جذورها الازمة الأمريكية مع العالم

سعيد إنجاص

ان الازمة الاقتصادية في الراسمالية ليست جديدة أو وليدة اللحظة ولا الاخيرة ايضا، بل هي متاصلة في النظام الراسمالي عندما يصل إلى درجة الأمبريالية كما حصل في امريكا.
وهذه الازمة أساسها الفجوة بين النقد والإنتاج ومحاولة الطبقة المسيطرة الأمريكية من جني أرباح من المال والتلاعب فيه عن طريق الاسواق وتضخيمه ويصبح الربح من المضاربة في النقد وليس له قاعدة إنتاجية كما يحصل في الصين .
وفي الحالة الأمريكية اصبحت الدولة قوة مالية نقدية وارتفعت أسواق الاسهم دون وجود مبرر اقتصادي لهذا التضخم المهول للاسواق وقيمة الشركات وعلى سبيل المثال بلغت القيمة السوقية لاعرق شركتي سيارات المانية تأسستا قبل قرن وهما مرسيدس وبي ام دبليو ٦٦ و٥٩ مليار على التوالي في حين ان تسلا التي تأسست عام ٢٠٠٣ بلغت قيمتها السوقية اكثر من تريليون دولار وبامكان كل شخص ان يقيم أيهما أفضل ومنتشر اكثر .
وقيس على ذلك شركات خدماتية لا قيمة إنتاجية لها مثل فيس بوك وتويتر وغيرها.
لقد وقع الاقتصاد الامريكي في ازمة كبيرة حيث ميزان المدفوعات يميل نحو كل الدول التي تتبادل تجاريا مع امريكا مقابل ان تدفع امريكا أوراق نقدية ليس لها أي غطاء نقدي أو مالي أو قوة إنتاجية تعادل النقد الصادر عن البنك الفيدرالي الامريكي حتى الذهب تم فك الربط بينه وبين الدولار بعد حرب فيتنام عام ١٩٧٠ .
وتبقى قوة الدولار فقط من القوة العسكرية الأمريكية واسطولاتها المترامية في بحار العالم ولهذا فإن تجاوز الصين لاقتصاد امريكا من حيث الإنتاج وتعادلها في القوة العسكرية مع روسيا شكل خطورة على هذه الامبراطورية مما دعاها للكشف عنا انيابها قبيل انهيارها وسقوطها حيث لا يساوي الدولار الا قيمة الورق الذي تم طباعته وانكشف هذا الامر لكل دول العالم وان رفاه الشعب الامريكي كان على حساب انتاج وجهد الدول المصنعة الاخرى مقابل أوراق لا قيمة إنتاجية لها أو تغطية احتياطية ولا تستطيع الدول الكبرى ان تستبدل الأرصدة الهائلة من الدولارات المتراكمة بعملات اخرى أو ذهب أو انتاج امريكي مما ادى بهذه الدول الى تحويل الارصدة النقدية بالدولار الى سندات دين أمريكية اي أوراق دين على الحكومة الفيدرالية.
ومن هنا جاء ترامب بسياسته المكشوفة وفتح حربا اقتصادية على كل العالم ليحمي امريكا من الانهيار سواء برفع الضرائب على الدول المصدرة من جهة والعربدة السياسية والعسكرية على دول اخرى .
ويبدو أن فكرة ترامب تتركز في أن يعيد توطين الصناعات الأمريكية المهاجرة لدول اخرى بحيث تصبح امريكا دولة صناعية لتعادل القوة النقدية الزائفة وتنافس الصين واوروبا واليابان ونسي ان هجرة هذه الصناعات كانت من اجل انخفاض تكاليف الصناعة في الدول الاخرى وخصوصا الصين من اجل ان تبقى منافسة ونسي انها اذا عادت ستصبح غير منافسة.
اعتقد ان امريكا الان امام أزمة مالية واقتصادية عميقتين وانعكست هذه الازمة على علاقتها بكل العالم ووحدته ضدها وكشفت عن الوجه الحقيقي للامبريالية في ظل ظهور تكتل بريكس واعتماد الصين التبادل التجاري مع كل العالم بعملتها مما ادى الى انخفاض التجارة العالمية بالدولار الى ٣٨% وهذا سيؤثر عاى قيمة الدولار بسبب انخفاض الطلب عليه وسينخفض وترتفع العملات الاخرى والذهب وباقي المعادن.
ولم يبق امام امريكا الا خيارين:
اولا : اما انخفاض رفاه الفرد الامريكي الى مستوى العالم الثالث بتخفيض قيمة الدولار الى مستواه الحقيقي وهذا يؤدي إلى انكماش وتضخم في ان واحد.
ثانيا: ابتزاز الدول وافتعال حروب وقد يودي هذا الى حرب عالمية لا تبقي ولا تذر.
وبكل الأحوال لا رجوع الى الوراء فالعالم يتقدم الى الامام بخطى ثابتة نحو التطور والحرية والازدهار وممكن ان تؤدي السياسات المتهورة الأمريكية الى صراعات داخلية أو يتم مقاطعة البضائع الأمريكية عالميا وتدخل بعدها في أسوأ حالة اقتصادية تمر بها الدول قبل الانهيار وهي الركود التضخمي المسمى (stageflation) .
وهذه المشاكل الداخلية أو الخارجية مع العالم الحر سيؤثر على العلاقة الأمريكية الإsرائيلية ويتحول الاصطفاف الاقتصادي الى اصطفاف سياسي ضد الدولتين لتداخلهما السياسي والمالي.
وفي الخاتمة إن تدارك الامر يكمن بالاستدارة شرقا باتجاه الصين وروسيا وعدم الارتماء،في حضن الامبريالية التي بدا افول نجمها وحل الخلافات الاقليمية مع إيران وتركيا وتشكيل حلف عربي إيراني تركي لحماية المنطقة ومصالحها لان كلفة التحالف والائتلاف اقل من كلفة بروز الخلافات والصراعات والفتن الطائفية الداخلية واستنفاذ المخزون المالي لدولة المنطقة والتي تقدر بتريليونات والتي ربما تكون كفيلة لأحداث نهضة عربية واقليمية شاملة وقد نصبح القوة الاولى عالميا بدل من إدخال اsرائيل كطرف في تحالفات المنطقة ودمجها كدرع حامي لبعض الاطراف