السياسي – كشف وزير الداخلية السورية، أنس خطاب، أن 8.22 مليون مواطن، وهو ما يقارب ثلث سكان البلاد، كانوا مطلوبين أمنيا أو ممنوعين من السفر في ظل النظام البائد، وذلك خلال اجتماع تشاوري عقدته الوزارة ضم نخبة من الحقوقيين المتخصصين وعددا من ضباط الشرطة المنشقين وممثلين عن وزرات أخرى، لمناقشة الهيكل التنظيمي المقترح للوزارة، الذي يجري التحضير لاعتماده في المرحلة المقبلة.
الاجتماع، الذي ترأسه خطاب، يأتي، حسب ما قال خبراء ومراقبون حضروا الاجتماع ضمن خطوات إصلاحية تهدف إلى إعادة بناء المؤسسة الأمنية على أسس مهنية وقانونية، بعد عقود مظلمة من حكم الدولة الأمنية لآل الأسد.
ووفقا لتصريحات وزير الداخلية، التي نقلها الشعال، فإن الجهاز سيؤدي وظائفه ضمن إطار قانوني واضح، تحت إشراف النيابة العامة، لا سيما عند ممارسته لدور الضابطة العدلية في مكافحة الجريمة، بما يشمل التحقيق والتوقيف وفق الإجراءات القضائية.
وكذلك من بين الأجهزة جهاز استخبارات الجيش.ويخضع هذا الجهاز لوزارة الدفاع، وتقتصر صلاحياته على الشؤون العسكرية والجيش حصراً، ولا يمتلك أي صلاحيات تجاه المدنيين فيما يتعلق بالتحقيق أو التوقيف، الأمر الذي يرسّخ مبدأ الفصل بين الأمن العسكري والأمن المدني.
وأيضا إدارة المخابرات العامة، وهو جهاز مستقل، يُحتمل أن يرتبط برئاسة الجمهورية، ويُتوقع أن يضطلع بدور احترافي وتقني بحت، يتمثل في جمع المعلومات وتحليلها وتقديمها لصنّاع القرار، كما أن علاقته بالمواطنين ستكون شبه معدومة من حيث الصلاحيات القضائية، إذ سيعمل كضابطة إدارية فقط، دون ممارسة أي دور عدلي كالتوقيف أو التحقيق.
هذه الهيكلية الجديدة تعكس وفق المتحدث، توجها واضحا نحو إعادة ضبط العمل الأمني، وفق ضوابط قانونية ومؤسسية، تنهي حالة التغوّل الأمني وتعيد بناء الثقة بين المواطنين والدولة، في سياق سعي السوريين إلى إقامة دولة قانون ومؤسسات.
وكشف خطاب خلال الاجتماع، أن وزارة الداخلية تواصل جهودها لمعالجة التراكمات الأمنية الجائرة التي خلفها النظام السابق، وعلى رأسها قضية السوريين المدرجين على لوائح المطلوبين والممنوعين من السفر.
ووفق الشعال، أكد خطاب وجود نحو 8.22 مليون سوري ـ وهو ما يقارب ثلث سكان سوريا ـ كانوا مطلوبين أمنيا أو ممنوعين من السفر في ظل النظام البائد، وهو رقم صادم يعكس مدى تغوّل الأجهزة الأمنية السابقة واستخدامها كأداة قمع سياسي ومجتمعي.
وأشار الوزير خلال الاجتماع إلى أن الوزارة تمكنت من حذف نحو 5.2 مليون اسم، غالبيتهم كانوا مطلوبين لأسباب تتعلق بالتخلّف عن خدمة العلم أو التجنيد الإجباري، بينما تبقى نحو ثلاثة ملايين حالة يجري العمل على معالجتها تدريجياً، من ضمنهم 1.13 مليون موظف حكومي لا يزالون مدرجين على هذه القوائم.
الوزير خطاب أبلغ الشخصيات الحاضرة، أن النظام السابق عمم أسماء معارضيه عبر نشرات كيدية أُرسلت إلى الشرطة الدولية (الإنتربول) موضحا أن السلطات اللبنانية تسلّمت بالفعل لائحة تضم قرابة مليونَي اسم لمواطنين سوريين وردت أسماؤهم ضمن هذه النشرات، في إجراء يتنافى مع المبادئ القانونية الدولية ويعكس استخداما ممنهجا للإنتربول كأداة سياسية.
وفيما يتعلق بالموقوفين السوريين في لبنان، وخصوصاً في سجن رومية، أشار وزير الداخلية، وفق الشعال، إلى وجود صعوبات قانونية وإجرائية تعرقل استعادتهم، إلا أن العمل جارٍ بالتنسيق مع الجهات المعنية لإعادتهم إلى البلاد ومعالجة ملفاتهم ضمن إطار قانوني وإنساني واضح.