذه المرة مع الحرس الثوري باستهداف منشآت أو قادة له، مثلما جرى في ولايته الأولى، باغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، مرجحًا أن عقلية ترامب ستذهب مباشرة إلى كيفية تصفية هذا الكيان، وقد يتجاوز التعامل تصفية لشخصيات أبعد من ساسة أو عسكريين إيرانيين، بحيث يذهب الاستهداف إلى ما هو أهم وأبعد من ذلك.
وتوقع أن يجهز ترامب مجموعة من الأهداف الإيرانية على المستويات الداخلية والخارجية، في صدارتها البرنامج النووي ومنشآته، وبنى تحتية إستراتيجية مهمة بالداخل الإيراني، فضلًا عن مصالح إيرانية في الخارج، لتوجه لها ضربات موجعة، وستكون ضريبة هذه العملية غالية الثمن على إيران.
ويرى الزين أن ترامب سيعمل كثيرًا على استخدام هذه العملية في فرض شروطه بأي مفاوضات مع إيران في ملفات الشرق الأوسط أو البرنامج النووي، تحصل بمقتضاها طهران على قليل القليل، مما يؤدي إلى تحجيم عدة أدوار لها.
بدوره، أكد الباحث في العلاقات الدولية، أصلان الحوري، أن التدبير لمثل هذه المحاولة من جانب أجهزة إيرانية، ووجود إثباتات ودلائل على ذلك، سيزيد قائمة الحساب الذي يعد له ترامب في الأساس لإيران.
وقال الحوري: إن هذه المحاولة ستفسد بالتأكيد أي محاولات مستقبلية من الجانب الإيراني، بهدف صياغة علاقة تكون مقبولة على أقل تقدير بين طهران وواشنطن في عهد الرئيس الجديد، وسيمنع أي تدخل من أطراف دولية قد تحاول تحسين شكل العلاقة بين واشنطن وطهران إبان الولاية الثانية للرئيس الجمهوري.
ورجح أن تكون أسس التعامل الأمريكي مع إيران متوترة، مثلما كانت في الولاية الأولى لترامب، لكن مع هذا الحادث، سيكون لترامب تدابير ذات وقع أصعب على إيران مقارنة بالولاية السابقة.
وتابع الحوري: “ليس أمام طهران سوى النفي، لكن الخروج بواقعة مثل هذه، لن يكون الإعلان عنها متروكًا لـ”لعبة” من مسؤولين في الأجهزة الأمريكية، وكونها حقيقة هو الاعتقاد الأقرب” وفق تقديره.
ويتوقع الحوري أن مثل هذه المحاولة، ستكشف على المدى المتوسط، ضلوع أطراف داخل أجهزة أمريكية فيها، يرون في مجيء ترامب خطورة، كما يختلفون مع سياساته، ومثل هذه المحاولة تحكمها خطوط اتصال خلفية بين مسؤولين بهذا التوجه في الداخل الأمريكي وطهران.
وأردف أن هناك محاولة اغتيال علنية لترامب، غير تلك، كانت في 13 يوليو الماضي، وهناك تسريبات تناولت تورط أشخاص وأطراف بالداخل الأمريكي، مما يعني أن محاولة اغتيال مثل التي خططت لها أجهزة إيرانية في سبتمبر الماضي، وأعلن عنها مؤخرًا، من المحتمل بشكل كبير أن تحمل تنسيقًا مع من هم لهم مصلحة في محاولة اغتيال ترامب الأولى في يوليو الماضي، وفق قراءته.
“إرم نيوز”