من الإنجاز العسكري إلى التغيير الاستراتيجي

بقلم: إفرايم سنيه

هناك نتيجتان أساسيتان لا يمكن إنكارهما لهذه الحرب: لقد رسّخت إسرائيل مكانتها كأقوى وأكفأ قوة عسكرية بين بحر قزوين والمحيط الأطلسي، في حين أن إيران — التي تطمح إلى الهيمنة الإقليمية ومكانة قوة إسلامية عظمى — قد تم إضعافها بشكل كبير، عسكريًا ومن حيث صورتها أيضًا.

وقد يؤدي تراجع مكانة إيران إلى عدة نتائج محتملة:
سقوط نظام الملالي؛
محاولات إيرانية لتعويض الهزيمة العسكرية من خلال تسريع الأنشطة الإرهابية في المناطق التي لا تزال فيها وكلاؤها (مثل اليمن والضفة الغربية)؛
دخول المحور التركي-القطري إلى الفراغ الذي خلّفه ضعف إيران؛
وجهود إيرانية سرية لإعادة بناء القدرات التي تضررت.

من بين هذه الاحتمالات، يُعدّ سقوط النظام هو النتيجة الإيجابية الوحيدة حقًا، ولكن لا ينبغي التعجيل به من خلال تدخل أجنبي أو تصريحات غبية ومتبجحة. فقد يأتي من الداخل، حتى مع تصعيد فلول النظام القمع الوحشي انتقامًا.

إن إنجاز الجيش الإسرائيلي وأجهزة الاستخبارات ضخم وغير مسبوق. ويجب استغلاله لتحقيق تحول سياسي استراتيجي — من أجل تعزيز مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط الجديد. في الماضي، وبسبب ضغط العناصر اليمينية داخل الحكومة، فشلت إسرائيل في استثمار انتصار حرب الأيام الستة لتحقيق إنجازات دبلوماسية تاريخية، وأدى هذا التقاعس السياسي إلى كارثة حرب يوم الغفران (حرب أكتوبر). ويجب علينا أن نتعلم من هذا الدرس.

من الناحية العملية، ينبغي اتخاذ سلسلة من الخطوات الأمنية والدبلوماسية لتحقيق التغيير المطلوب.

الخطوات الأمنية تشمل ما يلي:

يجب إنهاء الحرب في غزة وإعادة جميع الرهائن.

يجب تجديد مخزون الذخائر الحيوية للحفاظ على تفوقنا العسكري.

ينبغي لإسرائيل تعزيز التنسيق الدفاعي مع الدول العربية التي لدينا معها اتفاقيات سلام، وكذلك مع الدول الموقعة على اتفاقيات أبراهام.

لمنع اندلاع العنف في الضفة الغربية، يجب إلغاء جميع إجراءات وزير المالية التي تهدف إلى سحق السلطة الفلسطينية، وإعادة تصاريح العمل لمن لديهم تصاريح أمنية، والأهم من ذلك، وقف عمليات التطهير العرقي التي ينفذها المستوطنون المتطرفون في المنطقة “ج” (الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة).

ولمنع كارثة إنسانية كبرى في غزة — والتي ستنعكس علينا في النهاية — يجب تنفيذ خطة إعادة الإعمار المصرية فورًا، وهي خطة تشارك فيها دول عربية والسلطة الفلسطينية، دون أي تدخل من حماس.

أما الخطوات الدبلوماسية والمدنية المطلوبة فهي:

يجب تجديد مشاريع المياه والنقل والطاقة مع الأردن، لتعزيز استقرار المملكة الهاشمية.

ينبغي لإسرائيل أن تعرض التعاون المدني مع لبنان وسوريا، مع تقوية العلاقات مع الأقليات داخل سوريا.

بالإضافة إلى ذلك، يجب إنشاء آلية حوار مع تركيا، بوساطة أذربيجان.

إذا نُفذت هذه الخطوات مجتمعة، فإنها ستخلق واقعًا جديدًا في المنطقة، حيث لن تكون إسرائيل معزولة بعد الآن، بل ستعزز علاقاتها مع الدول المعتدلة — تلك التي تخشى الإسلام الراديكالي وتنظيماته المختلفة. وسيتم تعزيز التعاون العسكري مع هذه الدول من خلال التعاون الاقتصادي والدبلوماسي.

وفي هذا المناخ، سيكون من الممكن اتخاذ خطوة إضافية — خطوة تبدو الآن بعيدة وخيالية: تجديد المفاوضات مع السلطة الفلسطينية. الحكومة الحالية لن تخطو هذه الخطوة، رغم أن نتنياهو نفسه تفاوض في السابق مباشرة مع ياسر عرفات، ووقّع معه “اتفاق الخليل”. أيديولوجيًا وفكريًا، فإن الحكومة الحالية غير قادرة على تنفيذ معظم الخطوات المذكورة أعلاه.

لكن في العام المقبل — سواء في بدايته أو نهايته — ستكون هناك انتخابات. ويجب على المعارضة أن تعلن منذ الآن ما إذا كانت مستعدة لقيادة تغيير استراتيجي في موقف إسرائيل، وما إذا كانت أفعال قادتها ستكون على مستوى شجاعة الطيارين وذكاء رجال الاستخبارات.

العميد (احتياط) الدكتور إفرايم سنيه شغل منصب وزير ونائب وزير الدفاع في الحكومات الإسرائيلية، وقائد منطقة جنوب لبنان، ورئيس الإدارة المدنية في الضفة الغربية. وهو عضو في قيادة “قادة من أجل أمن إسرائيل”.