السياسي – متابعات
في خطوة علمية استثنائية، نجح فريق من العلماء في إعادة إنتاج تجربة فيزيائية حاسمة نُفذت لأول مرة عام 1938، كانت قد أُجريت بالصدفة على يد الفيزيائي آرثر جي. روهليغ في جامعة ميشيغان، وأسهمت لاحقاً في فتح آفاق غير مسبوقة في مجالي الأمن القومي والطاقة النووية.
وجاءت إعادة التجربة من خلال تعاون بحثي في مختبر “لوس ألاموس” الوطني، حيث تم تكرار أول تجربة اندماج نووي بين نظيري الهيدروجين: التريتيوم والديوتيريوم، والمعروفة بتفاعل DT، باستخدام تقنيات حديثة لرصد النيوترونات، ما سمح للعلماء بفهم أعمق للعملية التي وُصفت بأنها “عرضية لكنها مؤثرة بعمق”.
وأوضح مارك تشادويك، المدير المساعد لعلوم الحوسبة والنظرية في مختبر لوس ألاموس، أن النتائج الجديدة أكدت صحة استنتاجات روهليغ الأساسية، مضيفاً: “لقد ساعدنا تكرار التجربة في تفسير عمله وفهم قيمته العلمية، وما توصل إليه كان دقيقاً نوعياً، خاصة حين أشار إلى الاحتمالية العالية لاندماج الديوتيريوم والتريتيوم”.
ورغم أن روهليغ بالغ في تقدير نسبة نواتج النيوترونات الناتجة عن هذا الاندماج، مقارنةً بما أظهرته الحسابات النظرية الحديثة، فإن بصيرته قادت لاحقاً إلى اعتماد هذا التفاعل في مشاريع حيوية، من بينها برنامج “مانهاتن” الأمريكي، وتجارب أجهزة “توكاماك” المتطورة لإنتاج الطاقة النظيفة، وفقاً لما ورد في “إنتريستنيغ إنجينيرينغ”.
اندماج DT.. وقود المستقبل
تقوم آلية اندماج التريتيوم والديوتيريوم على دمج نواتي نظيري الهيدروجين لإنتاج نواة هيليوم ونيوترون حر، وهو تفاعل يُنتج كميات هائلة من الطاقة، ويُعد من أكثر تفاعلات الاندماج النووي كفاءةً من الناحية التجريبية.
وتسعى الأبحاث الحديثة في هذا المجال إلى تطوير مفاعلات اندماج قادرة على توفير طاقة نظيفة وآمنة، تمثل بديلاً مستداماً لمصادر الوقود الأحفوري.
علم عرضي.. غيّر العالم
لم تكن ملاحظة روهليغ سوى لحظة عابرة في مختبر جامعي، لكنها تحولت بمرور الزمن إلى نواة تفاعل غيرت مجرى فيزياء الطاقة الحديثة، وأرست أسس التطوير المستقبلي لأحد أهم الحلول الواعدة لأزمة الطاقة العالمية.