تحديات ما بعد اختيار حسين الشيخ

محمد السعيد إدريس

على نحو ما كان متوقعاً، اختار الرئيس الفلسطيني محمود عباس الشخص الأقرب إليه ليكون نائباً له في رئاسة السلطة الفلسطينية، وفي رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية. والشخص الأقرب إليه، منذ سنوات هو حسين الشيخ أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
وإذا كان هذا الاختيار يبدو، من الناحية الرسمية استجابة من الرئيس محمود عباس (أبو مازن) لقرار «المجلس المركزي الفلسطيني» الذى اجتمع في مقر السلطة برام الله يومي الأربعاء والخميس (23 و24 أبريل/ نيسان الفائت) باستحداث منصب «نائب رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية»، إلا أن القرار كان أولاً وأخيراً قرار الرئيس الفلسطيني.

فالمجلس المركزي عندما قرر استحداث هذا المنصب فإن ذلك كان استجابة لقرار من الرئيس الفلسطيني عرض له في خطابه في دورة المجلس المركزي ال32 المشار إليها، وثانياً، فإن القرار ينص على أن «يعين نائب الرئيس من بين أعضاء اللجنة التنفيذية بترشيح من رئيس اللجنة (محمود عباس) ومصادقة أعضائها، ويحق لرئيس اللجنة (محمود عباس) «تكليفه بمهام، وأن يعفيه من منصبه، وأن يقبل استقالته».

أي أن الرئيس الفلسطيني هو من يختار النائب، وهو من يحدد له ما يكلفه به من مهام، أو لا يكلفه إطلاقاً، وهو من بيده إعفاؤه من منصبه.. ماذا يحمل ذلك من دلالات؟

أبرز هذه الدلالات أن القرار مازال أولاً وأخيراً هو قرار الرئيس أبو مازن، ما دام على قيد الحياة، وربما يكون هذا الأمر هو أول التحديات التي ستواجه قرار اختيار حسين الشيخ نائباً لرئيس اللجنة التنفيذية في اجتماع اللجنة يوم السبت الماضي (26/4/2025).
التحدي الثاني، والذي ربما يكون أكثر أهمية، هو أن الأطراف الدولية والعربية التي كانت قد طالبت بإدخال إصلاحات جوهرية في هيكلية وبنية السلطة الفلسطينية، وضخ دماء جديدة في جسم المنظمة ومؤسسات السلطة لتهيئة هذه السلطة لتولي مهام محتملة في مرحلة ما بعد وقف القتال في قطاع غزة، ربما لن تكون مقتنعة بما هو مخول لنائب الرئيس من سلطات هامشية، ناهيك عن الرفض الإسرائيلي المطلق لإدخال السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة.
موقع (واللا) الإسرائيلي كان قد أجاب عن سؤال بمثل هذا الخصوص قبيل انعقاد دورة المجلس المركزي الفلسطيني. فقد نشر هذا الموقع أن الهدف الرئيسي من انتخاب نائب لعباس هو صد الضغوط الدولية والعربية لانتهاج سياسة إصلاح الفساد المستشري في سلطة رام الله، وذلك كي تفتح السلطة الأبواب أمامها لتلقي المزيد من المساعدات المالية، وذلك كي تكون قادرة على إدارة قطاع غزة في اليوم الذي ستتوقف فيه الحرب، وكمحاولة أيضاً لإلغاء (الفيتو) الإسرائيلي القاضي بمنع السلطة من إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب.
التحدي الثالث الذي لا يقل أهمية هو غياب الإجماع، أو على الأقل «التراضي» الفلسطيني على قرار اختيار أو تعيين حسين الشيخ نائباً لرئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية.
هناك، على هذا الصعيد، أزمة منتظرة على صعيد حركة «فتح» التي هي القوة الكبرى داخل منظمة التحرير الفلسطينية بهيكليتها الحالية أي من دون عضوية كل من حركتي «حماس» و«الجهاد الإسلامي». وتتعلق هذه الأزمة بالصراع المحتمل داخل حركة «فتح» حول المنصب الثالث الذي يشغله أبو مازن، وهل سيكون أيضاً من نصيب حسين الشيخ وهو منصب رئيس حركة فتح.
فإعلان تسمية حسين الشيخ نائباً لرئيس اللجنة التنفيذية قد يمتد إلى التعامل معه بصفته نائباً لرئيس السلطة، لكنه لا يمتد إلى منحه رئاسة حركة «فتح» الذي يشغله محمود عباس إلى جانب رئاسته للجنة التنفيذية للمنظمة وللسلطة الفلسطينية.
الأخطر هو وجود رفض ومقاطعة من فصائل فلسطينية مهمة لدورة المجلس المركزي الفلسطيني التي صادقت على اختيار نائب لرئيس اللجنة التنفيذية. هناك من قاطع خاصة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهناك من انسحب من الاجتماعات مثل الجبهة الديمقراطية، وهناك من هو شديد الأهمية وما زال خارج منظمة التحرير وبالتحديد «حركتا حماس والجهاد الإسلامي» وكلاهما أدانا قرار انتخاب أو اختيار حسين الشيخ، فإلى أين ستتجه الأحداث خلال الأيام المقبلة التي ربما تشهد نجاحاً لجهود التوصل إلى قرار لوقف إطلاق النار التي تقوم بها مصر وقطر، حيث سيكون أمر مستقبل حركة «حماس» أبرز المتغيرات المحتملة في مجرى القضية الفلسطينية.

الخليج الاماراتية