هل يحاول نتنياهو الكاذب خداع ترامب بمفاوضات فارغة

السياسي – بعد محادثات بينه وبين مندوبي الرئيسين الأمريكيين الحالي والمنتخب، بايدن وترامب، قرّر رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إيفاد طاقم المفاوضات الإسرائيلي بكامل أركانه إلى الدوحة الأحد، وسط تقديرات إسرائيلية حذرة ومتباينة لاحتمالات إتمام صفقة هذه المرة، قبيل أسبوع من دخول الإدارة الأمريكية الجديدة للبيت الأبيض.

وطبقًا لموقع “يديعوت أحرونوت” (واينت)، فقد كان اليوم الأخير يومًا هامًا، بعد اتصالات هاتفية بين نتنياهو ومبعوثي بايدن وترامب للمنطقة. قرّر نتنياهو في نهايتها إرسال رؤساء الأجهزة الأمنية إلى الدوحة، فيما بقي الكابنيت بدون إحاطة بما يدور، علمًا أن الهدف هو إتمام صفقة حتى العشرين من الشهر الجاري.

وينقل “واينت” عن مصدر إسرائيلي كبير قوله إن هناك أقل شكوك في إسرائيل ولدى الإدارة الأمريكية هذه المرة، ولكن سبق وكنا في مثل هذا الفيلم والأمر متعلق بـ “حماس”. موضحًا أن الإدارة الأمريكية تستند في تقليل تشكيكها باحتمالات المداولات هذه المرة على ملاحظتها “تحركًّاً” أعقب وصول مندوب بايدن، بيرت مكغورك، للدوحة.

لكن المصادر العبرية تشير أيضًا لدور مبعوث ترامب الخاص، ستيف فيكتوف، الذي وصل تل أبيب بشكل مفاجئ بعدما مكث في الدوحة، ومرّر رسالة مشابهة لرسالة مكغورك حول الحاجة لإنجاز صفقة تبادل قبل دخول الرئيس الجديد للبيت الأبيض، بعد ثمانية أيام.

ويقول “واينت” إن الرسائل المتطابقة بين مبعوثي بايدن وترامب تعني أنه لا يوجد فارق في الموقف الأمريكي، وينقل عن مصدر سياسي كبير قوله إن الصيغة المطروحة اليوم تشمل الإفراج عن 33 أسيراً، لكن عدد الأسرى الفلسطينيين مقابلهم غير معروف بعد، ويضيف المصدر: “فقط بعدما نعلم عدد الاسرى الأحياء وعدد القتلى، ونحن أمام يوم مهم”.

-تقدّم وليس شقّ طريق
وتوضح الإذاعة العبرية العامة، صباح اليوم، أن موافقة نتنياهو على ذهاب قادة المؤسسة الأمنية للدوحة يأتي نتيجة سببين: أولهما ضغط كبير من ترامب الذي يوفد مبعوثه للمنطقة، وكذلك إبداء “حماس” ليونة في موقفها.

وتدلل تجارب الجولات السابقة أن هناك كذبًا وأخطاء وتضليلًا في التقارير الإعلامية والتصريحات السياسية حول حظوظ الصفقة المطروحة، لا سيّما أن المعركة على الرواية والوعي مستمرة، وطرفا الصراع يحاولان الظهور بأنهما معنيان فعلًا بها في ظل ضغوط داخلية وخارجية.

-خسائر إسرائيلية
وتتزامن التقارير المتفائلة حول تقدم مداولات الصفقة مع عملية جديدة موجعة للمقاومة في بيت حانون، تقتل وتصيب عددًا كبيرًا من الجنود الإسرائيليين (أربعة جنود قتلى، وستة جرحى)، وقبلها إصابة ثمانية جنود يوم الجمعة الأخير. وفي المجمل عشرة جنود قتلى في الأسبوع الأخير (400 جندي إسرائيلي قتيل في القطاع منذ بدء الحرب)، علاوة على استعادة مخطوفين فارقا الحياة.

أمام هذه الخسائر الحقيقية في صفوف جيش الاحتلال في القطاع، هناك صرخة متصاعدة لدى المراقبين وأوساط الرأي العام في إسرائيل، ممن يرون أن الثمن باهظ، وأن الجنود يموتون مجانًا وعبثًا، كما أكد مجددًا الجنرال في الاحتياط، رئيس حزب “الديموقراطيين”، يائير غولان، في الليلة الفائتة، ضمن حديثه للقناة 12 العبرية.

