السياسي – يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على “دخول التاريخ” من خلال استعادة رفات الجاسوس الإسرائيلي إيلي كوهين من سوريا.
وكوهين، الذي كان معروفاً بكونه القيادي البارز في حزب البعث السوري، كامل أمين ثابت، كانت قد افتضحت حقيقة كونه جاسوساً إسرائيلياً وتم إعدامه في ساحة المرجة بدمشق في 18 مايو 1965.
ما يراهن عليه نتنياهو هو تحقيق ما دأبت عليه إسرائيل ورؤساء حكوماتها وأجهزتها عبر عدة طرق دبلوماسية وعمليات عسكرية وإغراءات وتدخلات من أمريكا وتفاهمات مع روسيا وجميع أشكال المحاولات على مدار 60 سنة، لاستعادة رفات كوهين، كما وعدت قيادات إسرائيل عائلته الذين لم يتوصلوا حتى الآن سوى لساعته فقط.
وبحسب خبراء استراتيجيين، فإنه مع سقوط نظام الأسد في سوريا، بات الأمر أكثر صعوبة في الوصول لرفات كوهين.
-معضلة المكان
حول ذلك يقول الخبير العسكري والاستراتيجي السوري، الدكتور كمال الجفا، إن صعوبة وصول إسرائيل إلى رفات كوهين تتعلق بمعضلة مكانه الذي لا تتوفر عنه أي معلومات، في ظل ما جرى خلال السنوات الماضية، وقت النظام السابق، بقيام شعبة الاستخبارات العسكرية بنقل رفاته عدة مرات بعد واقعة دخول مسلحين إلى مقبرة اليرموك.
وأضاف: تردد أنه كان مدفوناً هناك، وبعد ذلك تم نقل رفاته إلى عدة مواقع دون معرفة القائمين بذلك أو قياداتهم، أي تفاصيل عن شخص من يتم نقل رفاته بهذا الشكل.
وبين الجفا أن عمليات النقل المتعددة لرفات كوهين، كانت تتم من خلال رقم سجل له، دون اسم، ولم يعرف القائمون على عمليات النقل الذين كان يتم استبدالهم في كل مرة، أي معلومات عن شخص أو هوية الرفات، وكان النقل يتم برقم دون معرفة الجهة التي تنقله.
وأوضح الجفا أن محاولة استعادة إسرائيل لرفات كوهين هي قضية قديمة جديدة، تحمل أحداثاً متغيرة منذ عدة سنوات، آخرها كان عام 2018، عندما ادعت تل أبيب أنها استطاعت تحديد مكان رفاته هو وجندي إسرائيلي آخر اختفى في لبنان عام 1982.
وذكر أن إسرائيل حاولت من خلال التعاون مع الكثير من الفصائل الفلسطينية التي كانت متواجدة في مخيم اليرموك السوري، الحصول على أية معلومات تتعلق برفاته.
– ساعة كوهين
وأشار الجفا إلى أنه في عام 2018، أعلنت إسرائيل استعادة ساعة شخصية لكوهين ضمن عملية خاصة نفذها الموساد الإسرائيلي، وقيل وقتئذ إنها جرت ضمن مفاوضات بين إسرائيل وروسيا التي كان لها تواجد ميداني في سوريا في عدد كبير من المواقع وذلك ضمن عملية إنزال إسرائيلي؛ ما أحدث صدمة في الأوساط السورية.
وبحسب الجفا، فإنه من خلال استعادة ساعة كوهين، أفرجت إسرائيل عن سجينين سوريين بعد أن استعادت عبر موسكو رفات الجندي الإسرائيلي زخاريا باومل، الذي قتل في لبنان عام 1982 خلال معركة مرج السلطان بين الجيشين السوري والإسرائيلي.
وقال: حتى الآن تقول المعلومات إن هناك جنديين إسرائيليين هما يهودا كاتس وزيفي فيلدمان، مفقودين منذ ذلك الوقت، وقامت قوات روسية بعمليات نبش واسعة في مئات القبور بمحيط مخيم اليرموك، بحثا عن هذين الجنديين وكوهين أيضاً.
وذكر الجفا أن محاولات إسرائيل بالبحث عن كوهين الذي يعتبر بطلاً قومياً لم تتوقف، والوصول إليه يعد هدفاً غالياً ومهماً لنتنياهو حتى يسجل ذلك له تاريخياً كما يتمنى، لزيادة النقاط التي كسبها خلال العامين الماضيين؛ إذ يعتبر الوصول إلى رفات كوهين بمثابة نصر كبير يسعى نتنياهو إلى تحقيقه.
-“عقد غليظ”
من جهته يؤكد الخبير في الشأن الإسرئيلي، الدكتور نزار نزال، أن إسرائيل لا يمكن أن تترك أثراً لأي من مواطنيها، وهي تبحث عن الطيار رون أراد مثلما تجري وراء رفات كوهين، وذلك في إطار عقد غليظ بين المواطن الإسرائيلي وحكومته والنخب والطبقة الحاكمة، وهذا العقد يدعى الأمن الذي لو فقد واستهترت إسرائيل به فلن يكون هناك هجرة من العالم إلى الداخل.
وذكر نزال أن هذا العقد الغليظ بين إسرائيل ومواطنيها يتجسد في حالة بحث تل أبيب عن رفات الجاسوس كوهين منذ أكثر من 4 عقود، وستستمر إسرائيل في ذلك ولن تكل أو تمل، لأن أي تفريط في حق مواطن واحد، بحسب رؤية القائمين على إسرائيل، يهدد الدولة بالتشرذم ولن يكون هناك هجرة استيطانية.
ويعتقد نزال أن الإسرائيليين لديهم قناعة مطلقة أن رفات كوهين تعرض للذوبان ولم يعد له أي أثر، ولكن ما يتم من اهتمام بأمر الرفات هو للإعلام والرأي العام، بغرض رسالة داخلية بالتأكيد أن الدولة مستمرة في البحث من أجل البقاء؛ لأن الاهتمام بالشخص الإسرائيلي نقطة في غاية الأهمية للتماسك والبقاء والاستمرارية.