السياسي – كشفت مصادر فلسطينية مطلعة، أن تيارًا يضم مجموعة من الشخصيات الوازنة داخل منظمة التحرير الفلسطينية بدأت بتبني مبادرة تدعو إلى الانسحاب من اتفاق أوسلو (معاهدة السلام الفلسطينية الإسرائيلية).
ويرى متبنو المبادرة، أن هذا هو الرد الأكثر فاعلية على مخرجات قمة البيت الأبيض بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وما شكّلته من إلغاء على أرض الواقع لحل الدولتين وتجريف لما بقي للسلطة الفلسطينية من “شكليات” القيادة الوطنية.
وقالت المصادر إن ستة أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح ممن ينشطون في الائتلاف مع قيادات لأحزاب أخرى داخل منظمة التحرير، عرضوا على خلية القرار في السلطة الفلسطينية برام الله، أن تعلن التخلي عن اتفاق أوسلو الذي كانت أبرمته المنظمة مع إسرائيل عام 1993.
وأوضحت المصادر أن إعلان منظمة التحرير التخلي عن اتفاق أوسلو سيسهم في تغيير قواعد اللعبة التي انتهت حتى الآن بموت مشروع الدولتين، وتصنيع “نكبة جديدة” تتضمن تهجير الشعب الفلسطيني.
تقديرات المحللين السياسيين لإمكانية التوظيف الفلسطيني لاتفاق أوسلو وجعله رهينة تعطيل مشاريع ضم الأراضي وتهجير أهلها، تفاوتت بخصوص قدرة ورغبة السلطة في تنفيذ هذه المبادرة، وأيضًا بخصوص جدوى هذا المشروع وارتداداته.
الناشط السياسي المحلل سليمان الطوال قال، إن الحديث الآن داخل قيادات منظمة التحرير عن خيار الخروج من اتفاق أوسلو، ليس بجديد.
وأشار إلى أنه في مناسبات عديدة على مدار سنوات تعطيل المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، كانت تُسمع مطالبات بكسر الأساس القانوني الذي بُني عليه الاعتراف المتبادل، وما تضمّنه من إقامة سلطة ذاتية “معطّلة بالمقيدات”.
وأضاف الطوال أن اتفاق أوسلو كان القصد منه إنهاء حالة العداء بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل وإعلان حقبة جديدة من صنع السلام، لكن هذه الاتفاقية “تحولت إلى حلقة مفرغة تخلو من الجدية ومن قدرة تحقيق السلام بإقامة الدولة الفلسطينية كشرط لإنهاء العداء”.
وقال الطوال إن السلطة عجزت عن تحقيق بديهية الوحدة الوطنية بين الأحزاب والقوى الرئيسة، وظهر ذلك في سياقات حرب غزة، وما رافقها من جفوة في المواقف بين فتح كقيادة في رام الله وحماس كقيادة في القطاع.
وخلص الطوال إلى أن اللوبي الذي يتشكل الآن داخل فتح والمنظمة داعيًا إلى الخروج الفلسطيني من اتفاق أوسلو، إذا قُدر له أن يخرج للعلن، سيحظى بموقف فلسطيني عريض يؤيد دعواه، “فالاتفاق أصلا لم يتم تنفيذه رغم مرور ثلاثين سنة عليه، وبديل أوسلو لن يكون أسوأ منه”.
من جهته، استبعد الباحث الدكتور هلال الرياحي أن تقبل السلطة في رام الله باستخدام سلاح الخروج من اتفاق أوسلو، فقد سبق أن رفضت مرارًا استخدام هذه الورقة الضاغطة وكان مبررها أن كلفة إلغاء الاتفاق أثقل من استمرار العمل به حتى وإن كان في حالة الموت السريري.
وبرأيه، فإن “أوسلو” أدى إلى تغييرات جذرية على الأرض وأنتج واقعًا جديدًا لا يمكن تجاهله بعد مرور كل هذا الوقت عليه.
وذكر أن السلطة أجابت بوعد أن تطرح الموضوع في كواليس القمة العربية التي ستعقد في القاهرة قبل نهاية الشهر الحالي، مع قناعة الرئاسة الفلسطينية أن الدول العربية لن ترضى عن خروج منظمة التحرير من هذه الاتفاقية لأنها لا تريد بديلًا عن سلطة رام الله في مفاوضات اليوم التالي لحرب غزة.