السياسي – أدت الفيديوهات والرسائل التي تنشرها المقاومة الفلسطينية لأسرى إسرائيليين أحياء لديها في قطاع غزة، مؤخرًا، بتصاعد الضغوط النفسية والاجتماعية داخل المجتمع الإسرائيلي، ما أعاد إشعال النقاش الداخلي حول مصيرهم ودور الحكومة في التعامل مع قضيتهم.
ورأى محللون سياسيون أن هذه المقاطع شكّلت ورقة ضغط قوية على الرأي العام الإسرائيلي، وأسهمت في تعميق الانقسام الداخلي، في ظل تجاهل حكومة نتنياهو لمطالب عائلات الأسرى بالإفراج عنهم عبر صفقة تبادل، حتى لو تطلّب الأمر وقف الحرب.
-الأثر النفسي لعائلات الجنود الأسرى..
وقال محلل سياسي إن فيديوهات أسرى الاحتلال لها أثر نفسي عميق على عائلات الجنود الأسرى، إذ تترك تأثيرًا كبيرًا على الوضع الداخلي الإسرائيلي، وتحديدًا داخل ما يُعرف بـ “الساحة السماوية”.
وأضاف أن هذه العائلات تُحمّل الحكومة الإسرائيلية، وعلى رأسها نتنياهو، مسؤولية استمرار معاناة أبنائهم، خاصة بعد أن تبين لهم أن أبناءهم أحياء، وهو ما يدفعهم للمطالبة بصفقة تبادل حتى لو تطلب الأمر وقف العمليات العسكرية.
وأشار إلى أن لهذه المقاطع تأثير اجتماعي يتجلى في تعميق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي كان موحدًا في بداية الحرب، لكنه بدأ يتشظى مع تكرار هذه المشاهد.
وأردف: “فالفيديوهات تمثل ورقة ضغط فعالة على الرأي العام، وتحرج الحكومة التي تتجاهل ملف الأسرى”.
ورأى أن الفيديوهات تُبقي قضية الأسرى حيّة في وعي الإسرائيليين، وتزيد من الضغط الشعبي في مواجهة تجاهل الحكومة لهم، ما يفسّر التحركات المتزايدة في الساحات العامة، “والتي لولا هذه الفيديوهات لما حصلت”.
على الصعيد الإعلامي، أشار إلى أن الإعلام الإسرائيلي كان يرفض سابقًا نشر هذه المقاطع بدعوى أنها أدوات حرب نفسية. لكن ورغم ذلك، كانت الفيديوهات تتسرب عبر مواقع التواصل وتصل إلى الجمهور الإسرائيلي، ومنه إلى عائلات الأسرى، لتترك أثرًا كبيرًا في الداخل.
و أوضح أن صانعي القرار في “إسرائيل” لا يتأثرون بهذه المشاهد، لأن أولويتهم تبقى “القضاء على حماس” وليس استعادة الأسرى.
-رواية المقاومة ومُخاطبة الجمهور الإسرائيلي..
ويذكر أن رئيس الأركان الحالي وضع قضية الأسرى في المرتبة السادسة من أولويات خطته، “ما يعكس حجم التراجع في الاهتمام السياسي الرسمي بالقضية”.
ونبه إلى أن الفيديوهات الأخيرة باتت تُوجه خطابها إلى الجمهور الإسرائيلي مباشرة وليس للحكومة، لأن الرهان على نتنياهو بات شبه معدوم.
واستدرك : “ومع ذلك، بدأ الإعلام الإسرائيلي يعرض هذه الفيديوهات، وهو ما يدل على الانقسام العميق داخل المجتمع الإسرائيلي، حتى في الوسائل الإعلامية التي كانت دومًا أداة في يد المؤسسة العسكرية”.
وتابع: “الفيديوهات، عند عرضها، تُفعل رواية المقاومة وتكشف للجمهور الإسرائيلي أن حكومتهم تكذب عليهم، ما يزيد من الانقسام الداخلي”.
ويشير المحلل السياسي إلى أن بداية الحرب شهدت إجماعًا شبه كامل، لكن اليوم بات واضحًا أن هناك تراجعًا في الالتزام حتى في صفوف جنود الاحتياط بجيش الاحتلال.
ورأى أن هذه المقاطع تؤثر في اتجاهين: أولًا، في إظهار الجنود كأسرى أحياء، ما يعني أن مقتلهم لاحقًا سيكون بفعل القصف الإسرائيلي نفسه، الأمر الذي يشكل ضربة قاسية للضمير الإسرائيلي. وثانيًا، في تعميق الشرخ الداخلي والضغط المتزايد على الحكومة.
وخلص إلى أن استمرار الحرب يخدم بقاء نتنياهو في الحكم أكثر مما يخدم مصلحة الدولة الإسرائيلية، إذ لا أهداف واضحة يمكن تحقيقها في غزة.
ونبه إلى أن الحديث عن “اليوم التالي للحرب” يهدد مستقبل نتنياهو، وهو ما يجعله يتجنب الخوض فيه. لكن استمرار ظهور الفيديوهات سيدفع نحو مزيد من الضغط الشعبي والتشقق السياسي الداخلي في إسرائيل.