ومثلما يؤكد زميله الجنرال في الاحتياط، نوعم تيفون، الذي اعتبر، في حديث للإذاعة العامة، أن الجنود يموتون في غزة دون جدوى. وهناك تزايد في عدد المراقبين الإسرائيليين ممن يحذرون من أن القادم أعظم من هذه الناحية، فيؤكد، على سبيل المثال، رئيس معهد الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب، الجنرال في الاحتياط ميخائيل ميليشتاين، الذي ينبّه إلى أن التغلب على “حماس” وحسمها لا يمكن بالطريقة العسكرية فحسب، ودون خطة لليوم التالي تدفع ببديل سلطة “حماس” في القطاع.

وهناك من حذّر ويحذّر من حرب استنزاف على غرار حرب لبنان الأولى في غزة، أمثال المعلق البارز، ناحوم برنياع، وزميلته المعلقة البارزة، سيما كادمون، التي تقول إنها سئمت من الأخبار السيئة القادمة من غزة، ومن رؤية جنازة وراء جنازة.

ومن المرجح أن هناك ما هو أعمق: التعب والإرهاق واليأس أيضًا. وقد سلط رئيس إسرائيل السابق رؤوفين ريفلين الضوء على حجم هذا اليأس بقوله لصحيفة “يديعوت أحرونوت” إن عدة أمور تقلقه وتقضّ مضاجعه، منها أجواء اليأس في صفوف الإسرائيليين. الحرب البربرية التي تزيد توحشًا منذ خلف كاتس غالانت في وزارة الأمن مستمرة لعدم وجود رفض جماهيري لها، رغم قول بعض المراقبين، أمثال المحلل في “يديعوت أحرونوت”، بن درور يميني، الذي يقول اليوم إنه دون ثقة الشعب بالقيادة لا يمكن للمجتمع الإسرائيلي تحمّل الثمن الباهظ بالدم”. إن عدم دفع الخسائر الباهظة لإنهاء الحرب يعني أنها لا تؤدي حتى الآن لإتمام صفقة تبادل، رغم قرب دخول ترامب للبيت الأبيض ورغبته المعلنة بها. من المرجح أن يحاول نتنياهو التغرير بالرئيس ترامب أيضًا ومحاولة إقناعه بأن الكرة في ملعب “حماس”، وينبغي أن يكون الضغط عليها، خاصة بما يتعلق بوقف المساعدات الإنسانية. منذ أيام، تتحدث أبواق نتنياهو في السياسة والإعلام عن ضرورة تجويع مطبق للغزيين من أجل إخضاع “حماس”، وهذا ما أكده بشكل مباشر المعلق السياسي المستوطن في موقع القناة 12، عاميت سيغل، أحد المقربين جدًا لنتنياهو، وعلى ما يبدو هو ينطق بلسانه بهذه الدعوة لارتكاب جريمة حرمان المدنيين من الماء والغذاء.

وفي المقابل، نبّه زميله، المعلق في القناة 12، بن كاسبيت، لاحتمال مواصلة نتنياهو المناورة، ومحاولة الكذب على ترامب.

ومن بين الذين يرشون الماء البارد على التقارير المتفائلة على مداولات الصفقة الحالية، محلل الشؤون الاستخباراتية في “يديعوت أحرونوت” وصحيفة “نيويورك تايمز”، رونين بيرغمان، الذي يرى أن خروج طاقم المفاوضات الإسرائيلي يبعث نسمة تفاؤل، لكن ينبغي الحذر من موجة الشائعات.

ويضيف أن الأنباء الجيدة تقول إن ثلاث دول تريد ترضية ترامب، مقابل أنباء سياسية تقول: “لم تحل بعد واحدة من القضايا الجوهرية العالقة”.

رئيس على مياه هائجة
يشار هنا إلى أن بعض ما يرد في الكتاب الجديد لرئيس إسرائيل العاشر، رؤوفين ريفلين، يسلط الضوء على ما جرى ويجري في إسرائيل في الأمس، واليوم، وربما في الغد، وعلى الحرب واحتمالات الصفقة، وعلى ما يجري في الحكومة، وعلى شخصية نتنياهو وغيره.

في كتابه الصادر هذا الأسبوع، يستذكر ريفلين ما قاله له رئيس حكومة الاحتلال الراحل، إسحق شامير (الليكود): “عشية انتخابات الكنيست، 1992، قال لي شامير إن نتنياهو ملاك الشر ويكذب باستمرار، لا يفي بأي وعد يصدر عنه لك.

لا يوجد بوليغراف في العالم يستطيع كشف كذبه: هو يقنع نفسه أن ما يقوله حقيقة، وهو قادر على الكذب، وبعد خمس دقائق لا يتذكر حتى ما قاله. احذر منه، فأنت قلق على مصلحة الدولة، ونتنياهو لا يرى سوى نفسه، ويضحي بكل شيء من أجل حساباته الشخصية.” يشار إلى أن وزير المالية سموتريتش قد قال، في تسجيل مسرب قبل شهور، إن نتنياهو “كاذب ابن كاذب”.

تابعنا عبر:

شاهد أيضاً