الذكاء الاصطناعي في التعليم.. راحة فكرية تقابلها تحديات نقدية

محمد جلال الريسي

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة Computers in Human Behavior، توصّل باحثون ألمان إلى أن استخدام طلاب جامعيين لأداة ChatGPT في مهام البحث العلمي ساعدهم في تقليل الجهد الذهني المبذول، أو ما يُعرف بالحِمل المعرفي.

 

لكن المفارقة اللافتة أن هذا التيسير جاء على حساب عمق التفكير وجودة الاستدلال، إذ أظهرت نتائج الدراسة أن الطلبة الذين استخدموا Google قدّموا حججًا وتحليلات أكثر عمقًا، رغم أن المهام تطلّبت منهم جهدًا ذهنيًا أكبر.

هذه النتائج تسلّط الضوء على مفارقة متكررة في عصر الذكاء الاصطناعي: أدوات قوية تُبسّط الوصول إلى المعرفة، لكنها قد تُضعف – دون قصد – ملكات التفكير النقدي والتحليل الأكاديمي لدى المستخدمين.

وقد برزت تحديات جديدة في البيئة التعليمية مع انتشار هذه الأدوات، أبرزها تراجع الاعتماد على المصادر الأصلية، وتنامي السطحية في معالجة الموضوعات البحثية، إلى جانب احتمالات الإخلال بمبادئ النزاهة الأكاديمية.

ومع ذلك، لا يعني هذا أن أدوات الذكاء الاصطناعي خطر بحد ذاتها، بل إنها تمثّل فرصة واعدة إذا تم استخدامها بوعي. فالمشكلة ليست في الأداة، بل في كيفية استخدامها. ومن هنا، تبرز الحاجة لتبني ممارسات ذكية في التعامل مع هذه التقنيات.

من أبرز التوصيات في هذا السياق، استخدام ChatGPT كمنصة مساعدة للانطلاق في فهم الموضوعات، وليس كبديل للبحث والتحليل الشخصي. كما يُنصح بمقارنة الإجابات الناتجة مع مصادر علمية موثوقة، وطرح أسئلة نقدية على الأداة لتعزيز التحليل، مثل: “ما وجه الاعتراض على هذا الرأي؟” أو “هل توجد مصادر تدعم هذا الاستنتاج؟”.

كما أن على المؤسسات الأكاديمية دورًا في إعادة صياغة أساليب التقييم، وتعزيز المهارات النقدية لدى الطلبة، بدلًا من الاكتفاء بمخرجات جاهزة.

في النهاية، الذكاء الاصطناعي لا يُلغي دور العقل البشري، بل يختبره. والطالب المتميّز في هذا العصر، هو من يُحسن استخدام الأدوات دون أن يُصبح تابعًا لها. فالتفكير النقدي سيبقى هو الفارق بين المعرفة الحقيقية وتكرار المعلومات.

العين الاماراتية