سوريا العشق نحو الحرية والديمقراطية

بكر أبوبكر
بكر أبوبكر

التغييرات الحقيقية تأتي غالبًا بصعوبة، وقد تأتي في سياق أزمات، ولربما تأتي نتيجة توازنات وقد تكون القوة هي الأساس في التغيير وفي الوضع السياسي قد تتقاطع الخيوط معًا لتحقق تغيير، كما حصل في سوريا الآن بعد سقوط نظام الأسد
عندما سطع نجم الربيع العربي عام 2011 وكانت ثورة مرتبطة بالحرية والعدالة والديمقراطية سرعان ما ركبتها التنظيمات المتطرفة التي تريد تغيير شكل المجتمع وقيمه المتسامحة، بل وتسخيف عقل وقلب الناس لذلك لم تنجح هذه الانقلابات المرتبطة بالتنظيمات الاسلاموية المتعالية على الناس والمتبرئة منهم، بل تصاعدت اللحظة لايقاظ الاحقاد والإرهاب الذي عصف بغرب الأمة العربية وشرقها بالدعم الامريكي الواضح والفاضح، وفلول أنظمة قديمة ذات صبغة استبدادية، ومنها قيادات ذات أفكار مثالية وتطبيقات أزموية كما كان الحال مع حزب البعث بشقيه.
لم يكن للدول الإقليمية أن تتخذ دورها الداعم للدول العربية وإنما اتخذت للأسف دور المهيمن ودور المفتت، ودور المتصارع على جسد الامة ما يتقابل-بشكل أو بآخر- مع المطامع الصهيونية بسيادة المنطقة بالدعم الأوربي الاستخرابي الامريكي. وهو الامر الذي مازال قائمًا.
ومن هنا تفتّت الامة على جانبي الدول العظمى وبين أحضان الدول الاقليمية التي لم يكن لارتباطها مع العرب بالاسلام أن كبحها عن التدخلات المسيئة واستغلال فصائل لاحتلال دول عربية أو وضع مواطيء قدم بها.
اجتاح الربيع العربي تونس ومصر، وليبيا وسوريا والسودان والمغرب، وبعض دول الخليج وهكذا، ومنها من خرج بصعوبة، أو بتوافق وطني كما حال دول الخليج، ومنها من ركبته التنظيمات المتطرفة وقادته نحو التفتتيت والاحتراب، ومنها ما تمكن فيها الاستبداد للنظام كما الحال مع نظام الأسد فلم ينظر بجدية نحو الشعب العظيم، ولم يكن ذلك الا تساوقًا مع طبيعة النظام الاستخباري الاستبدادي القمعي الحارق والقاتل، وخنوعًا للمعادلات الاقليمة من جهة، وللتقاطعات العالمية، فحصل ما حصل.
مع سقوط نظام الأسد والطغيان في سوريا يجب الفصل كليًا بين الشعب السوري والقضية السورية الديمقراطية والنضالية المرتبطة بالحفاظ على الدولة واحدة موحدة بأراضيها ومؤسساتها التي هي لشعبها ككل، وهي بإذن الله سند لفلسطين والأمة، وبين ذيول النظام وهم فئة متحكمة يجب أن يكون القانون فقط هو الحاكم فيها.
يجب أن تظل سوريا حرة واحدة موحدة بكل قومياتها وطوائفها الكريمة، وديمقراطية متنوعة وفي التنوع يتجلى الجمال الرائع حين يعم التسامح والمحبة والسلام.
كما من الواجب الحفاظ على مقدرات الدولة (الوزرات والمؤسسات ومنتسبيها…) وبنفس القدر الحفاظ على الجيش العربي السوري فهو جيش البلاد الذي يجب أن يكون كذلك بعيدًا عن الأفراد المحددين الذين قد يكون خضوعهم للقانون ليس الا بصالح الحفاظ على مؤسسة الجيش.
خلاصة القول يجب علينا كسوريين شوام –ونحن الفلسطينيين كذلك- أن ندعم حرية الشعب السوري بكل فئاته فهو نحن، ونحن هم وبنفس القدر الحفاظ على مقدرات البلد المدنية والعسكرية بعيدًا عن أجهزة الاستبداد والديكتاتورية والظلم التي جعلت من السجون نموذجًا لأسوا السجون بالعالم بعد السجون الصهيونية.
لا يحتاج السوريون للنصائح فهم المبدعون دومًا، وهم القادرون على نسج خيوط مستقبلهم، وهم الذين كانوا أنموذجًا للحرية والنضال والتنوع والعشق والمحبة، وفرادة العمل المتقن، وبانتظار تشكيل حكومة مؤقتة أو انتقالية وبرسم خريطة طريق للخروج الآمن، يتوجب برأينا على كل الأمة بقياداتها التي تجلت في المؤتمر العربي الإسلامي ان تقدم كل الدعم لهذا الشعب العظيم، لهذا الشعب البطل، ليخطو قدمًا بعيدًا عن الفوضى أو التجاذبات العرقية او الطائفية او الاقليمية، فنحن كلنا مع شعوب هذه الامة وبتكاتفها يكون لفلسطين مقعد قادم بين الشعوب وفي قلب الأمة.

شاهد أيضاً