“فما يشهده القطاع اليوم من جرائم والتي لا يقابلها سوى إدانات كلامية هو عار على البشرية، وانتهاك فاضح لاتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها”… بهذه الكلمات افتتحت الهيئة الدولية “حشد” ورقتها الحقوقية بعنوان: “عـسكـرة الإغـاثـة الإنـسـانيــة: ما بين البلطجة والمجاعة”، إعداد الباحثة لبنى ديب، والتي تسلط الضوء على الجريمة المركّبة التي تُمارَس اليوم بحق المدنيين في قطاع غزة تحت غطاء “توزيع المساعدات”.
تصف الورقة ما يُسمى بـ “خطة توزيع المساعدات الأمريكية – الإسرائيلية” بأنها “مخطط مُمنهج لتأصيل البلطجة وتوطين الكتل المسلحة وحرمان المدنيين من الحق في الانتفاع، والإحطاط من الكرامة الإنسانية”، مؤكدة أن ما يجري منذ 27 مايو 2025 في ثلاث نقاط رئيسية (ميراج، البركسات بتل السلطان، نيتساريم) يُدار تحت إشراف مباشر من ضباط مخابرات إسرائيليين سابقين، وتنفيذ ميداني لشركات أُدرجت في تقارير حقوقية سابقة ضمن لائحة “المنخرطين في جرائم ضد المدنيين”.
أرقام الفاجعة:
أكثر من 400 شهيد و3200 مصاب خلال محاولات الحصول على المساعدات.
7 حالات اختفاء قسري موثقة في محيط نقاط التوزيع.
المواطن يقطع 7 كيلومترات في المتوسط للحصول على “كرتونة غذائية”.
300 حالة إغماء على الأقل نتيجة المشقة وسوء ظروف التوزيع.
المحتوى الغذائي لا يتجاوز 1750 سعر حراري أسبوعيًا للفرد.
المساعدات لا تغطي سوى 5% من إجمالي الاحتياجات.
أكثر من 94% من هذه المساعدات تُحتكر وتُباع بأسعار تزيد بنسبة 205%.
لا تُقدم أي مساعدات طبية أو لوجستية أو مأوى.
يُجبر المستفيدون على إدخال بياناتهم والخضوع لتفتيش دقيق داخل ممرات تُعرف بـ”الحلابات”.
من داخل المذبحة الإنسانية:
تقول شهادة موثقة للمواطن أبو يزن:
“وصلنا لنقطة التوزيع بعد مشي طويل. وفجأة صار في إطلاق نار، فوضى، صريخ… قدرت آخد كرتونة بعد عناء، لكن في الطريق رجالة سرقوها وضربوني. نجيت… بس ما وصلتش بأي طعام.”
ويضيف المواطن محمد:
“قالولنا: كل واحد هيستلم كرتونة، صفّينا في الشمس بالساعات. أول ما وصلت الشاحنات، بلطجية أطلقوا نار على أول الصف ليفضوا الطريق لنفسهم. ناس ماتت، ناس اتصابت، وإحنا هربنا من الموت.”
تؤكد الورقة أن ما يجري هو “تصفية ممنهجة للدور الأممي، خصوصًا الأونروا، لصالح مؤسسة محلية مدعومة أمريكيًا تُستخدم كأداة بديلة”، وأن الخطة الحالية تمثل محاولة لـ “فرض سيادة إسرائيلية ذات غطاء إنساني مضلل، وتحييد أي مسار تفاوضي حقيقي”.
تشير الورقة إلى أن “المساعدات” تُدار من قبل عناصر لها ارتباطات أمنية إسرائيلية مثبتة، منهم:
عوديم عيلام (نائب مدير الموساد السابق)
يوسي كوبرفاسر (خبير استخباراتي)
ديفيد تسوي (ضابط ميداني)
دورون أفيتال (قائد وحدة خاصة)
“تعكس المشاهد التي يتم نشرها حول الفوضى والتكدس البشري أمام هذه النقاط الإنسانية الانحدار الإنساني والفقر الذي أوصلته حرب الإبادة للمدنيين المجوعين” – كما تذكر الورقة.
وتضيف:
هناك أكثر من 12 عصابة مسلحة تنشط داخل غزة وتسيطر على المشهد، وأبرزها عصابة ياسر أبو شباب.
الانسحابات المتكررة لمنظمات الإغاثة من هذه النقاط تؤكد تدهور البيئة الإنسانية وتحولها إلى ساحات خطر.
تدعو الهيئة الدولية “حشد” إلى:
رفض الخطة الأمريكية – الإسرائيلية والإيقاف الفوري لتطبيقها داخل غزة.
إعادة الدور المحوري لوكالة الأونروا وتمكينها من استلام مسؤولية الإغاثة الكاملة.
فتح المعابر فورًا دون شروط ووقف عسكرة المساعدات.
ملاحقة كل المسؤولين عن الخطة أمام المحكمة الجنائية الدولية.
الضغط السياسي والدبلوماسي لطرد السفراء الإسرائيليين وتعليق الامتيازات.
تشكيل ائتلاف فلسطيني مدني غير حزبي تحت مظلة منظمة التحرير لإدارة المرحلة الانتقالية داخل القطاع.
تختم الهيئة ورقتها بالتأكيد أن استمرار هذه الخطة يمثل “خطرًا وجوديًا على النسيج المدني في قطاع غزة”، وأن السكوت الدولي على عسكرة المساعدات، وقتل المدنيين أثناء سعيهم للحصول على قوت يومهم، “هو شراكة واضحة في جريمة إبادة وتجويع جماعي تُنفذ على مرأى من العالم”.