السياسي – بينما تتصاعد اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين على الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية ومدينة القدس، قرر وزير جيش الاحتلال يسرائيل كاتس، منحهم الأمان ليرتكبوا المزيد من الجرائم، بإعلانه وقف إصدار مذكرات اعتقال إداري بحق المتهمين منهم بمهاجمة الفلسطينيين.
وبحسب تقارير صحفية فإنه نادرا ما تصدر مثل هذه المذكرات عن وزراء جيش الاحتلال، لكن كاتس المعروف بمواقفه اليمينية المتطرفة، هو أول وزير جيش إسرائيلي يرفض إصدار قرارات اعتقال إداري ضد مستوطنين.
ويستند الاعتقال الإداري عادة إلى معلومات سرية لا يُكشف عنها تتعلق بمستوطنين متهمين بجرائم خطيرة ضد الفلسطينيين بما فيها القتل وإحراق الأراضي والممتلكات والاعتداءات الجسدية البليغة.
قرار اعتبره مراقبون أنّه بمثابة إفلات يد المستوطنين ضمن خطة إسرائيلية منظمّة لارتكاب الجرائم واستباحة دم الفلسطينيين وأرضهم، وصولًا بسط السيطرة وفرض المشروع الاستيطاني على كامل أراضي الضفة الغربية.
فعلى مدار العام تقريبًا؛ نجح الاحتلال في السيطرة على مساحات شاسعة من مساحة الضفة الغربية؛ عبر مصادرة مئات آلاف الدونمات وطرد السكان منها؛ مثّلت الجماعات الاستيطانية عنوانا رئيسيا فيها.
الجماعات الاستيطانية التي تقدرّ الأوساط المراقبة؛ وجود 40 ألف مسلح فيها؛ تم تسليحهم بأمر من وزير “الأمن القومي” المتطرف إيتمار بن غفير؛ حيث منحهم القوة العسكرية الكاملة؛ التي تؤهلهم للقيام بأدوارهم في تهجير وترحيل سكان الضفة.
40 ألفا من أصل 70 ألف مستوطن؛ تحدث “ابن غفير” عن خطة لتسليحهم؛ ضمن ما باتت يُسمى بـ”دولة المستوطنين”، هدفها الرئيسي حسم السيطرة الأمنية على الجزء الأكبر من الضفة؛ مرورا بووديانها وطرقها والقرى المحيطة بالمستوطنات الإسرائيلية، وكل التلال والطرق التي تجمع بينها.
ولم يعد الامر مقتصرًا على فكرة الجماعات الاستيطانية السبعة؛ التي تنشط في جانب الاستيطان؛ بل تجاوزت ذلك لتجنيد عدد منهم داخل الجيش ضمن كتيبة “نتسيح يهودا” التي يُعرف عنها السلوك المتطرف ضد الفلسطينيين المدنيين وممتلكاتهم في الضفة.
ويعتقد المختص في شؤون الاستيطان بشار قريوتي، أنّ الجماعات الاستيطانية باتت تمثل طليعة دولة الاحتلال في تنفيذ مشروعها الاستيطاني؛ فهي بزي الجيش؛ تُنفذ الاقتحامات والقتل والتفتيش والانتشار عبر الحواجز؛ إنها تفعل كل شيء لتحقق أهدافها، والآن جاء “كاتس” لمكافئتهم.
وقال قريوتي إنّ هذه العصابات انتقلت من وصفها جماعات خارج قانون الدولة؛ لجيش منظم يديره مجلس إدارة المستوطنات والجيش؛ ويتلقى أموالا ومخصصات؛ ويمنح موازنات؛ بشكل دائم”.
ورأى أن القرارات الصادرة بتحصينها، يأتي في سياق الرغبة بتهيئة الأجواء لارتكاب المزيد من الجرائم ضمن مخطط السيطرة والسلب الكامل على الضفة في المرحلة القادمة.
ذهب الباحث في شؤون الاستيطان جمال الأحمد؛ إلى وجهة نظر مماثلة مؤكدًا أنّ هذه القرارات تأتي ضمن خطة حكومية ممنهجة؛ تهدف لتفعيل دور هذه الأدوات ضمن المشروع الاستيطاني التي تقوم به سلطات الاحتلال في المرحلة القادمة.
وأضاف الأحمد -أنّ خطورة هذا الاجراء يترافق مع تصريحات قيادة دولة الكيان التي تنادي بحسم الوضع في الضفة؛ خاصة مع صعود دونالد ترامب للحكم ومواقفه السابقة التي وهبت دولة الاحتلال الحق في شرعنة المستوطنات والتهام المزيد من أراضي الفلسطينيين.
وذكر أن هذه الإجراءات تنذر بمرحلة حرجة؛ تريد “إسرائيل” البدء فيها خلال المرحلة القادمة، بنقل المعركة إلى الضفة وحسم الوضع فيها لصالح أهدافها الاستيطانية.
بدوره قال خالد منصور القيادي في المقاومة الشعبية بقرى الضفة، إنّ المستوطنين انتقلوا لجيش منظم، يملك أدوات مسلحة كاملة تشبه الجيش الإسرائيلي.
ولفت منصور أنّ هذا الجيش انتقل في مهامه الوظيفية من فكرة الإشغال؛ لفكرة الحسم في الوضع الموجود، من خلال السيطرة الكاملة على الأراضي؛ والاستحواذ على القرى المحيطة المجاورة للمستوطنات.
وبين منصور أنّ قرارات الجيش بإطلاق يد المستوطنين؛ تعني جعلهم يد متقدمة في الإجرام وانتهاك حرمة الدم وقدسية الأرض في الضفة.
وأكدّ أن دولة الاحتلال لديها رغبة بحسم الوضع الاستراتيجي في الضفة؛ ما يعني أن المرحلة القادمة ستمثل طوفان استيطاني، مدعوم أمريكيا وبصمت وتواطؤ دولي وغربي؛ وضعف عربي إسلامي تجاه ما يحدث في المنطقة بأسرها.
وكانت حركة “السلام الآن” الإسرائيلية قد علقت على قرار كاتس بالقول -عبر منصة إكس- إنها “حكومة تدعم الإرهاب اليهودي”.
ورأت الحركة المناهضة للاحتلال إن قرار وزير الجيش قد يشكل تشجيعا للمستوطنين بتصعيد العنف ضد الفلسطينيين بالضفة.
وكانت عديد من الدول الغربية، من بينها الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، أعلنت الأشهر الماضية فرض عقوبات على مستوطنين ومنظمات استيطانية بالضفة الغربية لارتكابهم جرائم ضد الفلسطينيين.