كشف المحلل الأمني الإسرائيلي البارز يوسي ميلمان، إلى أن الأمين العام الاسبق لحزب الله حسن نصر الله ، ارتكب خطأين فادحين بعد الهجمات التي شنّها في السابع من تشرين الأول 2023.
وأوضح ميلمان في مقاله، الذي نُشر في صحيفة “جويش كرونيكل” البريطانية، أن الخطأ الأول لنصر الله كان قراره بمهاجمة إسرائيل، بينما كان الخطأ الثاني هو حصر هجومه في الضربات الصاروخية والطائرات المسيرة، بدلاً من تنفيذ هجوم بري شامل.
وأشار ميلمان إلى أن ضابطاً كبيراً في الجيش الإسرائيلي أخبره قائلاً: “لو كان حزب الله قد شن هجومًا بريًا متزامنًا مع حماس، لكان قد تمكن من الوصول إلى طبريا وبلاد الجليل، وكان بإمكان إسرائيل أن تجد صعوبة كبيرة في صد الهجمات المتزامنة في الشمال والجنوب”.
وأضاف ميلمان أن عملية تفجير البيجر، التي تُعتبر من أقوى وأمهر عمليات الموساد، ساهمت في خلق سلسلة من ردود الفعل التي أدت إلى هزيمة حزب الله في لبنان وتغيير النظام في سوريا، بالإضافة إلى تعطيل طموحات إيران في الهيمنة على المنطقة.
وكان حزب الله قد سيطر على مسار العمليات حتى هجوم حماس في السابع من تشرين الأول، والذي أصاب الاستخبارات الإسرائيلية والقيادة العسكرية بالدهشة. وفي ظل هذا الهجوم، قرر نصر الله فتح جبهة إضافية، مما يراه ميلمان خطوة غير حكيمة.
الخطأ الثاني لنصر الله، حسب ميلمان، كان في حصر الهجمات على إسرائيل باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة دون إشراك القوات البرية، وهو ما كان سيؤدي إلى تحديات أكبر بالنسبة لإسرائيل.
في الواقع، أطلق حزب الله على مدار أحد عشر شهراً أكثر من 15,000 صاروخ وقذيفة، بالإضافة إلى الطائرات المسيرة التي استهدفت قواعد إسرائيلية ومراكز استخباراتية ومطارها ومناطق مدنية. وأسفر ذلك عن إجلاء نحو 70,000 إسرائيلي من مناطقهم.
ورداً على الهجمات، شنّت إسرائيل غارات جوية دمرت قرى في جنوب لبنان وأوقعت ضحايا في صفوف حزب الله. كما استهدفت إسرائيل قادة حزب الله من مختلف الرتب، ما ساعدها في تقليل قدرات الحزب بشكل كبير.
وبحسب ميلمان، لم تقتصر الضربات الإسرائيلية على الجبهة اللبنانية فقط، بل كانت عملياتها الاستخباراتية دقيقة للغاية، وهو ما مكنها من اغتيال كبار القادة في حزب الله، بما في ذلك اغتيال فؤاد شكر، رئيس أركان الحزب، في بيروت.
وأشار ميلمان إلى أن قطع رؤوس القادة في حزب الله أدخل الحركة في حالة من الشلل والارتباك، وهو ما سهّل عملية التوغل الإسرائيلي في جنوب لبنان. وبعد تدمير ما يقارب 70% من أسلحة حزب الله، اضطر الحزب للموافقة على وقف إطلاق النار في السابع عشر من تشرين الثاني 2023 لمدة ستين يوماً.
ويرى ميلمان أن ما حدث في لبنان جزء من الواقع الجديد الذي يغير موازين القوى في المنطقة، حيث أصبحت إيران في مأزق كبير.
وبينما يرى ميلمان أن هناك إجماعًا إسرائيليًا على أن إيران تمثل “رأس الأخطبوط” في المنطقة، من خلال نشر وكلائها في لبنان وسوريا والعراق واليمن، فإن ما يثير القلق أكثر هو تسريع إيران لبرنامجها النووي، وهو ما قد يؤدي إلى تهديد حقيقي لأمن المنطقة.
وحسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، نجحت إيران في تجميع أكثر من 100 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%. وفقاً لميلمان، لا يوجد مبرر علمي لهذا التخصيب سوى تطوير أسلحة نووية، ما يعكس تصعيدًا خطيرًا في برنامج إيران النووي.
ويرى ميلمان أن إيران قد تُسارع في تخصيب اليورانيوم من 60% إلى 90% في وقت قصير، ما قد يتيح لها تطوير أسلحة نووية. هذا التصعيد يتزامن مع قرب تغيير الإدارة الأميركية في يناير 2025، حيث تتوقع إيران من إدارة ترامب فرض عقوبات قاسية قد تهدد بقاء النظام.
وفي خضم هذه التطورات، يشعر الغرب بالقلق من أن إسرائيل قد تستغل عزلتها الإقليمية وضعف إيران لتوجيه ضربة جوية للمرافق النووية الإيرانية. لكن ميلمان ينقل عن مسؤول سابق في الموساد أن إسرائيل لن تتحرك بمفردها في هذا الصدد، بل قد تحتاج إلى موافقة من الولايات المتحدة، خصوصًا من الرئيس ترامب.