*الجزائر وعُمان: تحالف الصامتين وتأثيره الجيوسياسي على مستقبل الخليج*

بن معمر الحاج عيسى

في قلب التقلبات الجيوسياسية التي تعصف بالمنطقة العربية، تبرز العلاقات بين الجزائر وسلطنة عُمان كحلقة استراتيجية صامتة لكنها عميقة، قادرة على إعادة تشكيل توازنات القوى في منطقة الخليج والعالم العربي. ورغم البعد الجغرافي الذي يفصل بين البلدين، إلا أن التقاطعات الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية تخلق نسيجاً متيناً من المصالح المشتركة، قد يكون له دور محوري في رسم خريطة المستقبل السياسي والاقتصادي ليس فقط للدولتين، بل لمنطقة الخليج بأكملها.

تاريخياً، ارتبطت الجزائر وعُمان بعلاقات دبلوماسية متينة قوامها الاحترام المتبادل وتبني سياسة خارجية متوازنة بعيدة عن الاصطفافات الإقليمية والدولية المتشنجة. فكلتا الدولتين تُعرفان بمواقفهما “المعتدلة” ورفضهما الانخراط في الصراعات الإقليمية، ما جعلهما وجهتين للوساطة في الأزمات. لكن ما يلفت النظر اليوم هو التحول النوعي في هذه العلاقة، من مجرد تنسيق دبلوماسي تقليدي إلى شراكة استراتيجية شاملة تلامس الملفات الاقتصادية والأمنية وحتى العسكرية، في خطوة قد تعيد تعريف دور كل منهما في محيطهما الإقليمي.

على الصعيد الاقتصادي، تشهد العلاقات الجزائرية العُمانية تحولاً جذرياً مدفوعاً برغبة البلدين في تنويع شراكاتهما بعيداً عن التبعية التقليدية. ففي الوقت الذي تسعى فيه عُمان إلى تعزيز رؤيتها الاقتصادية “2040” التي تهدف إلى تقليل الاعتماد على النفط وبناء بنية تحتية متكاملة، تجد في الجزائر شريكاً غنياً بالموارد الطبيعية والزراعية والقدرات الصناعية، خاصة في مجال الطاقة والصناعات الثقيلة. من ناحية أخرى، تمنح عُمان الجزائر بوابة استراتيجية نحو أسواق آسيا عبر موانئها الحيوية مثل ميناء الدقم، الذي يُعتبر أحد أهم المراكز اللوجستية في المحيط الهندي، مما يعزز قدرة الجزائر على تصدير مواردها النفطية والغازية بعيداً عن الممرات المائية التقليدية المثيرة للتوترات، مثل مضيق هرمز.

لكن الأبعاد الجيوسياسية لهذه الشراكة تتجاوز الاقتصاد إلى منطقة أكثر حساسية: الخليج العربي. ففي ظل التنافس الإيراني-السعودي المتصاعد، والانقسامات الداخلية داخل مجلس التعاون الخليجي، تبرز عُمان كوسيط محايد، بينما تُعَد الجزائر لاعباً رئيسياً في المشهد الأفريقي والمتوسطي. تحالف هذين البلدين قد يُشكل قطباً جديداً قادراً على تقديم نموذج دبلوماسي بديل، يعتمد على الحوار وتجنب التصعيد، في منطقة تعج بالصراعات. بل إن التعاون العسكري والأمني بين الجزائر وعُمان، وإن كان محدوداً حتى الآن، قد يصبح ركيزة لمواجهة التهديدات المشتركة مثل التطرف والإرهاب وتهريب الأسلحة، خاصة مع امتداد الأزمات في الساحل الأفريقي والقرن الأفريقي إلى شواطئ بحر العرب.

ولا يمكن إغفال الدور الثقافي والاجتماعي الذي تلعبه هذه العلاقة، فكلتا الدولتين تحملان إرثاً تاريخياً عميقاً في مقاومة الاستعمار، وتمتلكان رصيداً من الشرعية الشعبية في العالم العربي بسبب مواقفهما الداعمة لقضايا مثل فلسطين. هذا البعد الروحي قد يُترجم إلى قوة ناعمة تعزز مكانة البلدين في المحافل الدولية، وتخلق تحالفاً قادراً على التأثير في صناعة القرار العربي.

بالنظر إلى المستقبل، فإن آفاق التعاون الجزائري-العُماني تبدو واعدة، لكنها ليست خالية من التحديات. فالتكامل الاقتصادي يتطلب استثمارات ضخمة في البنية التحتية وتبنياً سياسياً جريئاً لتذليل العقود البيروقراطية، كما أن الاختلاف في الأولويات الإقليمية قد يبطئ من وتيرة الشراكة. ومع ذلك، فإن الإرادة السياسية الواضحة من قيادتي البلدين، بالإضافة إلى الحاجة الماسة لنماذج تعاون عربية بعيدة عن الانقسامات المذهبية والتحالفات الخارجية، قد تجعل من هذا التحالف الصامت قوة إقليمية يصعب تجاهلها.

في الختام، لا تُعتبر العلاقات الجزائرية-العُمانية مجرد شراكة ثنائية عابرة، بل هي نموذج لتحالف استراتيجي قائم على البراغماتية السياسية والرؤية الاقتصادية الطموحة. وفي ظل عالم عربي تعصف به الأزمات، قد يكون هذا التحالف بمثابة جسر أمان يعيد بناء تحالف جو ستراتيجي مبني على أسس التعاون البراماتيكي لحل الأزمة الدبلوماسية التي تهدد العالم العربي وفق إعادة توازنات المرحلة على أسس صلبةومتكاملة دون التأثر بالتغيرات الحاصلة والإملاءات الظرفية وتقاطع المصالح في عالم متغير… لامكان فيه إلا للأقوى
مع إعادة تصحيح المسار للعديد من القضايا العربية في مقدمتها القضية الفلسطينة وإنعكاساتها على منطقة الشرق الأوسط و الخليج ناهيك على إرهاسات الحرب المحتملة مابين إيران وإسرائيل مما بهدد المنطقة برمتها ويبعث بها في أتون حرب قد تأتي على الأخضر و اليابس
الجزائر وعمان تحاول لعب دور الحكمة والعقل في لعب دور الوسيط بين الأطراف المتنوعة سواء العربية منها وحتى العالمية لما يتمتع به البلدان من أرث ديبلوماسي وتاريخي في حل النزعات وتجنيب المنطقة و العالم مالا يحمد عقباه …