السياسي – مع دخول عدوان الاحتلال شهره الرابع عشر، وبقاء مصير الأسرى، لدى المقاومة في طيّ المجهول، تزداد الانتقادات الاسرائيلية لحالة لامبالاة الأوساط العسكرية والسياسية، مقابل انشغالها بإعادة الاحتلال الجارية في القطاع على قدم وساق، حتى لو كان ثمنها حياتهم.
عيناف شيف الكاتب في صحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن “المشاهد الميدانية القادمة من غزة، وتحركات قوافل الجيش لإخلاء المزيد من الفلسطينيين من شمال القطاع، تشير الى أن هناك حالة من الانفصال عن الواقع، في تخل واضح عن مصير الاسرى في غزة، رغم ما تعلنه عائلاتهم بشكل روتيني من بيانات ونداءات مليئة بالإحباط من سلوك الدولة تجاههم، والاتجاه السائد المليء بتجاهلهم، وكأن الدولة عبر وسائلها الإعلامية وماكنتها الدعائية استطاعت إقناع أغلبية الاسرائيليين بتوجيه الاهتمام لتحقيق أهداف الحرب على حساب المختطفين”.
وأضاف في مقال أن “التقارير الميدانية للمراسلين الإسرائيليين الذين يزورون غزة بشكل متكرر تفيد بأن الجيش أقرب لإحياء الاستيطان فيها من العودة لخطوط السادس من أكتوبر، سواء لمحاولة التعافي من جراحات هجوم السابع من أكتوبر التي ما زالت مشتعلة، أو من باب القيام بأفعال تغير الواقع الإسرائيلي لأجيال قادمة، والنتيجة واحدة مفادها أن كل من ينظر لشمال قطاع غزة يرى احتلالاً زاحفاً هناك، وليس بهدف الانسحاب منه، حتى لو كان ذلك مخالفاً للقانون الدولي”.
وأوضح أن “سلوك الجيش في غزة يتضمنه مزيد من الخسائر للجنود، والعبء الهائل على قوات الاحتياط، وبينما الغالبية الساحقة من النخبة السياسية غير مبالية تقريباً بمفاهيم الشرعية الدولية والخطاب الأخلاقي، فإن الواقع القائم فعلا هو حالة الانفصال الفعلي الذي تعانيه الدولة بين تصرفات الجيش وقضية الاسرى، لاسيما وأن صيغة “الضغط العسكري” لم تحقق سوى عمليات إنقاذ معزولة لهم، أما غيرها فقد حقق الكثير من المآسي لهم، والافتراض السائد اليوم أن الاسرى لن ينجون من شتاء آخر في الأنفاق”.
وختم بالقول إن “التيار اليميني، واليسار المعتدل، مدانان فعلياً بحالة الإهمال الجارية للاسرى، لكن في الوقت ذاته لا تكمن المشكلة فقط في حكومة يمينية متطرفة ورجعية، لأن مقاولها التنفيذي، وهو الجيش، يخلق واقعاً يُخرج الدولة من أسرة أمم العالم، ويهزمها، ويعرّض للخطر ما تبقى من الاسرى البائسين الذين يتم إهمالهم كل يوم جديد، ولذلك فإن رئيس الأركان وكبار ضباطه سيكونون مسؤولون عن السيناريو المروع المتمثل في ألا يعثر الجيش على جثث هؤلاء الاسرى أيضاً، طالما تواصل إهمالهم”.
من جانبها عنات ليف- أدلر، الكاتبة في صحيفة يديعوت أحرونوت، أكدت أن “الاسرى ما زالوا في غزة، ورئيس الوزراء يبحث عن المزيد من المدانين حوله، بل ويضحّي بهم، لتحميلهم مسئولية الإخفاقات المتلاحقة، فيما تعتقد عائلاتهم المتعبة العينين التي تعاني ضيقاً في النفس أنها لم تعد تعرف ما يمكن توقعه من هذه الحكومة، وخشيتهم تتركز في أن تغير رئيس أمريكي، واستبدال وزير الحرب، وانسحاب قطر من الوساطة، كل ذلك يعني أن يواصل الاسرى حياتهم البائسة في أنفاق حماس بغزة”.
وأضافت في مقال أن “المحاولات الخطيرة لرئيس الوزراء ومن في مكتبه للسيطرة على الرواية ظاهرياً، وإعادة كتابة التاريخ، لا يغيب عنها أنه سيفشل في ذلك، حتى عندما عيّن يسرائيل كاتس وزيرا للحرب، اعتبره معظم الإسرائيليين أن المنصب أكبر منه بعدة مرات، رغم إعلانه أن عودة جميع الاسرى أهم مهمة أخلاقية يقوم بها”.
وخاطبت الكاتبة الوزير قائلة “لماذا يجب أن نشتري هراءك، ولماذا نصدق كلامك وكأن جهود إعادة الاسرى بدأت يوم دخولك المكتب في مقر الوزارة الكيرياه، في حين أن الجيش والحكومة لا يتوقفان عن اتخاذ المزيد من الإجراءات للحيلولة دون إعادتهم منذ 400 يوما، وهما ينسفان مقترحات إنقاذهم من غزة”.
وأوضحت أن “الخبر الطيب وسط كل هذا الخوف أن بنيامين نتنياهو يخشى ذراع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي طالبه بإنهاء المهمة في غزة، أكثر بكثير من تهديدات شركائه المسيحانيين، تحت مظلة ائتلافه، ويحذّرونه إذا تجرأ على القيام بخطوة لنسف خيال تجديد الاستيطان في غزة، حتى لو كان ثمنها بالطبع نسف صفقة التبادل، وتغييب الاسرى إلى الأبد”.
ونقلت عن أوساط عائلات الأسرى أنه “مرّت سنة غربية وعبرية، وما زال الاسرى في الأنفاق، يتضورون جوعا، يعانون من الجفاف، منهكين، مصابون باليأس والخذلان، وما زال المزيد من المسئولين يكذبون بشأن الصفقة، ويكذبون على الأهالي، فيما يواصل نتنياهو محاولات غير الخجولة من إعادة كتابة التاريخ، ومحاولة تغييره كما يحلو له، وبما يتوافق مع مصالحه الشخصية والسياسية”.
وختمت بالقول إن “الأمر الذي بات واضحا لجميع الإسرائيليين أن اعتبارات نتنياهو تساوي عنده أكثر من حياة الـ101 رهينة الذي ألقى بهم في هاوية الأنفاق، بسبب معارضته بشدة إطلاق سراحهم، رغم أننا نعلم أنه ليس لدى المختطفين مزيد من الوقت، ليس لديهم هواء، وقوّتهم بدأت تنفد، ومن المشكوك فيه أن يتمكنوا من البقاء على قيد الحياة خلال فصل الشتاء في الأنفاق، بلا دواء، بلا طعام، بلا أمل وانتعاش”.