السياسي – في مشهد غير مسبوق في التاريخ السياسي لإسرائيل، دخل بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الأطول بقاءً في السلطة، قاعة المحكمة ليس كشاهد أو مدافع عن سياساته، بل كمتهم بقضايا فساد تهدد مستقبله السياسي ومكانته في التاريخ.
هذا اليوم، الذي كان محتمًا بعد سنوات من التحقيقات والتكهنات، يُعد لحظة مفصلية في المشهد الإسرائيلي.
ثماني سنوات مرّت منذ أن فتحت الشرطة أول تحقيق مع نتنياهو. ثماني سنوات من الصفقات، والهدايا، والمكائد السياسية، قادت أخيرًا إلى هذه اللحظة التي يقف فيها أمام القضاة متهمًا، وليس رئيسًا محصنًا.
المحاكمة، التي يُتوقع أن تمتد لشهرين قادمين، ستضع تحت المجهر ثلاثة ملفات رئيسية عُرفت بأرقامها، لكنها تحمل قصصًا معقدة من استغلال السلطة والنفوذ.
في ملف 1000، تُوجه لنتنياهو تهمة تلقي هدايا ثمينة من رجال أعمال، بينها سيجار فاخر وشمبانيا وزينة لا تُقدّر بثمن، مقابل منحهم تسهيلات ومزايا.
أما ملف 2000 فيكشف عن لعبة خطرة بين الإعلام والسلطة، حيث يُتهم نتنياهو بعقد صفقة مع مالك صحيفة “يديعوت أحرونوت”، لتحسين صورته في صفحاتها، مقابل تمرير قوانين تضر بصحيفة منافسة كانت تدعمه.
لكن الملف الأكثر إثارة للجدل هو ملف 4000، الذي يُظهر كيف استغل نتنياهو سلطته لتقديم تسهيلات لشركة “بيزك” للاتصالات، مقابل تغطية إيجابية له في موقع واللا الإخباري.
هذه الملفات الثلاثة تُجسد نمطًا من إدارة السلطة قائم على المقايضة بين المصالح الشخصية والسياسية، وهي اتهامات لا يمكن لأي زعيم أن ينجو منها بسهولة.
نتنياهو، الذي ينفي هذه التهم بشدة، يدّعي أن ما يحدث هو “محاولة انقلاب سياسي” يقودها خصومه للإطاحة به. لكن القضاء، الذي طالما وصفه نتنياهو بأنه منحاز، يبدو مصممًا هذه المرة على إثبات استقلاليته ومحاسبة حتى أعلى السلطات.
ما يحدث اليوم في إسرائيل ليس مجرد محاكمة لسياسي قوي، بل اختبار لنظام قضائي وسياسي بأكمله، بينما يتابع الإسرائيليون والعالم هذه القضية عن كثب، يبقى السؤال الأكبر معلقًا: هل سيتحول نتنياهو من الزعيم الذي شكل ملامح إسرائيل الحديثة إلى رمز للفساد وسوء استغلال السلطة؟ الأيام القادمة فقط ستكشف الإجابة.
وفي وقتٍ سابق اليوم، بدأت في المحكمة المركزية في تل أبيب، وفي مكان محصَّن، أولى جلسات الاستماع لشهادة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، المتعلقة بقضايا فساد، تتعلق بالرشوة والاحتيال وإساءة الثقة.
ويعتبر ظهور نتنياهو على منصة الشهود، نقطة بائسة في حياته السياسية التي استمرت عقوداً، حيث يقف على النقيض من صورة رئيس الوزراء “المحترم” التي حاول صناعتها.