اسرى فلسطين: الضمير النابض

بقلم : بن معمر الحاج عيسى

 

تُعتبر قضية الأسرى الفلسطينيين واحدة من أبرز القضايا الإنسانية والسياسية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث يعيش أكثر من عشرة آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال تحت ظروف قاسية ومؤلمة. تتجلى هذه الظروف في انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، تشمل التعذيب، والحرمان من العلاج، والتجويع، مما يجعل حياة هؤلاء الأسرى مهددة بشكل دائم.  وذلك وفقًا لتقرير منظمة العفو الدولية، فإن العديد من الأسرى يتعرضون لممارسات تعسفية تتنافى مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان، مما يستدعي تحركًا عاجلاً من المجتمع الدولي. تُظهر التقارير أن الأسرى في سجون الاحتلال يعانون من نقص حاد في الرعاية الطبية. يُحرم العديد منهم من العلاج اللازم، مما يؤدي إلى تفاقم حالاتهم الصحية. وفقًا لإحصائيات هيئة شؤون الأسرى والمحررين، فإن حوالي 25% من الأسرى يعانون من أمراض مزمنة مثل السكري وارتفاع ضغط الدم، لكنهم لا يتلقون الرعاية الطبية المناسبة. في تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، تم الإشارة إلى أن الظروف الصحية في السجون تفتقر إلى النظافة والرعاية، مما يزيد من خطر انتشار الأمراض بين الأسرى. كما أشار تقرير نادي الأسير الفلسطيني إلى أن أكثر من 1,000 أسير يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة، لكنهم مُحرمون من ذلك. تُعتبر أساليب التعذيب المستخدمة في السجون من أشد الانتهاكات التي تُمارس بحق الأسرى. وفقًا لتقرير منظمة هيومن رايتس ووتش

حيث يُستخدم التعذيب الجسدي والنفسي بشكل منهجي لإجبار الأسرى على الاعتراف أو للحصول على معلومات.و تشمل هذه الأساليب الضرب المبرح، الحرمان من النوم، والعزلة الانفرادية لفترات طويلة، مما يؤثر سلبًا على صحتهم النفسية والجسدية. في العديد من الحالات، تؤدي هذه الانتهاكات إلى فقدان الحياة، حيث ارتقى 58 أسيرًا ومعتقلاً في السجون بعد الحرب الأخيرة، مما يعكس حجم المعاناة التي يتعرض لها هؤلاء الأسرى. تتواصل الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين بشكل يومي، حيث تُمارس أعمال قمع واعتداءات جسدية خلال الاقتحامات التي تقوم بها وحدات القمع في السجون. وفقًا لتقارير إعلامية، يتم استخدام القوة المفرطة ضد الأسرى، مما يتسبب في إصابات خطيرة. في تقرير صدر عن هيئة شؤون الأسرى، تم الإشارة إلى أن 40% من الأسرى تعرضوا للاعتداء الجسدي أثناء اعتقالهم، مما يدل على أن سياسة الاحتلال تهدف إلى إضعاف الإرادة الفلسطينية وإخضاعها.

في هذا السياق، تلعب هيئة شؤون الأسرى والمحررين ونادي الأسير الفلسطيني دورًا محوريًا في توثيق هذه الانتهاكات وكشف الجرائم التي تُمارس بحق الأسرى. تسعى الهيئة إلى جمع الشهادات الحية للأسرى المفرج عنهم وتقديمها للمنظمات الحقوقية والدولية. كما تقوم الهيئة بإصدار تقارير دورية تسلط الضوء على الأوضاع في السجون، مما يساعد على رفع الوعي العالمي بقضية الأسرى. في تقريرها السنوي، تؤكد الهيئة أن عدد الأسرى الذين يتعرضون لانتهاكات حقوق الإنسان في السجون الإسرائيلية في تزايد مستمر، مما يتطلب تدخلاً دوليًا عاجلاً.

وتوجه الهيئة والنادي نداءً عاجلاً للمنظومة الحقوقية الدولية للقيام بدورها في حماية حقوق الأسرى، حيث تُعتبر هذه الجرائم انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان. وقد دعت الهيئة إلى إدراج ملف الجرائم في السجون ضمن المفاوضات، بهدف وقف عمليات القتل الممنهجة. إن عدم تحرك المجتمع الدولي بشكل فعّال يعكس تقاعسًا عن واجباته الأخلاقية والقانونية تجاه قضية الأسرى. تظل قضية الأسرى الفلسطينيين محورية في النضال من أجل الحرية والكرامة. إن تحقيق العدالة للأسرى الفلسطينيين يتطلب تضافر الجهود المحلية والدولية، والعمل على تعزيز الوعي بحقوق الإنسان في كل مكان، حتى يتمكن الأسرى من استعادة حريتهم وكرامتهم. إن الوضع الراهن يتطلب استجابة سريعة وفعّالة من جميع الأطراف المعنية، لضمان حقوق الأسرى وتحسين أوضاعهم في سجون الاحتلال. إن استمرار الانتهاكات بحق الأسرى يتطلب من المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته، وأن يعمل على إنهاء هذه المأساة الإنسانية التي تستمر لعقود.

تابعنا عبر: