السياسي – هناك حرب أستوديوهات وهناك حرب ملاجئ. الأستوديوهات ترى الحرب “حدثاً تاريخياً”، أما حرب الملاجئ فليست هكذا؛ فهي مزعجة وتشوه الإنجازات وتذكرنا بالاسرى. في البداية، نشعر بالأسف على ضحاياها، بعد ذلك نتجاهلهم، وفي النهاية نغضب منهم. لماذا تقتلون هكذا؟ هل هنا غزة؟ دائماً تفسدون الأمر وتوقفون فرحنا.
“هم يظهرون مناعة لا مثيل لها”، قال الرئيس (على الفور، تفككت آلة الشعارات التي تنتج خطاباته بسبب العبء الزائد). الاسرى لا يمكنهم الاحتجاج على أقواله، ولا الجنود في الملاجئ؛ لأن الاسرى والقتلى هم الورقة الأكثر قذارة التي بقيت في كم نتنياهو، فهم شوكة في مؤخرة “الأحداث التاريخية”. لا أحد يمثلهم في الأستوديوهات. هم متعبون من الليالي التي لا نوم فيها. هم قلقون من مشكلة كسب الرزق، ولا قصص بطولة لهم. يقتلون عندما يسقط عليهم حائط. في الأستوديوهات سرور، وفي الملاجئ ذعر. في الأستوديوهات نشوة وفي “بيتح تكفاه” غضب. هذه ليست حربهم، والحرب في غزة ليست حربهم. وراءها نفس الدوافع المرفوضة، ونفس الأكاذيب. ولكن الضحايا الآن هم نحن. لم تفعل أي حكومة كل ما في استطاعتها لتصفية اسراها، لذلك تعتبر “حدثاً تاريخياً”.
النبأ الذي يفيد بعدم وجود مكان آمن لربع الجمهور أو قدرة على الوصول إلى الملاجئ، ليس في اعتباراتها. كذبة “المناعة التي لا مثيل لها” تبنتها كحقيقة. هي مقطوعة عن الواقع. يظهر لها أن “الحدث التاريخي” سينسي 7 أكتوبر والاسرى. هي مخطئة. نتنياهو لا يعرف أنه رغم الحدث التاريخي، يشتمه كل من هم في الملاجئ. الملك العاري لا يقولون له إن ملابسه وهمية. انظروا أيها الأطفال، يقول، ها هي طائراتنا في طهران!
لكن هذا لا يساعده. لم نعد أطفالاً. نعرفه جيداً. الشخص الذي لا تشتري منه سيارة مستعمله، لا تشتري منه منديلاً. لم نصدق “الحدث التاريخي” الذي أبلغنا عنه، ولا قوله “هاجمناهم قبل أن يهاجمونا”. لنا حساب طويل مع الأكاذيب، وأهداف حربه المفبركة.
أهداف حربه مثل أهداف حربه في غزة؛ أي أنه لا أهداف باستثناء الحكم. بالعكس، ليقل لنا ما هو “النصر المطلق” على إيران، أو حتى كيف يبدو الـ “نحن على بعد خطوة منه”: عندما يقضي على المشروع النووي الإيراني (هذا لن يحدث، ربما بعد سنتين)؟ أم عندما نصل إلى نسبة قتلى 250: 1 في صالحنا؟ أم عندما نغير النظام؟ لحظة، هذه أيضاً فكرة! انتظروا، بعد لحظة سيصل البول حتى رأسنا، وعندها سنرسل خمس فرق لتحرير قبر مردخاي، واستمر.
كالعادة ربما يكون الهدف كسب الوقت. الحرب في غزة لم تنته، ماذا في ذلك؟ الحرب بين إيران والعراق استمرت ثماني سنوات وقتل فيها نحو مليون شخص. لنا وقت ومخزون من الضحايا (92 مليون لهم و10 ملايين لنا). الآن يريد حبسنا معه ومع ميري ريغف. وسيحظر خروجنا من هنا حتى عندما يكون ذلك ممكناً. هو سيفرض قيوداً على إخراج العملة الأجنبية من البلاد.
كلما مر الوقت وبقيت القوة في يده، سنكون في حالة ذعر.
أيضاً إيران: انظروا ما الذي تواجهه: حكومة غير عقلانية، حاكم فاسد، حاخامات متعصبون وممثلو جمهور مثل خرقة بالية.
دولة تكون فيها دعوات قطع رأس المستشارة القانونية للحكومة فيها أمراً مرضياً عنه. دولة يقودها عاجزون. يجب على الرقابة، حسب رأيي، حظر نشر أسمائهم. ومعرفة أن حياتنا في يد كاتس وبن غفير وسموتريتش، تضر بالمناعة الوطنية وتقوض معنويات الجنود.
فكروا في ذلك: هذه نماذج في يدها قنبلة نووية. يا الله.
ماذا سيحدث في اليوم التالي؟ لا يوجد يوم تال. ليس على أي مستوى، الشخصي والوطني، ألغيناه، وليس في غزة أو القدس. نعيش من يوم لآخر، ونبدد الأيام في الرياح. أفقنا على بعد قرار شخص يرتدي عمامة في طهران أو شخص ليطائي متعب في “بني براك”. في وقت كهذا، لا يمكنك التخطيط لشراء شقة، والتعليم، ولا حتى إنجاب الأولاد إلى هذا العالم. هل سندمر طهران؟، هذا جيد، ولكن ماذا بعد؟
يوسي كلاين
هآرتس 19/6/2025
