مسيرة في الجزائر تطالب فرنسا بالاعتذار عن جرائمها قبل 80 عاما

تظاهر آلاف الجزائريين في سطيف الخميس لإحياء الذكرى الثمانين لقمع فرنسا الدامي لاحتجاجات الاستقلال في 8 أيار/مايو 1945، مطالبين القوة الاستعمارية السابقة باعتذار، وهتف المتظاهرون “يجب أن تعترف فرنسا بجرائمها”.

وقال سعد معبد (97 عاما) متخذا المسار عينه الذي سلكه قبل ثمانين عاما “كان ذلك اليوم، الثامن من أيار/مايو، ثلاثاء. كنت في السابعة عشرة من عمري آنذاك. كان الناس سعداء في كل أنحاء العالم. أما هنا، فتعرضنا لمجزرة”.

ووسط تنظيم محكم يسوده الانضباط, قطعت المسيرة عشرات الأمتار في شارع الفاتح نوفمبر 1954 لمدينة سطيف لتتوقف أمام النصب التذكاري الذي أقيم تخليدا لروح سعال بوزيد, أول شهيد في تلك المجازر, وتكريما لكل الشهداء الذين سقطوا في ذلك اليوم وفي الأسابيع التي تلته.

كما تم وضع إكليل من الزهور عند النصب التذكاري, والوقوف دقيقة صمت ترحما على أرواح الشهداء, قبل أداء تلاميذ المدارس لوصلة من الأغاني الوطنية من بينها “حيوا الشمال الإفريقي” و”من جبالنا” و”الطيارة الصفراء”, ولسان حالهم يقول بأن سكان سطيف, على غرار نظرائهم من باقي مناطق الوطن, لم ولن ينسوا الجريمة ضد الإنسانية التي ارتكبتها فرنسا ذات الثامن من مايو 1945 والتي راح ضحيتها 45 ألف شهيد بعديد مناطق الجزائر, خاصة في مدن سطيف وقالمة وخراطة.

في الثامن من أيار/مايو 1945، وبينما كانت فرنسا تحتفل بانتصار الديمقراطية على النازية، اندلعت تظاهرات مؤيدة للاستقلال في سطيف، وقالمة، وخراطة، وهي ثلاث مدن في شرق الجزائر، حيث سار وطنيون رافعين الأعلام الجزائرية.

وقمعت القوات الاستعمارية التظاهرات بوحشية مما تسبب بمقتل الآلاف. ويؤكد الجزائريون أن عدد القتلى بلغ 45 ألفا فيما يقدر الفرنسيون أنه يراوح بين 1500 و20 ألفا.

وقال معبد “الحقائق لا تتغيّر. في حي بومرشي، نصبوا رشاشات قرب الجسر لمنع أي شخص من الهرب”.

وقال متظاهر آخر هو حواس سراي ويبلغ 74 عاما “حتى الآن، ما زلت أبحث عن المكان حيث قُتل والدي ودُفن، سواء في هذه الحفرة أو في تلك التي حفروها لرميهم فيها”.

وأضاف “أخبرتني والدتي عن كل هذا. لم أكن موجودا. ما دمت حيا، سأطالب فرنسا بالاعتراف بجرائمها، لأنها لم تعترف بقضيتنا طوال الأعوام الثمانين الماضية”.

وجاءت شهد الوافي خصيصا من ليون مع جمعية “فرنسا الضواحي”. وقالت بفخر “أنا أمثل الشباب الفرنسي الجزائري، الشباب الذي نشأ في فرنسا ويحمل مع ذلك الثقافة الجزائرية”.

وأضافت “من المهم جدا بالنسبة لنا أن نقترب من تاريخنا ونكرم شهداءنا”.

وقالت إيمان صفيح وهي طالبة تبلغ 23 عاما “بصفتي حفيدة شهداء، أفتخر بأنني جزائرية. أطالب فرنسا بالاعتذار عما ارتكبته”.

وتحتفل الجزائر منذ سنة 2020 بـ”اليوم الوطني للذاكرة” الذي يحيي ذكرى الثامن من أيار/مايو 1945.

ويدور حاليا نزاع دبلوماسي خطير بين الجزائر وباريس بشأن قضايا مختلفة، بينها طرد جزائريين غير مرغوب فيهم من فرنسا واعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال في الجزائر منذ تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.