بقلم سفيرة الإعلام العربي والباحثة في الشؤون الفلسطينية الشاعرة د.أحلام أبو السعود
واقع الضفة وغزة تحت العدوان
يدخل العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية، وخاصة في مخيمات طولكرم، نور شمس، وجنين، شهره الثاني، وسط تدمير ممنهج للبنية التحتية، وعمليات اغتيال واعتقالات، تعكس سياسة الحصار والعزل والتطهير العرقي. في غزة، وبعد أكثر من سنة ونصف من الحرب، يسير الاحتلال بخطوات متسارعة نحو تنفيذ مخططاته طويلة الأمد التي تتجاوز مجرد القصف والتدمير إلى إعادة رسم المشهد الديمغرافي والجغرافي لفلسطين.
1. الضفة الغربية:
تكثيف العدوان لإضعاف المقاومة وإحلال المستوطنين
العدوان المستمر على جنين ونابلس وطولكرم ليس مجرد عمليات “أمنية”، بل جزء من مخطط لتصفية المقاومة وتحقيق عدة أهداف استراتيجية:
إضعاف البنية التحتية للمقاومة: باستهداف المخيمات التي تمثل معاقل لها، يسعى الاحتلال لتقويض أي إمكانية لانتفاضة مسلحة أو مقاومة منظمة.
فرض وقائع استيطانية جديدة: تتزامن الهجمات مع توسع استيطاني غير مسبوق، حيث يعمل الاحتلال على تهجير الفلسطينيين قسرًا وتحويل مناطقهم إلى مستوطنات، كما يحدث في مناطق جنوب نابلس والأغوار.
تفكيك النسيج الاجتماعي الفلسطيني: عبر عمليات الاجتياح والاعتقال والاغتيالات، يهدف الاحتلال إلى ضرب الروابط الاجتماعية والعشائرية التي تدعم المقاومة، وخلق بيئة من الخوف والتفكك.
2. غزة: الحرب لتحقيق التهجير والتطهير العرقي
الحرب المستمرة على غزة تتجاوز “معاقبة المقاومة” إلى إعادة تشكيل خريطة الوجود الفلسطيني. وأبرز الأدلة على ذلك:
التدمير الشامل:
ليس فقط استهداف مواقع عسكرية، بل إبادة أحياء كاملة مثل ما جرى في شمال القطاع، وخصوصًا في غزة، جباليا، وخان يونس.
سياسة التهجير القسري:
تصريحات الاحتلال حول فتح ممرات آمنة إلى مصر، وتكثيف القصف على مناطق معينة لإجبار السكان على المغادرة، تؤكد أن الهدف هو إخلاء غزة بالكامل أو تقليص عدد سكانها بشكل كبير.
تحييد المقاومة:
رغم صمود المقاومة بجميع فصائلها إلاَّ أن الاحتلال يسعى إلى استنزافها عسكريًا وإضعاف قدرتها
3. المخطط العام:
تصفية القضية الفلسطينية نهائيًا
ما يجري اليوم في الضفة وغزة ليس مجرد تصعيد عسكري هدفه القضاء على المقاومة الفلسطينية أو إضعافها ، بل هو جزء من مخطط استراتيجي أوسع:
1. إنهاء فكرة الدولة الفلسطينية:
عبر تحويل الضفة إلى جزر معزولة تحت سيطرة الاحتلال، وتحويل غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة.
2. فرض التهجير القسري التدريجي:
الضغط على الفلسطينيين اقتصاديًا وعسكريًا وأمنيًا لإجبارهم على الرحيل دون إعلان رسمي عن “الترانسفير”.
3. خلق أمر واقع جديد:
مستوطنات ضخمة في الضفة، وغزة فارغة أو تحت سيطرة أمنية مشددة، ما يجعل أي حديث عن “حل الدولتين” مستحيلًا.
الخلاصة:
هل نحن أمام نكبة جديدة؟
الوضع الحالي في فلسطين يشبه إلى حد كبير مراحل نكبة 1948، حيث يتم تنفيذ التطهير العرقي بشكل أكثر ذكاءً ومنهجية. الاحتلال يستخدم القوة العسكرية الوحشية، لكنه أيضًا يراهن على الضغط النفسي والاقتصادي لتهجير الفلسطينيين دون إعلان رسمي عن ذلك.
ولكن كما أظهر التاريخ، الشعب الفلسطيني لم يركع رغم المجازر والدمار، والمقاومة تظل العائق الأكبر أمام هذه المخططات. والمطلوب الآن إستراتيجية فلسطينية موحدة لمواجهة المشروع الصهيوني بأبعاده الكاملة، وليس فقط التصدي للعدوان العسكري.